العالم يستعد لـ«يوم تحرير» الرسوم الجمركية الأمريكية

من المتوقع أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قائمة جديدة من الرسوم الجمركية اليوم الأربعاء، مما يزيد من حدة الحرب التجارية التي ضربت الأسواق المالية وزادت من حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأمريكي.

ومع صدور قرارات الرئيس ترامب تنتهي القواعد التجارية القائمة منذ عقود مع شركاء أمريكا التجاريين، في خطوة من المرجح أن تُقابل برد من جميع الأطراف وتؤدي إلى زيادة التكاليف.

ولا تزال تفاصيل خطة ترامب المقرر الكشف عنها اليوم الأربعاء الذي أطلق عليه "يوم التحرير" قيد الصياغة وتعقد اجتماعات مكثفة قبل مراسم الإعلان بالبيت الأبيض المتوقع إقامتها في الساعة الرابعة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (20:00 بتوقيت غرينتش).

• «خطة قوية» للرد.. تحذير أوروبي أخير لواشنطن قبل تطبيق رسوم ترامب
• الخطر يحاصر المبنى الأنيق في جنيف.. أصداء رسوم ترامب تهدد مسيرة 30 عاما

وأعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن ترامب لا يزال يضع اللمسات الأخيرة على رسوم "يوم التحرير"، والتي سيتم الإعلان عنها من حديقة الورود.

صرحت كارولين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحفيين: "إنه مع فريقه المعني برسوم التجارة حاليًا، ويضع اللمسات الأخيرة لضمان أن تكون هذه صفقة مثالية للشعب الأمريكي والعامل الأمريكي". وأضافت: "سيُسجل يوم 2 أبريل/ نيسان 2025 كأحد أهم الأيام في التاريخ الأمريكي الحديث".

وأضافت أن إجراءات ترامب ستُحسّن القدرة التنافسية الأمريكية في الصناعة وتُقلل من العجز التجاري للبلاد.

يوم الأحد، صرّح المستشار التجاري للبيت الأبيض، بيتر نافارو، بأنه يتوقع أن تُحقق الرسوم الجمركية إيرادات بقيمة 6 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة. ولكن لأن المستهلكين يتحملون وطأة ارتفاع التكاليف، يقول الخبراء إن الرسوم الجمركية قد تُمثّل أكبر زيادة ضريبية في زمن السلم في تاريخ الولايات المتحدة.

تفاصيل رسوم ترامب

لم يُقدّم ترامب سوى تفاصيل قليلة حول الرسوم الجمركية التي يُخطط للإعلان عنها، على الرغم من أن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت أنه قد يفرض رسومًا جمركية ثابتة بنسبة 20% على معظم الشركاء التجاريين. كما قد يفرض المزيد من الإجراءات الخاصة بقطاعات مُحددة.

حتى الآن، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على منتجات الصلب والألمنيوم، ورسومًا جمركية بنسبة 25% على السيارات وقطع غيار السيارات، ورفع الرسوم الجمركية على جميع الواردات الصينية بنسبة 20%. ومن المقرر أيضًا أن ينتهي هذا الأسبوع التأجيل المُمتد لمدة شهر على الرسوم الجمركية على السلع من المكسيك وكندا، ورسومًا جمركية بنسبة 10% على بعض مصادر الطاقة الكندية.

ردّ شركاء أمريكا التجاريون بفرض رسوم جمركية انتقامية.

صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في خطاب ألقته يوم الثلاثاء: "لم تبدأ أوروبا هذه المواجهة. لا نرغب بالضرورة في الرد، لكن لدينا خطة محكمة للرد إذا لزم الأمر".

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية يوم الإثنين أن بكين تسعى للرد بشكل مشترك على الرسوم الجمركية مع اليابان وكوريا الجنوبية. ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين يابانيين وكوريين قولهم إنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن اتخاذ إجراء منسق مع الصين، لكن الدول الثلاث عقدت مناقشات تجارية خلال عطلة نهاية الأسبوع.

حتى الآن، لم تتأثر منطقة الشرق الأوسط بخطط ترامب للرسوم الجمركية، لكن المنطقة لا تزال معرضة للتأثر بشكل غير مباشر.

وقال محللون إن الرسوم الجمركية على الألومنيوم والصلب سيكون لها تأثير محدود على صادرات منطقة الخليج. في غضون ذلك، قد تواجه دول المنطقة التي ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي سياسات نقدية أكثر تشددًا بسبب إبقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة مرتفعة. وقد يؤدي هذا إلى تثبيط الاستثمار في القطاع الخاص وخفض النمو الاقتصادي الحقيقي، وفقا لتحليل أجرته شركة ستاندرد آند بورز جلوبال.

الأسواق تتأهب للتداعيات

أحدثت قضية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب فوضى عارمة في الأسواق العالمية، حيث يرى معظم الاقتصاديين أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع التضخم وانخفاض النمو الاقتصادي. وكان ترامب قد صرح سابقًا أن الرسوم الجمركية ستسبب "اضطرابًا طفيفًا"، لكنها ستؤدي إلى زيادة الإنتاج الأمريكي.

يشهد مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وناسداك المركب أسوأ أداء ربع سنوي لهما منذ عام 2022، حيث انخفضا بنسبة 4.01% و9.5% على التوالي خلال العام حتى الآن. كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.95% منذ 31 ديسمبر/ كانون الأول.

وقد رفعت كل من غولدمان ساكس وجيه بي مورغان وبيمكو من احتمالية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة هذا العام بسبب حالة عدم اليقين المستمرة بشأن الرسوم الجمركية.

وقالت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إن تراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين قد يُضعف آفاق النمو، على الرغم من أنه ليس "دراماتيكيًا" حتى الآن. ومع ذلك، صرح الصندوق الأسبوع الماضي بأنه لا يتوقع ركودًا اقتصاديًا في الولايات المتحدة.

ويُقيّم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاعٍ مؤقتٍ في التضخم، أم أن هذا التأثير سيكون أطول أمدًا.

صرح رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الشهر الماضي: "قد يكون من المناسب أحيانًا النظر إلى التضخم من منظورٍ مُعمّق إذا كان سيختفي بسرعةٍ دون أيِّ إجراءٍ من جانبنا، أو إذا كان مؤقتًا. وقد يكون هذا هو الحال في حالة تضخم الرسوم الجمركية".

تأتي حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية في ظلِّ استمرار التضخم فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. ومع ذلك، لا يزال متوسط ​​توقعات مسؤول الاحتياطي الفيدرالي بأن يُجري البنك المركزي خفضين لأسعار الفائدة هذا العام لخفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى حوالي 3.9%.

وقال اقتصاديون في بنك الاحتياطي الاتحادي في أتلانتا إن استطلاعا حديثا أظهر أن كبار المسؤولين الماليين في الشركات يتوقعون أن تدفع الرسوم الجمركية أسعارهم للارتفاع هذا العام، مع تقليص التوظيف والنمو.

وباع مستثمرون قلقون الأسهم بكثافة على مدى أكثر من شهر، مما أدى إلى خسارة ما يقرب من خمسة تريليونات دولار من قيمة الأسهم المدرجة في الولايات المتحدة منذ منتصف فبراير/ شباط. وأغلقت بورصة وول ستريت على أداء متباين أمس الثلاثاء في ظل ترقب المستثمرين المشوشين لتفاصيل إعلان ترامب اليوم الأربعاء.

وانخفضت الأسهم الأوروبية اليوم الأربعاء وسط ترقب المستثمرين لرسوم جمركية أمريكية مضادة ربما تؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي وارتفاع التضخم.

وبحلول الساعة 11:12 بتوقيت أبوظبي انخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.5%.

فرنسا: أوروبا سترد

قال وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي اليوم الأربعاء إن أوروبا سترد بشكل متناسب على الرسوم الجمركية التي سيفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكنها لن تصعد التوتر تحت أي ظرف من الظروف.

وقال فيراتشي لإذاعة (آر.إم.س): "أوروبا دائما مع التفاوض وتهدئة الأمور، لأن الحروب التجارية، كما تعلمون، لا تفضي إلا إلى خاسرين".