وسط جحيم لوس أنجلوس.. «سمكة الدلتا» تُشعل حريقًا بين ترامب ونيوسوم
تعيش مدينة لوس أنجلوس الأمريكية جحيمًا مستعرًا منذ أيام بعد اندلاع حرائق الغابات، لكن حريقًا آخر اشتعل في أروقة السياسة.
وبدا حاكم كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم، وكأنه يضع خلافه طويل الأمد مع دونالد ترامب جانبًا يوم الجمعة الماضي، حيث دعا الرئيس المنتخب لزيارة لوس أنجلوس ومعاينة الدمار الناجم عن حرائق الغابات والاجتماع مع المستجيبين الأوائل ورجال الإطفاء و«الأمريكيين» المتضررين.
- ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق لوس أنجلوس إلى 16 قتيلًا
- حرائق لوس أنجلوس.. مشاهير هوليوود يفتحون خزائن ملابسهم للمتضررين
وفي رسالة إلى ترامب، كتب نيوسوم: «بروح هذا البلد العظيم، يجب ألا نسيس المأساة الإنسانية أو ننشر معلومات مضللة من على الهامش».
وقال: «يستحق مئات الآلاف من الأمريكيين النازحين من منازلهم والخائفين على المستقبل أن يروا جميعًا أننا نعمل لصالحهم لضمان التعافي السريع وإعادة البناء».
لكن هذه الانفراجة لم تستمر سوى 24 ساعة، حيث اشتعل حريق سياسي بين الرجلين، حيث تبنى نيوسوم موقفًا أكثر حدة، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية في تحليل لها.
قصة المياه وسمكة الدلتا
ونيوسوم، وهو أحد الوجوه البارزة ديمقراطيًا والذي يسعى لإطلاق حملته الرئاسية لانتخابات 2028، رفض ادعاء ترامب بأن المياه «تُحجب عن جنوب كاليفورنيا لإنقاذ سمكة مهددة بالانقراض وهي سمكة الدلتا».
ووصف نيوسوم رسالة الرئيس المنتخب بشأن هذه القضية بأنها «وهمية» وجزء من «شعار ثابت من ترامب يعود إلى سنوات وسنوات، وقد تم تعزيزه مرارًا وتكرارًا داخل الجناح اليميني.. وهو ينطوي على جهل»، وفق قوله.
واعتبر نيوسوم أن مخاوف سكان كاليفورنيا من أن ترامب قد يحاول حجب أموال الإغاثة الفيدرالية كانت معقولة، وقال إن «الرئيس المنتخب لم يرد بعد على مكالمته بشأن الاستجابة لحرائق الغابات».
وأضاف نيوسوم في تصريحات إعلامية: «لقد فعل ذلك في الماضي، وليس فقط هنا في كاليفورنيا»، مشيرًا إلى تصرفات ترامب السابقة في بورتوريكو ويوتا وكونيتيكت وجورجيا.
وتابع: «الخطاب مألوف جدًا، وهو حاد بشكل متزايد، ومن الواضح أن لدينا جميعًا سببًا للقلق بشأنه».
وسعى السياسيون الأمريكيون من الحزبين إلى تسييس قضية حرائق لوس أنجلوس باعتبارها فرصة لعرض أجنداتهم المتعارضة.
وبالنسبة للديمقراطيين، فإن شدة الحرائق، مدفوعة برياح سانتا آنا في أواخر الموسم، هي دليل على تغير المناخ الذي ينكره بعض الجمهوريين ويعتبرونه خدعة سياسية.
وبالنسبة لبعض الجمهوريين، وفي مقدمتهم ترامب، فإن الحرائق هي دليل على سوء إدارة الديمقراطيين.
اتهامات ترامب
وعبر منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، قال ترامب: «أحد أفضل وأجمل أجزاء الولايات المتحدة الأمريكية يحترق حتى الأرض.. إنه رماد، ويجب على جافين نيوسوم أن يستقيل.. كل هذا خطأه».
كما ألقى ترامب باللوم على نيوسوم لرفضه التوقيع على إعلان استعادة المياه «الذي كان سيسمح لملايين الجالونات من المياه، من الأمطار الزائدة وذوبان الثلوج من الشمال، بالتدفق يوميًا إلى العديد من أجزاء كاليفورنيا، بما في ذلك المناطق التي تحترق حاليًا بطريقة كارثية تقريبًا».
كما دعا الجمهوري وارن ديفيدسون إلى حجب الإغاثة الفيدرالية من الكوارث عن كاليفورنيا ما لم تقم الولاية بإصلاح ممارسات إدارة الغابات.
ويتفاقم الخلاف بين ترامب ونيوسوم منذ عام 2018 بعدما دمرت حرائق الغابات ماليبو وبارادايس، حيث اتهم الرئيس الأمريكي آنذاك حاكم كاليفورنيا وغيره من قادة الولاية الديمقراطيين بـ «سوء الإدارة الفادح» للغابات من خلال الفشل في إنشاء حواجز للحرائق أو إزالة الشجيرات القابلة للاشتعال.
وحينها دافع نيوسوم عن جهود كاليفورنيا للوقاية من حرائق الغابات وانتقد الحكومة الفيدرالية لعدم بذلها ما يكفي للمساعدة في حماية الولاية، وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي موجها خطابه لترامب: «أنت لا تؤمن بتغير المناخ.. أنت معفي من هذه المحادثة».
وفي وقت سابق من العام الماضي، عاد النزاع بين الرجلين مجددًا عندما بدا أن ترامب يخلط بين عمدة سان فرانسيسكو السابق ويلي براون والحاكم السابق جيري براون، قائلًا إنه «كاد أن يتحطم في طائرة هليكوبتر أثناء تقييم أضرار حرائق الغابات مع (الحاكم) براون»، وهي الطائرة التي كان على متنها نيوسوم أيضًا.
وقال متحدث باسم نيوسوم، إنه لم تكن هناك أي مشاكل، ولم يحدث هبوط اضطراري كما زعم ترامب، في حين علقت المتحدثة باسم حملة ترامب قائلة إن «الرئيس لديه الكثير من القصص المذهلة من حياته».
ويبدو أن التوترات بين الرجلين أعمق من السياسة، حيث كان نيوسوم متزوجًا من عام 2001 إلى عام 2006، ثم ارتبطت جيلفويل لاحقًا بدونالد ترامب جونيور، الابن الأكبر للرئيس المنتخب، الذي عينها مؤخرًا سفيرة في اليونان.
ووافق الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن على إعلان حالة الكارثة في كاليفورنيا، مما يلزم الحكومة الفيدرالية بتغطية جميع تكاليف إدارة الحرائق وإزالة الحطام لمدة 6 أشهر، وهو ما دفع نيوسوم لشكر الرئيس الديمقراطي.
لكن ترامب كان قد جعل أموال الكوارث المستقبلية لكاليفورنيا قضية خلال حملته الانتخابية، عندما طالب في سبتمبر/أيلول الماضي بإصلاح سياسة المياه لتحويل المزيد من المياه إلى مزارعي كاليفورنيا إذا كان يريد استمرار تدفق الأموال الفيدرالية، وقال: «إذا لم يوقع على هذه الأوراق فلن نعطيه أموالًا لإطفاء كل حرائقه».