جماهير ليفربول والملكية البريطانية.. قصة عداوة "تاريخية"
خلفيات تاريخية تحكم التوترات بين ليفربول والمؤسسة الملكية ببريطانيا تفسر صافرات الاستهجان من مشجعي نادي المدينة أثناء النشيد الوطني.
ففي كثير من الأحيان، يطلق مشجعو ليفربول صيحات استهجان عند عزف النشيد الوطني، ولهذا سبق أن حث المدير الفني للنادي يورجن كلوب الجماهير على احترام الوقوف دقيقة صمت حدادا على وفاة الملكة إليزابيث الثانية قبل مباراة دوري أبطال أوروبا، الثلاثاء، أمام نادي أياكس.
وطبقًا لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أطلقت جماهير "الريدز" صيحات الاستهجان عند عزف النشيد الوطني خلال نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي بالموسم السابق في ويمبلي.
عداء تاريخي
وأشارت إلى أن أي تكرار أو تصريح يقدم عليه المشجعون لا يجب أن يكون مفاجئا، إذ إنه يعتبر جزءًا من معارضة مشجعي النادي الممتدة منذ فترة طويلة تجاه المؤسسة الملكية.
وتعتبر مناسبات مثل نهائي الكأس المحلي، حيث عادة ما يعزف النشيد الوطني قبل انطلاق المباراة، فرصة للتعبير عن تلك الآراء، بحسب ما أوضحه الكاتب الرياضي توني إيفانز في تحليل سابق بصحيفة "الإندبندنت".
وأصبحت صيحات استهجان مشجعي ليفربول عند عزف النشيد الوطني منتشرة على نطاق واسع خلال الثمانينيات، وفي أثناء نقاش حكومة المحافظين لـ"التراجع المنظم" للمدينة، وتعزز بفشل الحكومة في أعقاب كارثة هيلزبره.
وأدت كارثة ملعب هيلزبره في عام 1989، حين لقي 96 مشجعاً مصرعهم بسبب تدافع خلال مباراة ليفربول ونوتنجهام فورست، في كأس إنجلترا، إلى تعزيز موقف مشجعي ليفربول غير الودي تجاه الحكومة والأسرة الحاكمة، وغير المتناغم معهما.
مطلب العدالة
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن ذلك الغضب ضد انعدام المساواة الاجتماعية والاقتصادية بالمدينة ذات الميول اليسارية وقاعدة المشجعين ظل على وضعه، وتواصلت صيحات الاستهجان عند عزف النشيد الوطني في كل مرة يلعب فيها ليفربول في ويمبلي.
وفي عهد الحكومة المحافظة خلال العقد الماضي، يشعر الكثيرون منهم أن الدولة ما زالت تخيب أملهم، ويعتقدون أن بنوك الطعام خارج أنفيلد وجوديسون دليل على اتساع أوجه انعدام المساواة.
ومع عودة ليفربول مجددا إلى ويمبلي من أجل نهائي الكأس، الأول في كأس الاتحاد الإنجليزي منذ 2006، وبالتالي فهي منصة للجماهير للتعبير عن إحباطهم من المؤسسة التي يعتقدون أنها تواصل خذلانهم وآخرين في شتى أنحاء البلاد.
وقبل مباراة ليفربول أمام أياكس الهولندي، الثلاثاء، كان هناك سؤال ملح أمام المدير الفني للنادي، والذي لم يكن عن أداء فريقه، بل عما إذا كان المشجعون سيحترمون الوقوف دقيقة حدادا على الملكة.
وعند سؤاله عن طلب النادي الوقوف دقيقة حدادا قبل المباراة، قال كلوب: "نعم، أعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح للقيام به. لكن لا أعتقد أن جماهيرنا بحاجة لأي نوع من النصيحة مني لإظهار الاحترام".
وأشار المدرب الألماني إلى اتحاد جماهير ناديه مع جماهير مانشستر يونايتد على ملعب أنفيلد الموسم الماضي دعما لكريستيانو رونالدو وعائلته بعد وفاة طفلهم الرضيع، قائلًا إن هناك العديد من الأمثلة "التي أظهر فيها رجالنا الاحترام المناسب".
سوابق
من جانبها، ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن بعض مشجعي ليفربول، في مايو/أيار، أطلقوا صيحات استهجان عند جملة "حفظ الله الملكة" قبل نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي في ويمبلي، كما أطلقوا صيحات استهجان ضد الأمير وليام عندما ظهر على أرض الملعب.
وأدان رئيس الوزراء آنذاك، بوريس جونسون، تلك الأفعال. وبعد المباراة، قال كلوب إنه لم يستمتع بما حدث، لكنه أيضًا أضاف: "من الأفضل دائما السؤال: لماذا يحدث ذلك؟ لن يفعلوا ذلك دون سبب".
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أنه كان للجماهير نفس التصرفات عند عزف النشيد الوطني بنهائي كأس كاراباو ونهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2012، موضحة أنها طريقة يعبر بها بعض من مشجعي النادي عن معارضتهم تجاه المؤسسة الملكية، وفرصة لفعل ذلك أمام الجمهور العالمي.
وذكرت "سي إن إن" أن ليفربول كانت مدينة عانت بشكل خاص خلال فترة تراجع التصنيع لاقتصاد المملكة المتحدة في السبعينيات والثمانينيات.
وفي عام 1981، أدت الأوضاع الاقتصادية المزرية، إلى جانب التوترات بين الشرطة والجالية الأفريقية الكاريبية، إلى أعمال شغب استمرت تسعة أيام بالمدينة.
وفي أعقاب تلك الاضطرابات، ناقشت حكومة مارجريت تاتشر "التراجع المنظم" للمدينة.
وخلال هذا العقد من حكم المحافظين، شعر سكان ليفربول بأنهم غرباء، منفصلين عن باقي البلاد، فضلا عن طريقة تعامل الدولة مع كارثة هيلزبره عام 1989، التي رسخت تلك المشاعر المناهضة للمؤسسة.
aXA6IDE4LjExOS4yNDguMjE0IA==
جزيرة ام اند امز