المليشيات و"لعنة" القذافي تحولان تاورغاء لمدينة أشباح
مسلحو مصراتة منعوا عودة الأهالي المهجرين
اتهامات تلاحق أهالي مدينة تاورغاء الليبية بالوقوف في صف الزعيم الليبي الراحل إبان أحداث 11 فبراير.
اتهامات تلاحق أهالي مدينة تاورغاء الليبية بالوقوف في صف الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، إبان أحداث 11 فبراير/ شباط عام 2011، التي ينظر إليها كثيرون باعتبارها "وصمة عار" على جبينهم لا تمحى.
وفي الوقت الراهن، يعيش الآلاف من أهالي تاورغاء التي تحولت إلى مدينة أشباح "أزمة إنسانية" إثر منعهم من الرجوع إلى ديارهم، وإجبارهم على الإقامة في الصحراء، وفقا لتقرير نشرته وكالة "بلومبرج" يرصد معاناتهم.
معاناة 7 سنوات
قرابة 40 ألف شخص بينهم رجال ونساء وأطفال، يعيشون في مجموعة من المخيمات التي طوى أغلبها النسيان في جميع أنحاء ليبيا، ظلوا ينتظرون طيلة 7 سنوات للعودة إلى ديارهم.
ولا ينتمي سكان تاورغاء إلى المهاجرين الفقراء الذين يعبرون ليبيا في رحلاتهم المميتة نحو اللجوء إلى أوروبا، ولكنهم أفراد أقلية عرقية استعان بها القذافي لخوض بعض أكثر المعارك وحشية إبان أحداث عام 2011 قبل أن ينتهي بهم المطاف إلى الجانب الخاسر.
غير أن اتفاق المصالحة الذي أبرم لإنهاء محنتهم، ويكون نموذجا للنزاعات المستعصية الأخرى في ليبيا، تعثر الأسبوع الماضي وسط اندلاع لأحداث العنف.
وكان من المقرر عودة الآلاف من أهالي تاورغاء، مطلع فبراير/شباط الجاري إلى مدينتهم، غير أن ممثلين مدنيين وعسكريين من مصراتة عارضوا عودتهم لليوم السابع على التوالي.
وكان ذلك، وفقا لوكالة "بلومبرج" بمثابة تذكير لافت بالعداءات العميقة التي أحبطت الجهود التي تقودها الأمم المتحدة، من أجل إعادة توحيد البلد الممزق، وهو منتج رئيسي للنفط استغل فيه الإرهابيون والجماعات المسلحة المتناحرة انتشار الاضطرابات والفوضى.
"حالنا لا يسر عدوا أو حبيبا"، بهذه الكلمات عبر عماد جاب الله، عن المأساة، بينما كان يقف وسط مجموعة من أقرانه من مهجري تاورغاء الذين ناموا في الصحراء الأسبوع الماضي، بعد أن شجعهم اتفاق المصالحة الذي طال الحديث عنه على العودة إلى موطنهم، قادمين من ملجأهم في ضواحي طرابلس، العاصمة.
قطع الطريق
أثار الاتفاق الذي وقع في البداية بين ممثلي مصراتة وتاورغاء في منتصف عام 2017 آمالا في التوصل إلى حل، قبل أن ينهار الأسبوع الماضي عندما أحرقت جماعات مسلحة الإطارات على الطريق الرئيسي الذي يربط بين المدن وأضرمت النيران في المباني.
في السياق ذاته، قال ولفرام لاشر، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، في تغريدة على "تويتر": إن العديد من جوانب معضلة ليبيا ظهرت جلية في محاولة عودة سكان تاورغاء ورد فعل الجماعات المسلحة في مصراتة.
وعدد أزمات ليبيا، قائلا: "عجز الحكومة وغطرستها. الانقسامات الداخلية في مصراتة؛ المهارة التي يستغل بها المفسدون المظالم لأهدافهم الخاصة".
من جانبه، أدان المجلس الرئاسي، لجنة القيادة في الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، العنف، واتهم المسؤولين بتعميق الفوضى في ليبيا.
تاريخ من الرق
وفي عطلة نهاية الأسبوع، احتج بعض أفراد أكبر تجمع لسكان تاورغاء خارج طرابلس في بنغازي، مما يؤكد التوترات، وهتفوا: "تاورغاء تنتظرنا!".
وقال جاب الله، الذي كان مثل العديد من التاورغائيين، ينحدر من سلالة العبيد السود الذين جلبوا منذ قرون مضت: "لقد تنازلنا عن كل شيء للحصول على هذا الاتفاق مع مصراتة، وصدمنا لرؤية أنهم استخدموا الأسلحة لتهديدنا".
وأشار إلى أنه لم يقاتل خلال أحداث فبراير/شباط، وتم القبض عليه عندما سقطت تاورغاء بأيدي مسلحي مصراتة، وشهد عمليات إعدام دون محاكمات، وأمضى عاما في السجن، وعندما أطلق سراحه توجه إلى بنغازي ثم طرابلس.
ضحايا القذافي
استغل القذافي حالة الضيق السائدة بين سكان تاورغاء إزاء وضعهم الاجتماعي لإقناعهم بأن بقاءهم مرتبط به، فأيد الكثيرون نظامه ثم قاتلوا للحفاظ عليه.
ويقول المصراتيون إنهم ارتكبوا جرائم خطيرة خلال الحصار الذي استمر 4 أشهر، بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب، وفي طرابلس والمناطق الغربية الأخرى، تعرض التاورغائيون للاعتداءات والاعتقالات والمضايقات، في المقام الأول من قبل مليشيات من مصراتة.
وعلى الرغم من عودة عائلة جاب الله إلى المخيم، لكنه يعتزم التوجه إلى الصحراء، ويقول: "إما أن نموت هناك أو نعود إلى ديارنا، لقد اكتفينا من حياة الإذلال هذه".