لعلعة الرصاص في كل مكان.. هل العالم على شفا حرب؟
لم تسكت فوهات المدافع هذا الأسبوع، في عددٍ من بقاع العالم، حيث تجري تدريبات ومناورات عسكرية، بين جيوش قوى عظمى ودول حليفة.
فمن تايوان والصين وتايلاند وكوريا الجنوبية، إلى إندونيسيا، وطاجيكستان، في آسيا، إلى نيوزيلندا وبريطانيا وأستراليا في أوروبا، لم تسكت لعلعة الرصاص، ضمن مناورات لا تهدأ، غير أنها قد لا تكون مقدمات حرب بالضرورة، لكنها تنذر بخطر داهم واستعداد جدي لمواجهة عسكرية غير معروفة العواقب.
فرغم الحرب الدائرة في أوكرانيا، وتوثب أوروبا والولايات المتحدة، للعب دور حذر فيها، ومواجهة نفوذ موسكو، إلا أن ساحات أخرى أصبحت مسارح لتدريبات شاملة، تنصب أغلبها في استعراض القوة لترسيخ الأقدام في المحيط الهادي، في صراع أزلي بين الغرب وحلفائه في آسيا، والصين ومن يدور في فلكها.
في ما يلي أبرز التدريبات والمناورات العسكرية الجارية في العالم شهر أغسطس/ آب الجاري:
الصين وأزمة تايوان
يجري الجيش الصيني المزيد من التدريبات بالقرب من تايوان، وسط استعراض للقوة، منذ تحدث رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، بكين وزارت الجزيرة، في أوائل أغسطس/ آب الجاري، ما دفع الصين إلى إجراء مناورات حربية على مدى عدة أيام.
وقالت قيادة المنطقة الشرقية بالجيش الصيني المسؤولة عن المنطقة المجاورة لتايوان إنها نظمت دوريات مشتركة للاستعداد القتالي وتدريبات قتالية برا وبحرا حول تايوان، في تدريبات تلوح بأنها ستكون منتظمة.
الصين وتايلند
بدأت الصين وتايلاند الأحد الماضي مناورات عسكرية مشتركة في شمال شرق تايلند، وهي الأولى بعد توقّف طويل بسبب فيروس كورونا، حسبما أعلن الجيش التايلاندي.
وتأتي المناورات التي أطلق عليها "هجوم الصقر" بعد أكبر مناورات صينية أُجريت حول تايوان، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تلك الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءاً منها.
وكانت المناورات المشتركة مع تايلاند تجري كل عام منذ العام 2015 حتّى انتشار مرض "كوفيد - 19". وتهدف المناورات التي تجرى هذا الصيف من 14 إلى 25 أغسطس/ آب، إلى "تعزيز العلاقات والتفاهم" مع الصين، حسبما أعلن قائد القوات الجوية باباس سورنشايدي.
وأعلنت وزارة الدفاع الصينية هذا الأسبوع أنّ الصين ترسل طائرات مقاتلة وقاذفات وطائرات إنذار مبكر، مشيرة إلى أنّ المناورات ستشمل تدريبات على "الدعم الجوي، والضربات الجوية على أهداف أرضية، ونشر عدد أكبر أو أقل من القوات".
وتسعى تايلاند منذ عدة سنوات إلى تعزيز علاقاتها العسكرية مع الصين، وكانت من بين أوائل الدول التي اشترت معدات عسكرية صينية، بعد اتفاقية تمّ توقيعها في العام 2017.
ومع ذلك، تأخّرت عملية شراء مخطّط لها في العام 2020 لغواصتين صينيتين بمبلغ إجمالي قدره 724 مليون دولار، وسط عدم قبول شعبي بها.
أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان شاركت في تدريب على التحذير من الصواريخ والبحث عن الصواريخ الباليستية وتعقبها، قبالة ساحل هاواي قبل أيام.
