ما الذي يمكن أن نتوقعه من اجتماع ترامب – بوتين؟

يستعدّ العالم لمتابعة أول لقاء قمة يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب منذ إعادة انتخابه.
وتشير تقارير صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن الإمارات العربية المتحدة قد تستضيف الحدث، بناء على تلميحات بوتين خلال لقائه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في موسكو.
ومن المتوقع أن تحتل الحرب الأوكرانية الصدارة في محادثات القادة، إلى جانب ملفات بالغة الحساسية تشمل: الاستقرار العالمي، والحد من التسلح النووي، وتطورات الشرق الأوسط، وحزمة العقوبات الغربية، والعلاقات التجارية الثنائية، والتعامل مع الملف الإيراني.
وجاء الاتفاق على عقد القمة بعد زيارة المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو، التي وصفها ترامب بأنها حققت "تقدماً كبيراً" في تهدئة التصعيد، خاصةً بعد تجاوز المهلة التي حددها في 8 أغسطس/آب لموسكو لوقف إطلاق النار.
معادلة التنازلات المحفوفة بالمخاطر:
أثير جدل واسع حول الطرف الأكثر استعداداً لتقديم تنازلات. فبينما تُعزى مرونة ترامب جزئياً إلى ضغوط العقوبات الأمريكية -التي هدّدت بفرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط الروسي- تبدو موسكو متمسكة بموقفها الذي يعتبر الصراع في أوكرانيا "مسألة وجودية"، ما يجعل تقديمها تنازلات بعيدة المدى أمراً مستبعداً.
في المقابل، تظهر مؤشرات على تراجع أمريكي محتمل، خاصةً بعد رفض الصين والهند إنذار ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على وارداتهما من النفط الروسي، مما قوّض فاعلية الضغط الاقتصادي الذي تمارسه واشنطن.
ويزداد المشهد الجيوسياسي تعقيدًا، إذ يخشى مراقبون أن تؤدي ضغوط ترامب المتزامنة على الصين والهند إلى تقارب بين القوتين، وهو ما يهدد سنواتٍ من الجهود الأمريكية لاستمالة نيودلهي لموازنة بكين.
وقد بدأت مؤشرات هذا التقارب بالظهور مع زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الصين، وازدياد الانفتاح بين موسكو وكلٍّ من بكين ونيودلهي، إلى جانب دعوات من الرئيس البرازيلي لولا لتنسيق موقف مشترك داخل تكتل "البريكس" ضد الإجراءات الأمريكية.
تتمحور المطالب الجوهرية لموسكو حول ثلاث نقاط: اعتراف دولي بمكاسبها الإقليمية في أوكرانيا، وضمان حياد كييف العسكري ومنع انضمامها إلى حلف الناتو، وتقليص القدرات العسكرية الأوكرانية.
وتوحي تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، التي أشار فيها إلى أن "القضايا الإقليمية" محورٌ أساسي في محادثات السلام، بأن واشنطن قد تكون مستعدة لمناقشة هذه النقطة، رغم الرفض الأوكراني المدعوم أوروبيًا.
وتدور بعض السيناريوهات حول اتفاق لتبادل الأراضي، ينسحب بموجبه الروس من بعض المناطق مقابل اعتراف رسمي بسيطرتهم على أجزاء من دونباس والقرم، مع وقفٍ شامل لإطلاق النار.
وفي حال تعذّر ذلك، قد تقتصر النتيجة على وقفٍ مؤقت للقتال، وهو ما سبق أن قبلت به كييف ورفضته موسكو، ما يفتح الباب أمام "صراعٍ مجمّد" طويل الأمد.
ورغم أن القمة قد تحقق تقدمًا في ملفات أخرى، مثل الحد من التسلح أو قضايا الشرق الأوسط، فإن غياب تقدم في الملف الأوكراني سيجعل أي إنجازات أخرى محدودة الأثر.
كما يظل الاجتماع نفسه عرضةً للتعثر في اللحظات الأخيرة إذا وقعت تطورات ميدانية كبيرة أو خلافات بروتوكولية، خصوصًا في ظل الخلاف حول مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، التي يرفضها بوتين.
وفي حال فشل القمة، ستكون التداعيات ثقيلة، متمثلةً في تصعيد عسكري جديد، وتوتر متزايد بين روسيا والغرب، وخيبة أمل لملايين الأوكرانيين الذين تؤكد استطلاعات "غالوب" أن 70% منهم يؤيدون بدء مفاوضات فورية.
وبعد ثلاث سنوات دامية من الحرب، قد يكون هذا الاجتماع، رغم هشاشته، إحدى آخر الفرص لوقف النزيف.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز