ليبيا على أجندة ترامب.. استراتيجية تحددها ثنائية بوتين والنفط
تتجه الأنظار نحو تحركات الإدارة الأمريكية المقبلة برئاسة دونالد ترامب لحل أزمات الإقليم، على رأسها الأوضاع في ليبيا.
وتواجه ليبيا تحديات سياسية وأمنية معقدة، ورأى خبراء أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد تسعى إلى اتباع استراتيجية شاملة تجمع بين الحلول السياسية، ودعم المؤسسات الوطنية، والحد من التدخلات الأجنبية.
لكن يبقى السؤال.. عما إذا كان بإمكان الإدارة الجديدة تحقيق اختراق في هذا الملف الشائك، أم أن العقبات المحلية والدولية ستظل تحديا أمام الاستقرار في ليبيا؟
حلول جذرية
وقال الكاتب والباحث السياسي الليبي محمد أمطيريد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الكثيرين يترقبون تنصيب ترامب بعد غد، على أمل أن يتم حلحلة بعض الملفات المعقدة، خاصة الأزمة في ليبيا.
وأشار أمطيريد إلى وجود إشارات وتلميحات عبر بوابات سياسية ومنصات إعلامية مقربة من ترامب تشير إلى احتمالية تقديم حلول جذرية، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع روسيا، إذ يبدو أن ترامب يمتلك نوعا من التوافق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح أمطيريد أن إدارة ترامب قد تعمل على تعزيز وجود الجيش الوطني الليبي في المناطق الحدودية المهمة، ما قد يسهم في حلحلة المشهد السياسي جزئيا، وأضاف أن ترامب أظهر في ولايته الأولى دعما واضحا للقيادة العامة للجيش الليبي، ومع ذلك فإن الوضع اليوم يختلف، حيث أصبح الملف الليبي ذا أولوية أعلى بالنسبة للولايات المتحدة، وهو ما يظهر من خلال إرسال المسؤولين الأمريكيين إلى مختلف المناطق الليبية ولقاءاتهم مع قيادات من الشرق والغرب لوضع خطط عمل محددة.
وأشار إلى أن إدارة ترامب قد تضغط لتغيير الحكومة الليبية الحالية، وتفعيل خطط لدمج المليشيات المسلحة ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية، ما يسهم في إنهاء التوترات التي دعمتها الإدارة الديمقراطية خلال فترة الرئيس جو بايدن.
ورجح أن يدفع ترامب في اتجاه إجراء انتخابات برلمانية في أقرب وقت ممكن، معتبرا أن العلاقة القوية التي تجمع ترامب مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تكون مفتاحا لحل الأزمة الليبية جزئيا.
وقال "هذا التحالف الثلاثي يمكن أن يسهم في وضع آليات سياسية وعسكرية تُفضي إلى استقرار المنطقة"، متوقعا أن تركز إدارة ترامب بشكل أكبر على الشرق الأوسط، مع العمل على تهدئة الأزمات في شمال أفريقيا، بما في ذلك الملف الليبي.
مسألة استراتيجية
واتفق القيادي بالحزب الجمهوري بولاية فرجينيا الأمريكية مالك فرانسيس مع أمطريد، في أن ترامب سيتدخل لتحقيق السلام في ليبيا، وقال في حديث لـ"العين الإخبارية" إن احتمال استقرار ليبيا ليس مجرد مسألة إنسانية بل استراتيجية أيضا بالنسبة للولايات المتحدة، لافتا إلى أن شركات النفط الأمريكية وأصحاب المصالح الاقتصادية الأخرى يضغطون على الإدارة القادمة لإعطاء الأولوية لاستقرار ليبيا.
وشدد على أن السلام في ليبيا سيضمن تدفقا مستقرا لصادرات النفط ويقلل من خطر الإرهاب، ويضعف نفوذ القوى المنافسة مثل روسيا والصين في شمال أفريقيا، لافتا إلى أن الشركات الأمريكية، خاصة تلك العاملة في قطاع الطاقة، تعتبر أن احتياطيات ليبيا النفطية الهائلة فرصة كبيرة لها، ولكن هذه المصالح الاقتصادية تعتمد على تشكيل حكومة موحدة وآمنة قادرة على إدارة موارد البلاد بفاعلية.
مبادرة مرتقبة
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة إذا تمكنت من التعامل مع الفصائل المتحاربة في ليبيا وداعميها الدوليين بفاعلية، فقد يكون هناك أمل في تحقيق تقدم، موضحا أن إدارة ترامب قد تطرح مبادرة تُركز على عدة استراتيجيات رئيسية، منها التفاوض على اتفاقيات لتقاسم السلطة تسمح بجمع الفصائل المتنازعة لتشكيل حكومة موحدة، وتأمين البنية التحتية النفطية، إذ يتم ضمان تشغيل الحقول والموانئ النفطية في ليبيا تحت سلطة مركزية، ومكافحة الإرهاب باستهداف الجماعات المتطرفة مثل "داعش" و"القاعدة" للقضاء على مهددات استقرار ليبيا، وأخيرا تقليل التدخل الخارجي بالضغط على الجهات الفاعلة لاحترام سيادة ليبيا.
ولفت إلى أنه على الرغم من تفاؤل ترامب فإن الطريق نحو السلام في ليبيا مليء بالتحديات، فعدم الثقة العميق بين الفصائل المتنازعة، ووجود مليشيات مسلحة، ومصالح دولية متضاربة، تجعل الوضع شديد التعقيد، مؤكدا إذا تمكنت الإدارة القادمة بقيادة ترامب من الوفاء بوعدها بإحلال السلام فقد يمثل ذلك نقطة تحول بالنسبة لليبيا ويعزز المصالح الاستراتيجية الأمريكية في شمال أفريقيا.
دعم المبعوثة الأممية
بدوره، أكد الخبير الإيطالي دانييلي روفينيتي أنه من المحتمل أن يستمر ترامب في النهج الحالي لإدارة بايدن، المتمثل في تقديم دعم قوي للمبادرة التي تقودها المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز.
وقال روفينيتي، في حديث لــ"العين الإخبارية"، أن تدخل ترامب قد يضيف زخما جديدا للعملية، على غرار دوره في تحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، مشيرا إلى أنه من المهم تعزيز انخراط الولايات المتحدة في الملف الليبي.
وأوضح أن العلاقة بين ترامب ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قد تلعب دوراً مهماً في تعزيز التنسيق بين الدعم الأمريكي والجهود الإيطالية لتحقيق استقرار ليبيا.
ليبيا ليست أولوية
ويخالف عضو المؤتمر الوطني السابق الدكتور عبدالمنعم اليسير رأي الخبراء، إذ يرى أن ليبيا ليست من ضمن أولويات ترامب لكي يُحدث أي تغيير في وضعها الحالي، كما أن أمريكا ليس بيدها الحل كما يعتقد المراقبون.
وقال اليسير، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه لا يعتقد أن ترامب سوف يغير شيئا، لأن العائق الأساسي لإجراء الانتخابات وتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا هو الصراع على السلطة والسيطرة على المال العام، وليس التدخلات الدولية كما يروج البعض.
aXA6IDEzLjU4LjM5LjE2NiA= جزيرة ام اند امز