لمسات ماكرون وبريجيت في الإليزيه.. باب مفتوح وموسيقى صاخبة
ما زالت الزينة المذهّبة الشهيرة موجودة في الإليزيه، لكن مقر الرئاسة الفرنسية تغيّر خلال خمس سنوات بدفع من إيمانويل وبريجيت ماكرون اللذين قاما بتحديثه وفتحه للجمهور وإن ظلّ قصرا لأسرار السلطة.
لم يتغير "البيت الأول في فرنسا" كثيرا في عهد الرئيسين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند. لكن عند وصولهما، قرر الزوجان ماكرون، وهما أول زوجين رسميين يستقران فيه منذ عقد، أنه يحتاج إلى عملية تجديد واسعة.
خرجت اللوحات الضخمة لرؤساء الدولة السابقين التي كانت تخيف الزوار في الطابق الأول، وحلت محلها أعمال فنانين حديثين أو معاصرين مثل سولاج وألشنسكي وديلوناي من مجموعات المفروشات الوطنية "كوليكسيون دو موبيلييه ناسيونال" وكذلك الأثاث والسجاد.
التجديد الأكثر جرأة طال قاعة الحفلات، الغرفة الأكثر فخامة في القصر: أزيلت السجادة الحمراء والستائر الثقيلة، وحل محلها ديكور بكل أطياف اللون الرمادي.
اختفت منسوجات غوبلان المهيبة من الجدران بعد أن ظل بعضها معلقا طوال 40 عاما. بإشراف بريجيت ماكرون، كلف هذا المشروع 500 ألف يورو وتم الانتهاء منه مطلع 2019.
لتمويل جزء من هذا التجديد، أطلق الإليزيه منتجات برعايته (أكواب وأحذية وقمصان، إلخ) تباع عبر متجر إلكتروني خاص (بوتيك.اليزيه).
تلخص الصحافية جولي ماري لوكونت فحوى التجديد في كتابها "الإليزيه، زيارة خاصة" الصادر عن دار لارشيبيل في آذار/مارس 2022. وتقول "استخدم إيمانويل ماكرون القصر ديكورا لإظهار لمسته وجعله واجهة لفرنسا المثالية الخالدة والحديثة... في الآن نفسه".
مؤثّرون ونجوم
الأولوية الأخرى للزوجين ماكرون كانت فتح أبواب الإليزيه للجمهور، لكن أزمة كوفيد عطلت هذا المسعى.
إضافة إلى أيام التراث التي تحظى بشعبية كبيرة، يتم تنظيم أيام أبواب مفتوحة مثل فعاليات "صنع في فرنسا" التي تعرض خلالها منتجات مبتكرة مزينة بألوان العلم الفرنسي.
كما أقيمت حفلات في الفناء الرئيسي بمناسبة مهرجان الموسيقى. ومن أبرز لحظاتها وقوف المغني كيدي سمايل على الشرفة بقميص كتب عليه "ابن مهاجر وأسود ومثلي"، وهو مشهد أثار جدلا واسعا.
تم كسر الأعراف أيضا مع استقبال نجمي اليوتيوب ماكفلاي وكارليتو عام 2021 لإجراء "مسابقة طرائف" مع الرئيس، انتهت في الحديقة بحفل صغير لموسيقي الميتال.
قبل كوفيد، رحّب الزوجان ماكرون بنجوم دوليين ملتزمين بقضايا إنسانية أو بيئية، مثل ريانا وبونو وأرنولد شوارتزنيغر في القصر، ما عزز صورة الرئيس الشاب على المستوى الدولي.
يحب الإليزيه أيضا تنظيم حفلات الاستقبال المخصصة لمواضيع معيّنة: فقد استقبل الف مزارع شاب في فبراير/شباط 2018، وأكثر من ألف رئيس بلدية، و180 من الطباخين المميزين و120 من المبدعين، وغيرهم.
يعترف سيباستيان فافاتا، وهو مربي أبقار شاب في أرديش أنه "عندما تلقيت دعوة من قصر الإليزيه لم أصدق ذلك. من المشرف أن أزور المكان".
كفاءة وسريّة
يعمل في الإليزيه حوالي 800 شخص، وهو بعيد كل البعد عن نموذج الشركات الناشئة العزيز على ماكرون، ولكن تم بذل جهود لجعل طريقة عمله أقل غموضا وأكثر كفاءة.
تم البدء في إصلاح إدارة القصر عام 2017 وسرّعت وتيرتها في أعقاب قضية ألكسندر بنعلا المدوية التي سلطت الضوء على نقاط ضعف الرئاسة. ثم تم تعيين مدير عام للخدمات للإشراف على إعادة تنظيم أربع إدارات من بينها قسم الأمن شديد الحساسية.
في الوقت نفسه، ومع تكثيف نشر مقاطع الفيديو الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي، يحاول الإليزيه الحفاظ على السرية المطلقة وراء كواليس السلطة: فمنع الوزراء من التحدث إلى الصحافة بعد اجتماع مجلس الوزراء، وأصدر تعليمات للمستشارين لالتزام الصمت، وأطلق مشروعا - ألغي مؤخرا - لإغلاق غرفة الصحافة في باحة الإليزيه...
قصور وإقامات
يحب الرئيس مغادرة الإليزيه لاستقبال ضيوفه في قصور مرموقة أخرى، مثل قصر فرساي.
وبحثا عن الراحة، يجد الزوجان ماكرون طريقهما إلى إقامات الجمهورية التي هجرها سلفهما: لا لانتيرن في حديقة فرساي لقضاء عطل نهاية الأسبوع، وحصن دي بريجانسون في الريفييرا للإجازات.
في بداية ولاية ماكرون لخمس سنوات، تولى الإليزيه الإدارة المباشرة لهذا الحصن وقام بأعمال لتجديده، مع تركيب مسبح فوق الأرض بتكلفة معلنة قدرها 34 ألف يورو، الأمر الذي أثار جدلا عام 2018.