الابتكار من الركائز الأساسية لتطور أي مؤسسة سواء في القطاع الخاص أو العام؛ لما له من أهمية كبيرة في تطوير العمليات ورفع مستوى إنتاجها
يعد الابتكار من الركائز الأساسية لتطور أي مؤسسة سواء في القطاع الخاص أو العام؛ لما له من أهمية كبيرة في تطوير العمليات ورفع مستوى إنتاجها، بالإضافة إلى المساعدة على رفع مستوى جودة المنتجات والخدمات التي تلبي رغبات المتعاملين الذين تعمل تلك المؤسسات على إرضائهم وتلبية احتياجاتهم. يتبادر في أذهان البعض أن الابتكار هو عبارة عن موضة أو تقليعة حديثة يراد من ورائها الترويج والظهور بمستوى عالٍ من التنافسية، ولكن الحقيقة عكس ذلك، حيث يعد الابتكار من أهم العوامل التي تزيد من تنافسية المؤسسات والشركات ورفع أسهمها ومستواها في السوق، بحيث إن المؤسسات التي لا تعير الابتكار اهتماما سرعان ما تتلاشى من السوق بسبب افتقارها للحداثة والتنافسية التي صارت سمة العصر سواء في الإطار الداخلي في المؤسسات أو الخارجي الذي بالأساس يمثله المتعاملين بجميع أنواعهم.
يعود مجددا أسبوع الابتكار في دولة الإمارات ليلقي بإطلالته المميزة والتي أضحت الشغل الشاغل لمؤسساتنا للمضي قدما نحو الاستثمار في الابتكار من خلال التركيز على العنصر البشري وتطويره لتكون الركيزة الأولى والحيوية للبنة المستقبل, وهنا نستذكر مقولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عندما قال: "الأمم العاقلة هي الأمم التي تؤمن بالإنسان وبقيمته, وإن رأسمال مستقبلها في عقل هذا الإنسان وأفكاره وإبداعاته".
ما الابتكار؟
يختلط مفهوم الابتكار على البعض نسبة لتداخله مع مفهومي الاختراع والإبداع؛ فالإبداع عبارة عن عملية أو أسلوب أو طريقة لإنشاء شيء جديد, أما الاختراع فهو استخدام الإبداع لإنشاء شيء جديد (إنشاء منتج على سبيل المثال), أما الابتكار فهو إيجاد طريقة جديدة لاستخدام اختراع سابق بشكل مفيد.
لماذا الابتكار؟
سؤال يحوي الكثير من الأجوبة في طياته, ولربما يظل الهدف الحيوي من الابتكار باختصار هو تحقيق الاستدامة في التنافسية في ظل هذا العالم الذي أصبح اليوم منظومة متسارعة ومتطورة جدا في مختلف مجالات الحياة, والتي تستدعي تطوير العقليات والأفكار الخلاقة الريادية لكي نواكب هذه القفزات في التطور المعرفي، ولكي نضمن وجودنا في الصفوف الأولى بين الأمم، وهذا ما تعلمناه من قادتنا الكرام.
ومن أهم المبادرات التي نتجت بعد إعلان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، 2015 عاماً للابتكار رعاه الله، إطلاق الشيخ منصور بن زايد 7 مبادرات لتعزيز روح الابتكار في مختلف مراحل التعليم في دولة الإمارات وإعداد وتهيئة أجيال مستقبلية مؤهلة لمواصلة مسيرة التنمية والتقدم في الدولة والحفاظ على مكتسبات الوطن وتعزيز مكانة الإمارات محليا وعالميا كعاصمة للابتكار والإبداع في مختلف القطاعات، وتتلخص تلك المبادرات في (إنشاء مختبرات الروبوتات, تطوير المناهج المتعلقة بالابتكار, إضافة الابتكار كمعيار في تقييم المدارس الحكومية والخاصة, إقامة معرض وطني للابتكار, حاضنات الابتكار, مبتكر المستقبل, برنامج رعاية المبتكرين, كما تم استحداث منصب في حكومة دولة الإمارات وهو "الرئيس التنفيذي للابتكار" من أجل تشجيع الابتكار الحكومي والعمل على تطوير السياسات المناسبة، هذا بالإضافة إلى محور الابتكار في منظومة التميز المؤسسي (الجيل الرابع ) والتي أخذت حيزا بنسبة 20%.
وبالجانب العملي وفي الساحة التنافسية تحديدا بين الشركات العالميه نجد الابتكار العامل الرئيس في جذب العملاء، وذلك باستحداث منتجات ابتكارية, فعلى سبيل المثال نتطرق هنا للمقارنة بين أضخم الشركات العالميه في صناعة الهواتف الذكية، ألا وهي آبل وسامسونج, وكيفية تحويلها الهاتف العادي قبل سنوات عدة إلى جهاز ذكي وصغير وبحجم اليد من خلال الآيفون وهاتف سامسوج، وبالوقت ذاته خسرت شركات عالمية تنافسيتها ومواقعها المهمة؛ وذلك لعدم تماشيها مع التطور المتسارع وعدم استشرافها للمستقبل، ولذلك اعتبرت استراتيجية الريادة إحدى أهم الاستراتيجيات نجاحا وتفوقا؛ إذ اعتمدت على الاستباقية والإبداع وإدارة المخاطر. وفي هذا النسق تطور شركة آبل خاصية سرية المعلومات، بينما تقوم شركة سامسونج بتحدي عدم تأثر هاتفها مع الماء المالح وترد آبل بتطوير باقات أخرى من منتجاتها، وتقوم سامسونج بابتكار خاصية جديدة لجهازها.
ويعد الابتكار من أهم عوامل النجاح في مجال تطوير الأعمال والمنافسة في سوق العمل، حيث تتنافس الشركات الكبرى في العالم على تطوير منتجاتها بإضافة خاصيات ووميزات جديدة لجذب المستهلكين في السوق وللحصول على أكبر قدر من الحصة السوقية للمتعاملين التي تزيد من مستوى التنافسية والوصول إلى رفع مستوى الأداء المؤسسي الذي تطمح له جميع الشركات والمؤسسات في العالم.
والابتكار لا حدود له من حيث الحجم أو النوع أو الكيفية، فمهما كان الابتكار صغيرا أو كبيرا؛ فقد يؤثر بشكل كبير على الأداء ويتقاطع مع توقعات المتعاملين ويبلبي رغباتهم، مما يزيد من حاجة المؤسسة إلى المزيد من الابتكارات في جميع المجالات سواء التقنية أو الإدارية أو الفنية وغيرها من المجالات.
وهنا أصل لختام هذه المقالة بمقولة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان: "نتعلم لكي نعمل.. نتعلم من بعضنا.. ومن تاريخنا.. ومن غيرنا من الدول.. ثم نعمل لنخدم شعبنا ووطنا وأجيالنا القادمة بإذن الله".
تويتر: @AbdullaAldarmki
Dr.AbdullahAldarmaki@gmail.com
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة