عودة الليرة الإيطالية.. كيف خدعت المافيا الجميع في أوروبا؟
الشرطة المالية الإيطالية اكتشفت كمية كبيرة من الليرة الإيطالية في خزائن عشيرة Casalesi تعود إلى نهاية شهر مارس من هذا العام فقط.
في الوقت الذي تناقش فيه الحكومة الإيطالية قرار إصدار "عملة محلية موازية" والمعروفة باسم سندات العملة المقترحة أو mini-BOTs كحل لسداد ديونها، ما بين موافق ومعارض، كشف عقيد في وكالة الحراسة المالية الإيطالية "جوارديا دي فينانزا "، جوزيبي أربورى، أن المافيا الإيطالية لا تزال تستخدم الليرة في معاملاتها غير الشرعية.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة الإيطالية لاستئصال المافيا، إلا أن عصابات الجريمة المنظمة لا تزال واحدة من أقوى الكيانات الاقتصادية الإجرامية ليس في إيطاليا فقط، بل في العالم.
"أصبحت الليرة حاضرة أكثر من أي وقت مضى في الأسواق الإجرامية، إذ تستخدم المافيا الإيطالية والمنظمات غير القانونية العملة القديمة لتشغيل معاملاتها".. بهذه التصريحات بدأ "أربورى" خطابه الذي ألقاه في جلسة أمام البرلمان الإيطالي، الأربعاء الماضي، كاشفاً أن المنظمات الإجرامية المنتشرة في جميع أنحاء إيطاليا، لا تزال تستخدم الليرة القديمة، ومتبنياها كعملة موازية بدلاً من اليورو، لتنفيذ وتمويل أنشطتها غير القانونية، بحسب موقع "finanzaonline" الإيطالي، المتخصص في الأخبار والمعلومات الاقتصادية والمالية.
أما عن الطريقة التي يتم بها تبادل الليرات باليورو ليست واضحة في الوقت الحالي، ولا يزال يتعين على الشرطة المالية إلقاء الضوء على تفاصيل هذا الكشف، إذ قال "أربورى": "لا نزال نكتشف كميات كبيرة من الليرة داخل البلاد، إذ تشكل جزءاً من المعاملات غير المشروعة".
كما تحدث أربورى إلى لجنة المالية في مجلس الشيوخ الإيطالي، مفضلاً عدم تقديم أو الكشف عن أي تفاصيل أخرى، معللاً ذلك بأن التحقيقات لا تزال مستمرة.
كما أوضح بنفسه خطورة الموقف قائلاً: "عندما يتم قبول الأوراق النقدية داخلياً من قبل إحدى المنظمات، حتى لو كانت خارج القانون كقيمة قانونية، فإنه يمكن تنظيم المعاملات، وبالطبع نحن نتحدث عن المؤسسات غير الشرعية والمخالفة".
وجاءت تصريحات "أربورى" بعد يوم واحد فقط من اقتراح تقدم به أعضاء حزب نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، لاعتماد أذون الخزانة.
وبحسب موقع صحيفة "tpi" الإلكترونية الإيطالية، اكتشفت الشرطة المالية الإيطالية كمية كبيرة من الأوراق النقدية للعملة القديمة (الليرة) في الخزائن السرية لعشيرة Casalesi (منظمة إجرامية في نابولي تابعة لكامورا)، تعود إلى نهاية شهر مارس/آذار من هذا العام فقط.
يذكر أن العملة القديمة (الليرة) ألغيت في فبراير/شباط عام 2002، وهو التاريخ الذي انضمت فيه إيطاليا إلى مشروع الاتحاد الأوروبي، للتوحيد تحت عملة واحدة وهي اليورو.
ومن المعروف أن المافيا الإيطالية، لديها سجل طويل مليء بالأعمال الإجرامية المالية من أبرزها غسل الأموال وفرض الإتاوات، فبحسب صحيفة "Il Sole 24 Ore" الإيطالية، في النصف الأول من عام 2018، قامت هيئة مكافحة المافيا "DIA" بتحليل والتحقيق في أكثر من 48 تقريراً عن عمليات غسل الأموال، وكنتيجة لذلك، استجوب 229،037 شخصاً فيما يتعلق بتهم استخدام الأموال والابتزاز والربا.
ويبدو أن نشاط المافيا الإيطالية المالي غير القانوني متشعب بشكل كبير، إذ يشمل أيضاً التهرب الضريبي والاحتيال على أموال الاتحاد الأوروبي والنفقات العامة، إذ وصل نشاطها إلى بعض المشاريع التي مولها الاتحاد الأوروبي في إيطاليا؛ منها مزرعة لتوليد الكهرباء بواسطة الرياح في جزيرة صقلية، جنوب البلاد وغيرها من الأنشطة الاقتصادية والمالية غير القانونية، والتي تحاول السطات الإيطالية السيطرة عليها بجميع الطرق.