موعدنا اليوم مع العز والفخر .. مع أرواح أبناء زايد الأبطال جنود الوطن الأوفياء الأشاوس
تضجّ صفحات كتب التاريخ بسير أناس غيّروا التاريخ بعلمهم أو بعملهم، ولتبقى أسماؤهم محفورة في سجلات أوطانهم.. قيما تتوارثها أجيال أممهم وتُضيف لمعنى الهوية فيها بُعدا شامخا خالدا، ومثل ذلك تماما هو ما حدث في وطننا الإمارات. حين سطَر شهداؤنا قيم الشجاعةِ والشموخ بدماءِ عروقهم الكريمة وبأنوار أرواحهم الطاهرة في سجلات فخر عيال زايد.
موعدنا اليوم مع العز والفخر.. مع أرواح أبناء زايد الأبطال جنود الوطن الأوفياء الأشاوس من بذلوا أرواحهم الغالية لتخليص أبناء اليمن من الاختطاف إلى مستقبلٍ أسود من الدمار والامتهان، فجاء إليهم رجالنا مادّين أيدي العون للمستغيث مدافعين عن الدين والأرض والعرض متعاضدين مع إخوتهم في قوات التحالف في مشوار إعادة كتابة التاريخ حيث الهدف من التضحية، إنقاذ الإنسان وبناء الأوطان.
كثير من المواقف العصيبة تترك أثرها والتغييرات المترتبة عليها أثناء أو بعد الحدث، ولكن ما حصل في دولتنا رفع رؤوسنا قادة ومواطنين، منذ أول لحظة متمثلا في فن التعامل مع الحدث، بالرغم من كونه حدث جلل لم نختبر مثله سابقا، فما زادنا ذلك إلا إصراراً، كاشفا عن المعدن الحقيقي الذي جُبل عليه الإنسان الإماراتي. معدنٌ تجلى فيه الإيمان الراسخ ومعنى الإيجابية والروح المعنوية المرتفعة ارتفاع علمنا في السماء. تلك المعاني نبعت بشكل تلقائي من نفوس قادتنا حفظهم الله ومن نفوس أسر الشهداء ومن نفوس أبناء الإمارات جميعا والمقيمين على أرضها الطيبة.
تلك الروح المؤمنة الإيجابية انبثقت أولا من نفوس قادتنا، فكان لها ذلك التأثير الكبير الذي انعكس على شعب الإمارات، فصار الشهيد ابن الشعب كله وصارت أسر الشهداء مناراتٍ تشعُ بنور ذلك التأثير الإيجابي الكبير تجسد على أرض الواقع أفعالا، فرأينا قادتنا أهل دارٍ في خيم العزاء لا يقدمون العزاء ولكن يتقبلونه واقفين كتفا بكتف مع أسر الشهداء في ظاهرة فريدة لشد الأزر والمواساة، فالشهيد ليس شهيد الأسرة فقط ولكن شهيد الوطن قاطبة، والشهيد ابن الإمارات وابن قيادتها. لم يسبق أن شهدت المواقف المشابهة مواساة ومؤازة مثل هذه، فكل شيٍ في بلادي جميلٌ ومختلف.
في تلك المحنة صارت القيادة هي ولي أسر الشهداء فلبّت احتياجاتهم وخصصت لهم مكتب في ديوان سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد كجهة رسمية تختص بشؤون أسر الشهداء، مكتب خاص في جهة نافذة هدفه ورسالته كلها تنصب في تكريم الشهيد والعناية بأسرته. كذلك تم تدشين نصب تذكاري للشهداء والذي يقع مقابل مسجد الشيخ زايد الكبير من جهة الشرق واعتماد مسمى "واحة الكرامه" بناء على تعليمات سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تخليدا لما بذلوه من تضحيات لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ستبقى محفورة في ذاكرتنا عنواناً للفخر والعزة والمنعة ونماذج مشرفة في البذل والعطاء ومنارة تضيء درب المستقبل المزدهر لوطننا، وستبقى دروساً عميقة لإلهام الأجيال القادمة بأسمى معاني التضحية والولاء والانتماء للوطن والحفاظ على أمنه واستقراره وعزة وكرامة شعبه.
كل تلك الأفعال كان لها جميل الأثر وعززت مفهوم المواطنة والفداء ومفهوم التلاحم بين القيادة والشعب، كما كرّمت الشهيد بما يليق بتضحيته وكرمت أهله بما يليق بتربيتهم وعطائهم، وعززت عظمة مفهوم الشهادة نفسه في نفوس أبناء الإمارات وبناتها.
وهكذا عبرنا فوق شوك المحنة بقوة وثبات وتبين لنا كأبناء هذه الارض أننا أقوى، وتبين للعالم أجمع مدى رسوخ أساس قواعد "البيت متوحد".
ثم جاء الأمر من قائدنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بأن يكون يوم 30 نوفمبر من كل عام يوما للشهيد تخليدا ووفاء وعرفانا بتضحياتهم وعطائهم وما بذلوه شهداء الوطن وأبناؤه البررة الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية دولة الإمارات العربية المتحدة خفاقة عالية وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، وأن تعتبر هذه المناسبة الوطنية إجازة رسمية على مستوى الدولة ويقام في هذا اليوم المراسم والفعاليات الوطنية تشترك فيها مؤسسات الدولة كافة وكل أبناء شعب الإمارات والمقيمين وذلك استذكارا وافتخارا بقيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء المتجذرة في نفوس أبناء الإمارات التي تحلّوا بها وهم يجودون بأرواحهم في ساحات البطولة والعطاء وميادين الواجب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة