الاقتصاد قبل السياسة.. الصين تبقى وجهة رئيسية للشركات الأمريكية

قد تتجه واشنطن وبكين نحو فك الارتباط بسبب حرب ترامب التجارية، لكن علاقات الشركات الأمريكية مع الصين يصعب قطعها.
وأظهر تقرير جديد، بتكليف من مؤسسة غرفة التجارة الأمريكية، أن العديد من الشركات الأمريكية، البالغ عددها حوالي 200 شركة شملها الاستطلاع خلال العامين الماضيين، تخطط للتمسك بعلاقاتها مع الصين أو تعزيزها، حتى مع سعي بعض الشركات إلى تنويع أعمالها خارج البلاد مع تفاقم التوترات بين القوتين.
وفي الوقت نفسه، يُظهر التقرير أن معظم الشركات، بدءاً من الشركات الصغيرة ووصولًا إلى الشركات متعددة الجنسيات، تُصنف الصين أيضًا كمصدر رئيسي للمخاطر الجيوسياسية، تليها روسيا.
ويستند التقرير إلى أبحاث واستطلاعات رأي أُجريت قبل النزاعات التجارية الحالية بين إدارة ترامب وبكين بحسب ما أفادت صحيفة "وول ستريت غورنال".
وقالت ميج ريثماير، الأستاذة في كلية هارفارد للأعمال، والتي شاركت في تأليف التقرير وأجرت مقابلات شخصية مع مسؤولين تنفيذيين من حوالي 60 شركة، "لم يكن هناك نزوح جماعي للشركات الأمريكية من الصين"، ومع ذلك، تأخذ الشركات على محمل الجد المخاطر التي تشكلها الصين، ولديها رغبة قوية في الوقاية منها.
وأفاد حوالي 70% من أصل 40 عضوًا تقريبًا في غرفة التجارة الأمريكية ممن استجابوا للاستطلاع أنهم يخططون للحفاظ على علاقاتهم مع الصين أو زيادتها.
بالإضافة إلى ذلك، أبدى أكثر من 60% من أصل 126 عضوًا في جمعية مستشاري الشركات، وهي مجموعة للمهنيين القانونيين في الشركات، النية نفسها.
وفي الوقت نفسه، أشار 83% من أصل 56 مشاركًا في غرفة التجارة إلى الصين على أنها "المنطقة الجغرافية الأكثر إثارة للقلق"، بينما أيد 70% من أصل 165 مشاركًا من جمعية المستشارين ذلك.
ويُظهر التقرير أن أحد أهم مخاوفهم بشأن الصين، إذ تشعر الشركات بالقلق من المداهمات والتحقيقات، ومن سعي الصين نحو الابتكار الذي يهدد بإخراج الشركات الأجنبية من سوق تُساهم في بنائها.
رغم ذلك، نقل التقرير عن مسؤول تنفيذي في إدارة المخاطر قوله، "أجندتي هي، الصين، الصين، الصين، الصين".
ويُبرز التقرير صعوبة تحقيق التوازن بين مصالح الشركات حول العالم، لا سيما في وقت تتجه فيه العلاقات بين إدارة ترامب وحكومة شي جين بينغ نحو الانهيار.
ولعقود، اعتبر كبار المسؤولين التنفيذيين ومجالس الإدارة والمستثمرون المؤسسيون من الولايات المتحدة وحلفائها الصين سوقًا لا يمكنهم تحمّل خسارتها.
ومع ذلك، يجد الكثير منهم أنفسهم أكثر عرضة لضغوط بكين في ظل تدهور علاقاتها مع واشنطن.
وفي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، برزت شركة دوبونت الأمريكية للكيماويات والمواد في مجموعة واسعة من الإجراءات الانتقامية التي أعلنتها بكين ردًا على أحدث هجوم تعريفي للرئيس ترامب.
ودون الإفصاح عن تفاصيل كثيرة، أطلقت الصين تحقيقًا لمكافحة الاحتكار في عمليات دوبونت في الصين، والتي اعتمدت على البر الرئيسي وهونغ كونغ في 19% من إيراداتها العام الماضي.
ويقدم تقرير مؤسسة الغرفة التجارية عرضًا شاملاً لمجموعة من القوانين الصينية والتي مكّنت أجهزة الدولة الصينية من التدخل في الأنشطة التجارية، ويصف التقرير ذلك بأنه "مجموعة من المخاطر التي تواجه الشركات العالمية".
وقد دفعت هذه المخاطر، إلى جانب تباطؤ الاقتصاد الصيني، بعض الشركات إلى نقل إنتاجها من الصين.
ولكن، وفقًا للتقرير، يصعب قياس هذا الاتجاه كميًا نظرًا لتردد الشركات في الكشف عن مثل هذه التحركات خوفًا من وضع السلطات الصينية حواجز أمامها أو من رد فعل حكومي مباشر.
وبشكل عام، ووفقًا للتقرير، تباطأ الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في الصين، قبل أن يستقر، منذ عام 2021، وعلى الصعيد العالمي، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين بنحو 80% بين عامي 2022 و2023.
وفي الوقت نفسه، يُظهر التقرير أن رد الولايات المتحدة على إجراءات الصين يُفاقم التحديات التي تواجه الشركات الأمريكية التي تستثمر أو تعمل في الصين، أو حتى تُتاجر معها.
على سبيل المثال، بينما ضغطت السلطات الصينية أحيانًا على شركات تصنيع الرقائق الأمريكية لتوفير المنتجات التي تبيعها في دول أخرى في الصين، سنت واشنطن تشريعات تقيد قدرة الشركات الأمريكية على البيع للصين وتوسيع أنواع معينة من الإنتاج هناك.
aXA6IDMuMTYuODkuMTUwIA==
جزيرة ام اند امز