"عرين الأسود".. 30 رقما جديدا في معادلة الفصائل الفلسطينية
تتخذ مجموعة يطلق عليها "عرين الأسود" من مدينة نابلس في شمالي الضفة الغربية، منطلقا لها ولكن تأثير نشاطها وصل إلى باقي كل المنطقة الفلسطينية.
وحتى ما قبل عدة أشهر لم يكن اسم "عرين الأسود" معروفا، لا في فلسطين ولا إسرائيل، ولكن أعضاءها باتوا نجوما، وإن كانوا غير معروفين لالتزامهم السرية في عملهم.
وغطت المجموعة، التي تضم شبانا مسلحين غالبيتهم من حركة "فتح" وبينهم أعضاء من "حماس"، على باقي التنظيمات الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية لـ"العين الإخبارية" إن أجهزة الأمن في الضفة الغربية حاولت في الأسابيع الأخيرة إقناع أعضاء المجموعة بترك أسلحتهم، ووقف العمليات ولكن بدون جدوى.
وأشار المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، إلى أن "السلطة الفلسطينية تخشى خروج الأمور بالضفة الغربية من تحت السيطرة، ولذلك سعت إلى الوصول لاتفاق مع هذه المجموعة، من شأنه حمايتهم من الاغتيال الإسرائيلي".
ولكن "عرين الأسود" أبعد ما يكون تنظيما هرميا يتلقى التعليمات من قيادة ويعتمد أساسا في نيل شهرته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة "تيك توك" الذي قرر، السبت، إغلاق حسابهم بطلب إسرائيلي.
ولم تشتبك المجموعة مع الأمن الفلسطيني، ولكنها كثيرة الاشتباك مع الجيش والمخابرات والمستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية.
وقالت القناة الإسرائيلية (13): "في أقل من عام، تحولوا من منظمة ثانوية، تكاد لا تذكر إلى منظمة تؤثر اليوم على الأرض أكثر من جميع المنظمات المعروفة، وتهدد أمن الإسرائيليين واستقرار السلطة الفلسطينية".
وقدر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس أعداد المجموعة بنحو 30 مسلحا، متعهدا في مقابلة صحفية بالقضاء عليهم.
تهديد إسرائيلي
جانتس وخلال مقابلة مع موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي، لخص معلوماته حول المجموعة المسلحة، مهددا إياها بالقول: "عرين الأسد هي مجموعة من حوالي 30 عضوًا. سنكتشف كيف نصل إليهم، وسنقضي عليهم... سيتم تفكيك هذه المجموعة وآمل أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن".
كما ذكر نفس المسؤول في مقابلة مع قناة "كان" الإسرائيلية، الإجراءات الأمنية تحسبا للمجموعة، قائلا: "نتواجد في أنشطة عسكرية بأحجام كبيرة، و50 % وحتى أكثر من ذلك، من قوات الأمن الحالية في الجيش تعمل في الضفة والقدس الشرقية".
وأعلنت "عرين الأسود" تنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق نار على مستوطنين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة.
واغتال الجيش الإسرائيلي واعتقل عددا من عناصر "عرين الأسود" ولكن ذلك زادها قوة بانضمام المزيد من الشبان الفلسطينيين خاصة في نابلس وجنين إليها.
وامتد تأثيرها لتنفيذ عمليات إطلاق نار في وسط الضفة الغربية تخشى إسرائيل من أن تنتقل بسرعة إلى جنوبي الضفة الغربية، في بيت لحم والخليل.
وتعليقا على خطورة "عرين الأسود" قال محلل الشؤون العسكرية الإسرائيلي، ألون بن دافيد، بمقال في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: "أصبحت مجموعة "عرين الأسود" من نابلس في الأيام الأخيرة لا تنجح فقط في خلق سلسلة مستمرة من الهجمات المميتة، بل تشع وتثير العنف في جميع المناطق في الضفة الغربية وحتى في القدس".
وأضاف، في المقال الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية": "كانت أدوات وسائل التواصل الاجتماعي هي التي جعلت هذا التطور المتسارع ممكنًا".
بن دافيد أردف أنه "عندما انتهى بهم المطاف في بداية العام، تحت اسم كتائب نابلس، كان يُنظر إليهم على أنهم أكثر بقليل من ضجة مزعجة، مجموعة من النشطاء الشباب من نابلس بدأوا بتنفيذ عمليات إطلاق نار ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة نابلس".