وأضاف البنتاجون في بيان أن التدريبات جرت في الفترة من 8-14 أغسطس/ آب، وأظهرت التزام الدول الثلاث بالاستجابة إلى التحديات التي تشكلها كوريا الشمالية وحماية الأمن المشترك وتعزيز النظام الدولي القائم على قواعد.
إندونيسيا تحتضن جيوش عدة دول في تدريبات شاملة
أجرى آلاف الجنود من إندونيسيا والولايات المتحدة ودول حليفة، تدريبات بالذخيرة الحيّة منذ الجمعة الماضي في إندونيسيا في إطار مناورات عسكريّة سنوية، في وقت تقوم فيه بكين بأعمال وصفها مسؤول عسكري أمريكي كبير، بأنها "مزعزعة للاستقرار حول تايوان".
وأكّدت الولايات المتحدة أن هذه التدريبات المشتركة التي بدأت في الأول من أغسطس/ آب، وأطلق عليها اسم "سوبر غارودا شيلد"، لم تكن تستهدف أي دولة.
لكن قائد القوات الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ جون أكويلينو تحدّث مع انطلاق التدريبات عن بوادر صراع في مضيق تايوان، بعدما أجرت الصين فيه أضخم مناوراتها حتى الآن حول الجزيرة.
ويثير النفوذ الصيني المتزايد في منطقة المحيط الهادئ قلق الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين.
وقال قائد الجيش الإندونيسي أنديكا بيركاسا من جهته إن هذه التدريبات العسكرية السنوية المشتركة، والتي انتهت في 14 أغسطس/ آب، كانت مقررة قبل تصاعد التوتر في المضيق.
وتجري المناورات في جزيرة سومطرة الإندونيسية وفي جزر رياو، وهي مقاطعة إندونيسية مكوّنة من جزر صغيرة متناثرة بالقرب من سنغافورة وماليزيا.
وانضمت الى الأربعة آلاف جندي أميركي وإندونيسي على الأقل، قوات من أستراليا وسنغافورة واليابان، لكن وحدها القوات الأسترالية والسنغافورية شاركت في التدريبات مع القوات الأمريكية والإندونيسية.
وتشارك اليابان للمرة الأولى في هذه المناورات السنوية.
وأطلقت القوات العسكرية المشتركة صواريخ جافلين مضادة للدبابات بينما قامت مروحيات أباتشي بمناورات، وأطلقت رشقات رشاشة وصاروخية على منطقة تدريب فيها تلال.
وتشارك كندا وفرنسا والهند وماليزيا وكوريا الجنوبية وبابوا غينيا الجديدة وتيمور الشرقية وبريطانيا بصفة مراقب.
تدريبات إقليمية في طاجيكستان
تستقبل طاجيكستان، التدريبات العسكرية المعروفة بـ"التعاون الإقليمي-22"، تحت رعاية القيادة الوسطى للجيش الأمريكي في البلاد، وتختتم فعالياتها يوم السبت المقبل، بمشاركة قرغيزستان وكازاخستان وأوزبكستان وباكستان ومنغوليا.
وانطلقت هذه التدريبات، في 10 أغسطس/ آب، وتهدف إلى "تعزيز العمليات متعددة الجنسيات لضمان الاستقرار ومكافحة الإرهاب وتطوير التعاون والقدرات المشتركة بين دول وسط وجنوب آسيا والولايات المتحدة والدول المشاركة الأخرى"، حسب بيان سابق للسفارة الأمريكية في دوشنبه.
وأوضح البيان أن كل الدول المشاركة تنخرط في تمرين للقيادة والأركان لمدة ستة أيام، فيما سيكون لطاجيكستان والولايات المتحدة مكون ثنائي أيضا مدته خمسة أيام ويتضمن تدريبات ميدانية في مركز تدريب فخرآباد.
وتنظم تدريبات "التعاون الإقليمي" مع دول آسيا الوسطى منذ عام 2001، وكانت آخر جولة لها في عام 2018، قبل أن تتوقف فعالياتها لمدة 4 سنوات بسبب وباء كورونا.
