مليحة أفنان.. تعرف على سر حبها للأرقام والرسومات المكتوبة
ننظر الآن إلى تاريخ الفن بنظرة يملؤها العزلة والاغتراب والتشتت وذاكرة المكان. إنه الفن المكتوب بالحبر والمواد المختلطة على الورق بريشة الفنانة مليحة أفنان
مليحة أفنان هي فنانة تشكيلية فلسطينية من أصول إيرانية، اشتهرت بفن "اللوحات المكتوبة".
أشارت مليحة ذات يوم إلى أن "كل شيء يبدأ بالإشارات والحروف" لتأخذ من تلك الإشارات والحروف لغة تستخدمها في أغلب لوحاتها ورسوماتها، فما هو السر وراء ذلك؟!
من هى الفنانة مليحة أفنان؟
ولدت أفنان يوم 24 مارس 1935 في مدينة حيفا بفلسطين من أبوين إيرانيين. لم تبقي مليحة في فلسطين إلا لسنوات قليلة، وما لبثت أن سافرت للعديد من البلدان من بينهم: الكويت، بيروت، باريس، لندن، والولايات المتحدة الأمريكية.
حيث حصلت على درجة البكالوريوس في الآداب من الجامعة الأمريكية أثناء إقامتها في بيروت.
ونظراً لشغفها اللامتناهي بالفن، أكملت مليحة مسيرتها الدراسية حتى حصلت على درجة ماجيستير الآداب في الفنون الجميلة في واشنطن من كلية كوركوران للفنون والتصميم.
خلال دراستها، كانت مليحة مولعة باستخدام الخط العربي والخط الفارسي في أعمالها الفنية -الأمر الذي استحوذ على إعجاب أساتذتها.
أعمال مليحة أفنان
تميزت أعمال مليحة الفنية بالارتباط بذاكرة المكان والأشخاص، فقد كانت رسوماتها تبدو وكأنها أماكن محددة المعالم ذات ألوان متعددة يغلب عليها تدرجات اللون البني والأحمر والأسود.
إلا أن أغلب أعمالها كانت تشير إلى العزلة والحنين إلى الماضي، ويرجع هذا للفترة المأسوية التي عاشتها في فلسطين أثناء الحرب في عام 1948.
وقد تم عرض بعض أعمالها في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، إلا أن لندن وفرنسا كان لهما النصيب الأكبر لعرض أعمال أفنان بشكل رئيسي، على رأسهم المتحف البريطاني بلندن، معهد العالم العربي ومجموعة BAII بباريس، وومجموعة Written Art Collection في ألمانيا.
كما نظم الفنان الأمريكي مارك توبي أول معرض حصري لأعمال مليحة الفنية، وكان هذا في إحدى صالات عرض بازل عام 1971.
جوجل يحتفي بالذكرى الـ125 لميلاد الفنان الجزائري محمد راسم.. من هو؟
لوحات الفنانة مليحة أفنان
عُرفت رسومات مليحة أفنان بالعفوية واللاوعي، فقد استخدمت وسائط مختلطة في لوحاتها المكتوبة والمستوحاة من ذاكراتها، التي دائماً ما تقودها لرسم مخطوطات وأماكن ووجوه حقيقية وبعض منها وهمية.
فقد عملت على استخراج ما بالذاكرة من ماضِ مختلط بجزء من الخيال، لتضع كل هذا في أيقونة فنية تُخلد حتى وقتنا هذا.
ولأن أفنان اعتادت منذ صغرها على حفر النصوص والأرقام بشكل خيالي على الصفحات، فقد طورت من هذا الأسلوب الخط التجريدي ليصبح اسمه فيما بعد "الفن المكتوب".
كما استخدمت مليحة لوحاتها المكتوبة في عرض قضايا مختلفة والتي من بينهم: التهجير والنفي، الصراعات الداخلية بين البلاد، والبعد الثقافي للبلد.
أشهر لوحات مليحة أفنان
تقول مليحة "أحب أن أنظر إلى الكتابات، فالكتابة تحمسني بصريًا وتحمسني أكثر إن لم أستطع قراءتها لأنها تكون حينها أكثر غموضًا ويمكن أن تشير إلى أشياء كثيرة أكثر من كونها عبارة عادية."
فكان من أبرز أعمالها:
- لوحة "مشهد من الخيال أو مايند سكيب" التي تميزت بألوانها الزيتية على القماش.
- "الشاهد" اللوحة التي استخدمت بها وسائط مختلطة على الورق.
- لوحة "السيدة ذات القبعة" التي تم رسمها بالزيت على القماش.
- "اللغز أو إنجما" اللوحة التي استخدمت بها وسائط مختلطة على الورق.
- لوحة " المفقود المفترض 2" التي استخدم بها وسائط مختلطة على الورق.
معارض مليحة افنان
أقامت أفنان معرضًا أسمته "ذكرى تتحدث" أو كما يطلق عليها البعض "ذاكرة ناطقة" في صالة روز عيسى بلندن. تضمن المعرض 27 عملاً فنياً يجمع ما بين الفن بالخط العربي واللاتيني واستخدام تقنيات ومواد متعددة في اللوحات التجريدية.
هذا بالإضافة إلى 12 معرضاً منفرداً لأعمالها، كذلك 25 معرضاً مشتركاً في أنحاء مختلفة منها: برلين، بلجيكا، ميلانو، وغيرها.
كتب مليحة أفنان
بجانب الرسومات واللوحات التجريدية، قامت أفنان بتعديل مجموعة من الكتب المدونة يدوياً. حيث قامت بتصغير تلك الكتابات لتتناسب مع شكل الخطوط العربية والفارسية.
كما تم تأليف كتابين عنها، الأول بعنوان "وجوه أليفه" لروز عيسى عام 2013، وآخر بعنوان "معالم ووجوه وأمكنه".
تاريخ ومكان وفاة مليحة أفنان
عام 2016، تحديداً يوم الأربعاء الموافق 6 يناير، شهد وفاة الفنانة الفلسطينية مليحة في العاصمة البريطانية لندن عن عمر ناهز 80 عاماً، لتترك أثراً رائعاً في نفوس الفنانين خاصة الأجيال التي تدرس التاريخ والفن.
وختاماً، نجحت مليحة في التعبير عن إيمانها بالمبادئ الشخصية، وكيف أن الماضي يمكن أن يترك أثراً ملموساً يتم تجسيده في صورة أعمال فنية إبداعية، لتبقي ذكراها خالدة.
aXA6IDMuMTQ2LjEwNy4xNDQg جزيرة ام اند امز