نجم المجموعة
وتابع: "لم يكونوا ينتمون إلى أي من التنظيمات الفلسطينية التقليدية. في إسرائيل، اعتقدوا أنهم إذا أصيبوا بدقة وأن الضجة ستتوقف عند ضربة واحدة عندما تم توجيه هذه الضربة في فبراير/شباط بقتل ثلاثة من مؤسسي المجموعة في عملية قام بها الجيش الإسرائيلي في قلب نابلس، لم يكن معهم زعيم المجموعة إبراهيم النابلسي، ونجا من مصير مشابه".
وأضاف: "كان النابلسي يبلغ من العمر 18 عامًا فقط، وقد سارع إلى إدراك الفرصة التي أتت في طريقه لتلبية رغبة معظم أقرانه والفوز بلقب "نجم الشبكة".. بدأ النابلسي في شن هجمات تيك توك، وقد صور نفسه وهو يطلق النار مرارًا وتكرارًا على مواقع الجيش الإسرائيلي، في معظم الحالات كان إطلاق نار غير فعال، ولكن كان كافياً لشخصيته أن تبدأ في كسب المعجبين على الشبكة".
وتابع: "سرعان ما تم التعرف على الإمكانات في وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية الراسخة، وبدأوا في تمجيد صورة الفتى الصغير ..في يوليو/تموز، تحرك الجيش الإسرائيلي وقتل اثنين منهم، لم يكن النابلسي هدفا للعمل، لكنه كان كافيا ليجعله أسطورة بطل متعدد النفوس".
ولفت إلى أنه بعد أسبوعين اغتال الجيش الإسرائيلي النابلسي "لكن الأسطورة بقيت، وسرعان ما ظهرت علامة جديدة: "عرين الأسود"، مجموعة قوامها حوالي 25 شابًا معظمهم علمانيون، ممن ارتبطوا في الماضي ب"فتح"، سعوا لمواجهة قوات الجيش الإسرائيلي عند دخولهم نابلس".
ما علاقة حماس بـ"‘عرين الأسود:؟
وقال: "قررت حماس، التي تم إحباط بنيتها التحتية في الضفة الغربية بشكل مستمر وفعال من قبل "الشاباك" الإسرائيلي، ركوب الموجة، واتصلت بـ"عرين الأسود" وعرضت التمويل".
وأشار إلى أنه "مثل هيكل الشبكة الاجتماعية، فهي ليست منظمة بالمعنى التقليدي للكلمة: فهي لامركزية، بدون تسلسل هرمي منظم أو مقر تنسيق".
يقول عنها بن دافيد في مقاله: "أدى تسلسل النجاحات إلى دخول المزيد من الوافدين الجدد، وفي إسرائيل أدركوا قبل شهر أن نابلس، وليس جنين، هي التهديد الأكثر أهمية، جنين، بكل ما فيها من عنف، لا توجد مستوطنات إسرائيلية بالقرب منها، ولا يوجد تقريبًا أي حركة للإسرائيليين على الطرق المحيطة بها، أما نابلس فهي بالفعل مدينة مركزية".
السلطة الفلسطينية -بحسب بن دافيد- استشعرت أيضا خطر "عرين الأسود" فبادرت إلى اعتقال القيادي في الجناح العسكري لحركة "حماس" مصعب اشتيه والذي كان أيضا رفيق النابلسي.
ويتابع بن دافيد: "قبل ثلاثة أسابيع، اعتقلت السلطة الفلسطينية زعيم المجموعة الجديد، مصعب اشتيه، وبدأ عناصره في عرين الأسود بمهاجمة مسؤولي السلطة في نابلس، وأضرب اشتيه نفسه عن الطعام في السجن، وأمرت محكمة فلسطينية بالإفراج عنه، لكن السلطة أصرت على ذلك، وظل اشتيه رهن الاعتقال الإداري في سجن أريحا الفلسطيني".
واعتبر بن دافيد أن "نجاحات عرين الأسود في الهجمات الأخيرة زادت من شهيتهم، واعتبارًا من هذا الأسبوع بدأوا في إصدار التعليمات لمناطق أخرى من الضفة الغربية والقدس. ولهم دور كبير فيما حدث في أحياء القدس الشرقية ليل الأربعاء، وينظر إليهم على أنهم تهديد لاستقرار المنطقة بأكملها".
وقال: "يعمل جهاز الشاباك الإسرائيلي على بناء صورة استخباراتية لكل فرد من أفراد المجموعة على أساس أنها بحاجة للتنظيف، حتى آخر أفرادها" بمعنى القضاء عليها.
ومن جهته قال إليؤور ليفي، مراسل قناة "كان" الإسرائيلية: "وصلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إنذارات ساخنة تفيد بنية مجموعات عرين الأسود بتفجير باصات تقل جنودا من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، عبر عبوات ناسفة وقد رصدت أجهزة الجيش مكالمات هاتفية عبر الجوال لبعض عناصر تلك المجموعات".