يذكر أن كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان أعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم روسيا أيضا، وبالنسبة لدوشنبه تعتبر موسكو هي الشريك الرئيسي في التعاون العسكري التقني.
وتبقى القاعدة العسكرية الروسية رقم 201 هي الضامن الرئيسي لأمن طاجيكستان؛ وعندما مزقت حرب أهلية طاجيكستان في التسعينات من القرن الماضي، كانت روسيا هي التي أسهمت بأكبر قسط في تسوية النزاع.
مقاتلات الجيش الألماني في أستراليا
بعد يوم واحد من بدء تدريب عسكري على النقل إلى أستراليا، واصلت مقاتلات "يوروفايتر" وطائرات تزود بالوقود تابعة لسلاح الجو الألماني مسارها إلى سنغافورة أمس الثلاثاء.
ويرافق طائرات "يوروفايتر" ثلاث طائرات تزود بالوقود.
وفي أستراليا تشارك القوات الجوية الألمانية في تدريب "بيتش بلاك" للعمليات الجوية وكذلك في تمرين "كاكادو" البحري.
تجدر الإشارة إلى أن أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية شركاء لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ومن المخطط أن تتوجه المقاتلات الألمانية إلى اليابان وكوريا الجنوبية في إطار التدريب.
تدريب بريطاني لنيوزيلندا من أجل أوكرانيا
يوم الإثنين قالت الحكومة في نيوزيلندا إنها سترسل 120 عسكريا إلى بريطانيا للمساعدة في تدريب الأوكرانيين على القتال في الخطوط الأمامية، وهي الخطوة التي تسمح بتدريب المشاة بتزويد العسكريين الأوكرانيين بالمهارات الأساسية لتحسين أدائهم في القتال، بما يشمل كيفية التعامل مع الأسلحة، والإسعافات الأولية القتالية، وقانون العمليات وغيرها من المهارات.
وقالت الحكومة في بيان إن تدريب حوالي 800 جندي أوكراني سيجرى حصريا في واحد من أربعة مواقع في بريطانيا، مشيرة إلى أن العسكريين النيوزيلنديين لن يسافروا إلى أوكرانيا.
ما يحدث لس ارتجاليا
وتعقيبا لى ذلك، قال الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية أنس القصاص، إن زيارة بيلوسي رفعت سقف المواجهة وتعجلت بها، وما يحدث حاليا من جانب أمريكا ليس ارتجاليا.
وأضاف القصاص لـ"العين الإخبارية" أن واشنطن تحاول الضغط على قرار المؤتمر الشيوعي في نوفمبر والتشكيك في سياسات بكين في محاولة لتقليل فرص الرئيس الصيني في الاستمرار كزعيم للبلاد.
وأوضح أن ما يحدث حاليا في المحيط الهادي "بروفة حرب حقيقية"، حيث إن هناك متغيرين مهمين أولهما أن الصين نزلت الحاملة "فوجيان" للعمل وهي ثاني أكبر حاملة في العالم، ما يعني نشر أكثر من 40 طائرة داخل المياه الزرقاء، وفي المقابل تتواجد الحاملة الأميركية "هاري ترومان" قبالة بحر الصين الجنوبي تعمل عن كثب في المناورات الجارية.
وأشار إلى أن الصين وأميركا يعيشان حاليا مرحلة "ستاند أوف" وهي "استعدادات للمرحلة القصوى مع عدم حدوث حرب"؛ لأنه في حال وقوعها الكل خاسر وبكين غير مستعدة حاليا لشن حرب كاملة حيث ستكون خسائرها كبيرة خاصة في ظل تدشين الولايات المتحدة ما يشبه ناتو آسيوي قوي.
واعتبر أن بيونغيانغ أحد الكروت التي تملكها بكين وسيكون رد الفعل من قبلها وليس من جانب بكين حيث ستكون هناك تجربة نووية خلال الأيام المقبلة خاصة مع انطلاق التدريبات العسكرية بين سول وواشنطن.
aXA6IDk4Ljg0LjE4LjUyIA== جزيرة ام اند امز