عراقيات يواجهن التحرش بـ"الفنون القتالية".. الدفاع عن النفس يبدأ من هنا
تندفع أسيل عامر البالغة من العمر 24 عاماً لتتعلم الفنون القتالية بإحدى الصالات الرياضية وسط العاصمة بغداد بعدما طالها التحرش أكثر من مرة.
ولتعدد وقائع التحرش التي كانت تطالها بين الحين والآخر قررت أسيل الدفاع عن نفسها بنفها لإبعاد الخطر عن حياتها جراء تلك الظاهرة التي بدت تتنامى في المجتمع العراقي.
كان بعض الشباب الذي يعترضون طريقها خلال دراستها الجامعة في المرحلة الأولى يقطعون عليها الطريق عند عودتها إلى المنزل حتى تجرأ بعضهم وهددها بتشويه وجهها بـ"ماء التيزاب"، على حسب قولها.
تقول عامر، إنها "ترددت كثيراً في دخول عالم الفنون القتالية بسبب نظرة المجتمع وممانعة الأهل لاعتبار مثل تلك الهوايات لصيقة بالرجل"، ولكنها اضطرت بعد وقت لحسم قرارها بتعلم رياضة الجودو بصالة تبعد عن مكان سكناها نحو 10 كم.
وتوضح عامر لـ"العين الإخبارية"، أنها "مرغمة على ذلك بعد أن وجدت نفسها تعيش مع عائلة مكونة من 3 بنات وأم أرملة دون أن يكون لديهم من يحميهم أو يدافع عنهم".
وخلال السنوات الأخيرة، سجلت معدلات التحرش اللفظي والاعتداء الجنسي بحق النساء ارتفاعاً كبيراً في العراق والتي يعزوها خبراء ومختصون إلى جملة من الأسباب؛ بينها ضعف التشريعات الرادعة وارتفاع مستويات الفقر والبطالة التي تنعكس على سوء السلوك وتهديد المنظومة القيمية للمجتمع.
وكشف تقرير في يونيو الماضي، نفذه المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أن حالات تحرش في مؤسسات حكومية تمارس ضد نساء من قبل شخصيات متنفذة ومسؤولة في مجال عملها.
واستطاعت أسيل، التي تخرجت قبل عام من كلية الإدارة والاقتصاد، أن تقنع 2 من زميلاتها بالالتحاق معها لتعلم تلك الرياضة والتسلح بمهارات القتال.
تقول: "اخترنا جميعنا تعلم الجودو وفيما بعد تطور ذلك الشغف بتلقي تمارين في الكيك بوكس والتايكواندو".
من جانبه يقول الكابتن الدولي، رعد كاطع، الذي يشرف على تدريب فريق نسائي لرياضة الفنون القتالية بأحد الصالات المختصة، شرقي العاصمة بغداد، إنه تلقى رسائل من بعض الفتيات يطالبن من خلالها بتعلم الجودو وتقنيات جسدية للدفاع عن أنفسهن جراء عمليات تحرش تطالهن".
ويضيف كاطع، الذي يشرف على مدرسة تخصصية باسم "أنوار الزهراء": "هناك إقبالاً كبيراً على تلك الرياضة من قبل النساء، وخصوصاً ضمن الأعمار اليافعة والشابة، ولكن لا تزال بعض العراقيل والتحديات تقف دون استكمال ذلك المشوار والتنامي المتصاعد".
ويوضح بالقول: "الأعراف الاجتماعية وممانعة الأهل تسهم بجانب كبير بعدم اندفاع الكثير من الفتيات نحو تلك الفنون، فضلاً عن ذلك عدم توفر المنتديات والقاعات الخاصة للعناصر النسائية لاستحواذ الجانب الذكوري على أغلب تلك الأماكن".
وتقترب مع ذلك الرأي فاطمة الفاضلي، الأكاديمية في تخصص العلوم الرياضية والحاصلة على إشارة دولية في ممارسة التدريب للفنون القتالية، إذ ترى أن "قلة المواقع المختصة بذلك الأمر يشكل عامل تثبيط للكثير من العوائل التي تفكر في إرسال نسائهم لتعلم تلك الرياضة وغير من التخصصات الأخرى".
الفاضلي، وخلال حديثها لـ"العين الإخبارية"، أكدت أن معدلات إقبال النساء على تعلم الفنون القتالية، خاصة رياضة الجودو والتايكواندو، تصاع منذ سنوات تحت أسباب عدة لا يمكن حصرها في قضايا التحرش فقط".
ولفتت "الفاضلي"، التي تعمل مدربة في النوادي التخصصية التابعة لوزارة الشباب والرياضة العراقية، إلى أنه "وبحكم التطورات التي طرأت على حركة الحياة والانفتاح على تجارب الآخرين في مختلف الثقافات بين الأمم والدول كان له أصداء وممارسات على مستوى الواقع العراقي".
وتضيف: "باتت المرأة اليوم تشاطر الرجل في مجالات العمل وقطاعات شتى من الحياة، لذا فإننا بدأنا نخرج من المنظار الكلاسيكي الذي يحصر مهامها عند واجبات منزلية، وبالتالي فإن ذلك الانشغال كسر حاجز الكثير من الجوانب المغلقة التي ظلت حتى عصر قريب محتكرة من قبل الرجال".
وبشأن إمكانية استفادة النساء من مهارات الفنون القتالية في الدفاع عن أنفسهن عند حالات الخطر، تؤكد المدربة الدولية فاطمة الفاضلي أنها شاهد على "حادثة تعرضت لها مع والدتها قبل نحو عامين حين هاجمهما 2 يستقلان دراجة نارية في محاولة لسرقة حقيبتها، لكنها نجحت في الإطاحة بأحدهم حتى بدى تحت قبضتها مما أدخل السارقين في صدمة ودهشة".
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA=
جزيرة ام اند امز