مكة المكرمة.. "أم القرى" مقصد المسلمين ومهوى أفئدتهم
مكة المكرمة على مدى تاريخها، كانت مقصدا لمرور القوافل التجارية، وبعد ظهور الإسلام، أضحت صاحبة المكانة الأولى في العالم الإسلامي.
يقصد مكة كلَّ عام ملايين الحجاج لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام لِمَن استطاع إليه سبيلا، ولاستيعاب تَنامِي أعداد الحُجَّاج حشَدت المملكة العربية السعودية كُلَّ إمكاناتها لتَطوِير مَشاعِر الحج، وتَوفِير التَّسهِيلات اللازمة لخدمة ضيوف الرحمن.
ومكة المكرمة أشرف البقاع وأفضلها، وخير البلاد وأكرمها، تهفو إليها القلوب، ويتوجه لها المسلمون في صلواتهم، هي موطن العبادة والإنابة، فيها أول بيت وضع للناس الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، البلد الأمين الذي يأتيه الخير والرزق استجابة لدعوة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام "رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات".
مكة هي مولد خاتم الأنبياء محمد، صلى الله عليه وسلم، هي بلد الله الحرام، فلا يُسفك فيها دم، ولا يُصاد صيد، ولا يُعضد شجر، ولا يُقطع نبات، ولا تُلتقط لقطة إلا لتعريف، يضاعف الأجر والثواب فيها؛ فالصلاة في المسجد الحرام بـ100 ألف صلاة، وبها الحجر الأسود الذي لا يوجد موضع على وجه الأرض غيره يُشرع تقبيله، وهو حجر من الجنة.
الجغرافيا
تقع مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية على خط عرض 31 درجة، وترتفع عن سطح البحر بمقدار 280 متراً، وتتجاوز مساحتها 480 هكتاراً، وتبعد عن جدة 73 كيلومتراً، وعن مدينة الطائف 87 كيلومتراً، وعن المدينة المنورة 450 كيلومتراً، وعن العاصمة السعودية الرياض 990 كيلومتراً، تنحصر في مجموعة من الوديان تحيط بها سلسلتان من الجبال تكاد أن تتصلان ببعضهما من جهات الشرق والغرب والجنوب، يسودها طقس حار جاف، وتتراوح درجة الحرارة فيها في فصل الشتاء بين 15 و20 درجة مئوية، بينما تصل في فصل الصيف إلى 45 درجة مئوية.
كانت مكة المكرمة محاطة بـ3 أسوار تحميها من غارات المعتدين مثل أي مدينة قديمة، وهذه الأسوار هي: سور باب المعلاة من جهة الشرق، وسور باب الشبيكة من جهة الغرب، وسور باب اليمن من جهة الجنوب، كما أن جبالها الشامخات المحيطة بها تكوّن سياجاً طبيعياً قوياً ضد هجمات المعتدين.
مكانة تجارية
ظلت مكة المكرمة على مدى تاريخها الطويل، مقصداً ومحطة لمرور القوافل التجارية من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، لوقوعها وسط شمال الجزيرة العربية وجنوبها من جهة، ولتوافر عيون المياه الجوفية فيها والتي تحتاج إليها القوافل التجارية من جهة أخرى.
وبعد ظهور الإسلام وتوطيد أركانه، أصبحت مكة المكرمة صاحبة المكانة الأولى في العالم الإسلامي؛ إذ تشخص أبصار المسلمين وأفئدتهم إلى رحابها الطاهرة 5 مرات كل يوم وهم يؤدون الركن الثاني من أركان الإسلام، ويفد إليها كل عام الملايين في مواسم الحج والعمرة.
تسمية مكة
سميت مكة لقلة مائها، وقيل لأنّها تمكّ الذنوب أيّ تُذهبها، وقيل أيضاً في سبب التسمية إنّها تمكّ الظالم فيها أيّ تُنقصه وتُهلكه، ويجدر بالذكر أنّ مكة المكرمة سُميت بعدد من الأسماء، ومنها: بكّة، والبلد الأمين، وأم القرى، وأم رحم، والحاطمة، والبيت العتيق، والرأس، والحرم الأمين، وصلاح، والقرية، والبلد، ومعاد، والعرش، والوادي، والبلدة، والقادس، والمقدسة، والناسة، والباسة.
فضل مكة
وجاءت في فضل مكة المكرمة أحاديث كثيرة تذكر بعض فضائلها وميزاتها، فعن فضل الصلاة فيها ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة مرة" رواه أحمد وابن حبان بإسناد صحيح.
ومن فضائل مكة المكرمة أن الله أخبر أنها "أم القرى"؛ فالقرى كلها تتبع لها وفرع عليها، ومن فضائلها أنها قبلة لأهل الأرض كلهم، فليست على وجه الأرض قبلة غيرها.
وشد الرحال إليها بالحج فرض على كل مسلم، بخلاف غيرها من البقاع، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والله إنك لخير أرض وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت"، رواه أحمد والترمذي.
طبيعة شامخة
تشتهر مكة بجبالها الشامخة، ومن أشهرها "جبل النور"؛ حيث يوجد فيه غار حراء، مكان التعبد لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل بعثته، وبه نزل الوحي. وأيضًا جبل الثور الذي يحوي "غار ثور"، الذي مكث فيه الرسول عليه الصلاة والسلام مع صاحبه أبي بكر الصديق خلال الهجرة إلى يثرب، وكذلك جبل عرفة الذي لا يكتمل حج المسلم إلا بالوقوف به، وجبل عمر وجبل أبي قبيس، وجبل الطارقي الذي يقع في الجهة الشرقية من مشعر منى، ويبلغ ارتفاعه قرابة 900 متر، ويُعَد أعلى جبل في مكة المكرمة.