روسيا تدخل معركة «كسب العقول والقلوب» شرق أوكرانيا

تشهد الحرب في أوكرانيا جانبا موازيا من الصراع يُعرف بـ"معركة السيطرة على العقول والقلوب" في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الروسية.
وبحسب تقرير مشترك صادر عن "مختبر الأبحاث الجنائية الرقمية" التابع للمجلس الأطلسي ومنظمة "أوبن مايندز" الأوكرانية، تم رصد شبكة تشمل ما لا يقل عن 3634 حسابا على منصة تليغرام نشرت أكثر من 316 ألف رسالة بين يناير/ كانون الأول وأبريل/ نيسان 2024.
تركز هذه الرسائل على قنوات محلية يستخدمها المدنيون في مناطق مثل زابوريجيا ودونيتسك وخيرسون، حيث تهدف إلى الرد على الأصوات المعارضة، ونشر روايات تدعم شرعية السلطات القائمة وتعزز الهوية المحلية، وفقاً لما نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية.
وتتسم هذه الرسائل بالمحلية في مضمونها، إذ تركز على قضايا حياتية يومية مثل انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار الحبوب، مع إلقاء اللوم على الجانب الأوكراني في ضعف الخدمات، بينما يتم تسليط الضوء على النجاحات التي حققتها الإدارة القائمة في تحسين أوضاع البنية التحتية.
وارتكزت المحتويات الإعلامية المنشورة في المناطق الأوكرانية حديثة الانضمام على ثلاثة أعمدة استراتيجية:
أولا، تسليط الضوء على الإنجازات التنموية الملموسة تحت الإدارة الروسية، مثل إعادة تأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية. ثانياً، تحليل التحديات القائمة ضمن سياقها التاريخي والجغرافي المعقد، مع تقديم تفسيرات تربطها بتركة "الإهمال الأوكراني السابق". وثالثا، نشر روايات تُروّج لضرورة التعايش السلمي تحت الهيكل الإداري الجديد، مُبرزة قصص نجاح للتكيف المجتمعي مع الواقع السياسي الجديد.
وبحسب التقرير فقد تحوّل التطبيق إلى منصة التواصل المهيمنة بعد تعطيل شبكات الاتصالات التقليدية، حيث كشف استطلاع عام 2023 عن استخدام أكثر من 70 بالمائة من السكان له في هذه المناطق.
وقد وفّرت هذه البيئة أرضا خصبة لانتشار المحتوى المحلي المُنتَج بكثافة، والذي يرصد تطورات الحياة اليومية ويُواكب التحولات الميدانية لحظة بلحظة، مما عزّز ارتباط السكان به كمرجعية أساسية للمعلومات.
النموذج الهجين: إدارة مرنة للحملة
تميزت آليات إدارة الحملة بطبيعة هجين تجمع بين المركزية واللامركزية، من صياغة الخطوط العليا للرسائل والأطر السردية من قبل جهات التنسيق العليا، وتفعيل شبكة من الحسابات المحلية التي تستخدم اللهجات المحلية والرموز الثقافية المألوفة لضمان صدى الرسائل. وتفاعل فوري مع المستجدات الميدانية عبر تحليل تأثيرها المباشر على المدنيين، مع إعادة توجيه المحتوى لتعزيز الرواية الرسمية أو دحض الادعاءات المضادة.