خبراء: أردوغان فشل في إقحام تونس بالأزمة الليبية
الرئيس التركي زعم أنه تم التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وتونس يقتضي تقديم الدعم اللازم إلى ليبيا من أجل استقرارها
قال خبراء ومحللون سياسيون ليبيون، إن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس، أمس الأربعاء، فشلت في تحقيق أهدافها وإقحامها في الأزمة الليبية.
وزعم الرئيس التركي في تصريحات له، أنه تم التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وتونس يقتضي تقديم الدعم اللازم إلى ليبيا من أجل استقرارها، وهو ما نفته الرئاسة التونسية جملة وتفصيلا.
وقال أردوغان بعد عودته من تونس مساء أمس الأربعاء، إن بلاده سترسل قوات إلى ليبيا وستستجيب لطلب طرابلس إرسال قوات تركية لمواجهة الجيش الليبي، مؤكدا أنه سيعرض مشروع قانون بخصوص هذا الشأن على البرلمان، في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وتأتي تصريحات أردوغان بعد زيارة مفاجئة إلى تونس أمس الأربعاء، التقى خلالها الرئيس التونسي قيس سعيد، والتي قال عنها أردوغان إنها "تأتي لمناقشة المسألة الليبية بكل أبعادها".
في حين قالت مصادر ليبية إن زيارة أردوغان إلى تونس كانت لإقناع قيس سعيد بالسماح للطائرة العسكرية التركية - A400m بالهبوط في مطار مطماطا العسكري القريب من الحدود مع ليبيا من ناحية معبر "ذهيبة" وعلى متنها معدات عسكرية لحكومة فايز السراج، وهو ما رفضته الرئاسة التونسية، بحسب المصادر.
ووجهت أحزاب المعارضة التونسية وبعض الشخصيات انتقادات حادة للرئيس التونسي لإقحام بلاده في خطة أردوغان لتخريب ليبيا والدفع بتونس في محاور وتجاذبات دولية أو إقليمية تمس السيادة الوطنية والأمن القومي للبلاد، وحذروا من الأبعاد الاستراتيجية لزيارة أردوغان وانعكاساتها على الحياد التونسي من الأزمات العربية.
استهداف ليبيا من تونس
وقال المحلل السياسي الليبي محمد الراجحي إن زيارة أردوغان إلى تونس تستهدف الأمن القومي في ليبيا بشكل مباشر، خصوصا أن الرئيس التركي اصطحب معه وزير دفاعه ورئيس مخابراته.
ولفت الراجحي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "اللقاء ضم وفد أردوغان ومجموعة راشد الغنوشي الإخوانية بجانب عصابات مصراتة الحاكمة في طرابلس".
وأوضح المحلل السياسي الليبي أن تونس تقع بين رغبة وتوجهات راشد الغنوشي وتنظيمه الإخواني، وبين غضب دول أوروبية لا تتحمل البلاد فاتورة غضبها، خصوصا فرنسا وإيطاليا، التي يمكن أن تتخذ تدابير بما فيها غلق المنافذ البرية والجوية والبحرية.
وأكد أن القيادة العامة للجيش الليبي جاهزة لكل الاحتمالات بقوات احتياط كافية لمعالجة أي موقف ينتج عن هذا اللقاء المشبوه، والذهاب عند الضرورة إلى أقصى وأقسى التدابير.
سحب الأنظار
من ناحية أخرى، قال مصدر أمني ليبي إن تحركات أردوغان الأخيرة وتصريحاته في كل اتجاه تأتي في إطار سحب الأنظار بعيدا عن خططه الحقيقية التي يأتي من ضمنها إدخال عناصر إرهابية من بعض الدول الأفريقية مثل حركة الشباب الصومالية.
وتعد حركة الشباب الصومالية، بحسب المصدر الأمني الليبي، أخطر التنظيمات الإرهابية في أفريقيا، التي أشرفت قيادات عسكرية تركية على تدريب عناصرها في القاعدة التركية بالصومال، بالإضافة إلى جماعة أنصار الحق الارهابية في مالي.
ويضيف المصدر أن تركيا أرسلت أكثر من ٢٣ إرهابيا آسيويا إلى دولة النيجر، إضافة إلى العناصر الإرهابية التي تفرقت جنوبي ليبيا، وتسربت إلى الدول المجاورة بعد قيام الجيش الليبي بعملية فرض القانون مطلع يناير/كانون الثاني 2019.
وأشار إلى أن هذه العناصر تعمل على ترميم صفوفها بدعم تركي قطري، وبعضها ما زال موجودا في أقاصي الجنوب الليبي بحوض مرزق وجبال تبيستي.
وكشف المصدر أن الأجهزة الاستخباراتية الليبية رصدت خلال اليومين الماضيين تحركات لبعض هذه العناصر بمنطقتي تراغن وأم الأرانب جنوب ليبيا.
وأمس الأربعاء، ألقت الإدارة العامة للأمن الوطني في النيجر الحدودية مع ليبيا، القبض على 3 عناصر إرهابية يحمل اثنان منهما الجنسية التركية، ومعهما متعاون محلي من مواطني النيجر.
وقال مصدر أمني في النيجر إن الإرهابيين وصلا في رحلة للخطوط التركية مقبلة من إسطنبول، وتشتبه في تقديمهم دعماً لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، ويرجح مراقبون أن تكون للمعتقلين علاقة بجهات تركية تقدم تسهيلات لوجيستية وأسلحة للجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي وليبيا.
برلين قبل حسم معركة طرابلس
ويرى جمال شلوف رئيس مركز سلفيوم للدراسات والأبحاث الليبية أن هدف أردوغان الحقيقي هو الوصول إلى برلين قبل وصول الجيش الوطني الليبي إلى قلب طرابلس، ليتسنى لهم التفاوض حول عقود وديون ومصالح تركيا في ليبيا.
ولفت إلى أنه "إذا وصل الجيش الوطني الليبي إلى قلب طرابلس قبل اجتماع برلين فستكون تركيا هي حليف المهزوم المدحور، ولن تمتلك أي ورقة تفاوض سياسية أو عسكرية للحصول على أي مكتسب اقتصادي وسيكون وجودها في برلين والعدم سواء".
ومن المقرر عقد مؤتمر برلين في يناير/كانون الثاني المقبل للدول المعنية بالشأن الليبي بمشاركة البعثة الأممية إلى ليبيا والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وذلك لإيجاد حل جذري للازمة الليبية بالقضاء على المليشيات المسلحة ونزع سلاحها.
وأوضح جمال شلوف في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن زيارة أردوغان لتونس رفقة وزير دفاعه ورئيس مخابراته، تأتي في إطار المناورة ليس أكثر وهذا سبب علنية الزيارة.
وقال إن "الزيارة إذا كانت تهدف إلى تدخل عسكري عبر تونس لكان أردوغان حافظ على السرية لتحقيق مكاسب أكبر".
وعدّها شلوف محاولة دعم معنوية لعناصر المليشيات المسلحة في محاور طرابلس، وأن هناك تدخلا تركيا وشيكا ليدفعهم إلى الصمود والانتحار لمنع تقدم الجيش الوطني إلى قلب العاصمة لأطول فترة ممكنة، خصوصا أن هناك نقصا شديدا في الذخائر والتجهيزات للمليشيات في المحاور بعد انكفاء مليشيات مصراتة داخل مدينتهم واحتكارهم الدعم تحسبا للسيناريو الأسوأ.
من زاوية أخرى، قال المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني، إن أردوغان "يعلم جيدا استحالة موافقة الدولة التونسية على توريطها في ضرب ليبيا، لعدة أسباب أهمها عدم قدرتها على معاداة أوروبا".
ولفت فرجاني إلى أن تونس لن تخاطر بنفسها في ظل ظروفها الاقتصادية الحرجة، حيث من الممكن أن تتعرض لعقوبات اقتصادية دولية إذا شاركت في ضرب ليبيا عبر أراضيها.