موهبة رسم المكفوفين أمر لا يتخيله الكثيرون، لكن فتاة صينية كفيفة تبلغ من العمر 16 عامًا أقامت معرضًا فرديًا.
أصيبت ليو شين مينغ بفقدان البصر مدى الحياة بعد 3 أيام من ولادتها، وأدى نقص المعلومات المرئية إلى سجن الطفلة الصغيرة في عالم مظلم، حتى "شاهدت" فيلمًا موصوفًا بكلمات في دار "سينما شينمو"، والتي كانت تشرح الأفلام للمكفوفين.
بدت ليو شين وكأنها ترى مشاهد غنية، وتشعر بمشاعر مختلفة للشخصيات بين الخطوط، وتقول: "لقد تواصلت مع سينما شينمو عندما كنت في الخامسة من عمري".
وتضيف القناة: "من خلال الاستماع إلى الأفلام هناك، شعرت أن العالم ليس رماديا بل ملونا، وعلى الرغم من أنني لا أستطيع الرؤية، يمكنني أن أسمع العالم بأذني وأشعر به من قلبي".
عندما كانت في الثامنة من عمرها، حاولت شين مينغ الرسم خلال مشاركتها في نشاط ثقافي لمساعدة المكفوفين، ومنذ ذلك الحين بدأ كل خيالها وعواطفها وقصصها تتلون.
الرسم بالخيال
تستخدم شين مينغ ألوانًا جريئة في أعمالها، وبسبب ضعفها البصري، لا يمكنها رسم أشكال لأشياء معينة، لكنها لا تزال تعبر عن العالم الذي تفهمه من خلال الألوان في أعمالها.
وتقول: "خلال مشاركتي في نشاط ثقافي لمساعدة المكفوفين، رسمت صورة، وفي ذلك الوقت وقعت في حب شعور الطلاء الذي يلتصق بيدي، مثل الكريم".
وتضيف: "سأرسم حسب مخيلتي، مثلا التفاح أحمر والثلج أبيض والأشجار خضراء. أحب الرسم وأتمنى أن أصبح رسامة في المستقبل. أريد من الجميع أن يعرف أن المكفوفين يمكن أن يكونوا فنانين أيضا".
دعم أسري
ولا يمكن فصل موقف شين مينغ الإيجابي والمتفائل تجاه الحياة عن أسرتها ذات المشاعر الدافئة، إذ منحها الحب والرفقة والدعم من والديها الشجاعة والقوة للاستمرار في أحلامها، وكلما أرادت الرسم سيرافقها والدها ليو شنغ قوه بصمت ويناولها ألوانا مختلفة وفقًا لاحتياجاتها.
ويقول والدها: "تحب شين مينغ الرسم كثيرًا، وغالبًا ما تقف هناك لساعات وترسم بلا كلل. أكون دائما بجانبها، وفي كل مرة أرى فيها تفانيها في الرسم، كنت أفكر، أنني بصفتي والدها، يجب على دعمها بالكامل ومرافقتها على طول طريق الرسم".
وفي أغسطس/آب 2022، أقامت شين مينغ معرضًا فرديًا في بكين، وكان أول معرض فردي للمراهقين فاقدي البصري في الصين.
معرض فني
وفي الآونة الأخيرة، أقامت شين مينغ معرضها الفردي الثاني، وضم أكثر من 50 قطعة من أعمالها، ورغم أنها لم تستطع رؤية روعة العالم إلا أنها كانت مفعمة بالإبداع وحرية العقل، وكانت الأعمال المعروضة ملونة وغنية بالطبقات ومؤثرة بصريًا للغاية.
ومن خلال المعرض الفني، لم يشاهد الجمهور أعمال شين مينغ الفنية فحسب، بل شهد أيضًا النظرة الحماسية العالية والموقف الواثق للمكفوفين في العصر الجديد.
مارست شين مينغ الفن من خلال أنشطتها الثقافية لمساعدة المكفوفين، واستخدمت الفن للتعبير عن عالمها. ومن التماس البقاء في مأزق الظلام إلى مطاردة الأحلام بإلهام من القلب، استخدمت ليو شين مينغ لوحاتها لتخبرنا أن جمال العالم ليس مرئيًا للعيون فقط، فالشمس ساخنة والمستقبل مشرق، وهي ترسم عالمًا ملونًا بفرشاة، وتنير نفسها ونفوس الآخرين بحبها للعالم.