كورونا ليس أول جائحة.. هكذا صوّتت أمريكا عام 1918
قبل 9 أيام من انتخابات الرئاسة الأمريكية يستعد الأمريكيين للإدلاء بأصواتهم وسط إجراءات احترازية لحماية الناخبين من تفشي فيروس كورونا.
ووسط ترقب عالمي، تتجه انظار العالم إلى الناخبين بأمريكا الذين يدلون بأصواتهم في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يتنافس فيها الرئيس دونالد ترامب مع خصمه الديمقراطي جو بايدن.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتجه فيها الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع وسط تفشي جائحة عالمية ( كورونا) تثير الذعر بعد أصابت الملايين وحصدت أرواح الآلاف حول العالم.
تباعد اجتماعي عام 1918
ففي عام 1918، أثناء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس والرئاسة الأمريكية، استخدم الأمريكيون عدة أساليب للتباعد الاجتماعي في محاولة لمنع انتشار وباء الإنفلونزا الإسبانية القاتل، الذي حصد أرواح نحو 50 مليون شخص.
وشملت التدابير حينها إغلاق المدارس، وارتداء الكمامات، وعدم البصق وتجنب السعال أو العطس في وجوه الآخرين، وتجنب الأحداث الكبيرة في الخارج قدر الإمكان، حسب موقع "هيستوري" الأمريكي.
واستخدمت السلطات الرسوم الكاريكاتورية وإعلانات الخدمة العامة، ولافتات الترام لحث الأمريكيين على اتباع الإرشادات الصحية لمنع انتشار الوباء.
ونشر مسؤولو الصحة في المدن هذه الإرشادات بشتى الطرق؛ وفي ولاية فيلادلفيا، حذرت لافتات الترام من أن "البصاق ينشر الموت"، وفي مدينة نيويورك، فرض المسؤولون قوانين تمنع البصق وشجعوا السكان على السعال أو العطس في المناديل، وهي ممارسة انتشرت بعد كورونا.
حتى أن وزارة الصحة بالمدينة في عام 1918 نصحت الناس بعدم التقبيل "إلا من خلال منديل"، ونشرت الرسالة عبر برقيات سلكية في جميع أنحاء البلاد.
وفي الولايات الغربية، اعتمدت بعض المدن مراسيم ارتداء الكمامات، وقال المسؤولون إن ارتداءها واجب وطني.
وفي أكتوبر/تشرين الثاني 1918، نشرت صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" إعلانًا للخدمة العامة يخبر القراء بأن "الرجل أو المرأة أو الطفل الذي لن يرتدي قناعًا الآن هو متهرب خطير".
وكانت الصحيفة حينها تشير إلى "المتهربين" أثناء الحرب العالمية الأولى الذين لم يساعدوا في المجهود الحربي.
ارتدِ كمامة وإلا ستدخل السجن
وفي ولاية كاليفورنيا، هددت السلطات المخالفين بدخول السجن بلافتة كتب عليها "ارتد كمامة وإلا ستدخل السجن"، وفقا للموقع الأمريكي.
ونشرت صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" إعلانًا للخدمة العامة في 22 أكتوبر/تشرين الثاني 1918، قبل ما يزيد قليلاً عن أسبوع من جدولة سان فرانسيسكو لبدء مرسوم القناع في 1 نوفمبر، وقع عليه عمدة المدينة، ومجلس المدينة الصحي، والصليب الأحمر الأمريكي والعديد من الإدارات والمنظمات الأخرى، شمل رسالة واضحًة للغاية: "ارتدِ كمامة وانقذ حياتك!".
في هذا الإطار كتب المؤرخ الراحل ألفريد دبليو كروسبي في كتابه "الجائحة الأمريكية المنسية: إنفلونزا عام 1918"، قائلاً: "أتاح مقر الصليب الأحمر في سان فرانسيسكو 5 آلاف كمامة للجمهور الساعة 11:00 صباح 22 أكتوبر/تشرين الأول".
وأضاف: "بحلول الظهر لم يكن هناك أي كمامة" ظهر اليوم التالي وزع مقر الصليب الأحمر 40 ألف كمامة.. بحلول 26 من أكتوبر/تشرين الأول وزعت 100 ألف كمامة في المدينة.. بالإضافة إلى ذلك، كان سكان سان فرانسيسكو يصنعون الآلاف لأنفسهم".
ونشرت الصحف تعليمات حول كيفية صنع كمامات في المنزل، مؤكدة أن الأشخاص الذين لا يمتثلون قد يواجهون عقوبة السجن أو الغرامات أو نشر أسماؤهم في الصحف، ما يكشف عن أنهم كانوا "متهربين من الكمامات".
وكتب كروسبي أن حالات الإنفلونزا في سان فرانسيسكو انخفضت في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، واستمر السكان في ارتداء كمامات خلال انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني، التي فاز فيها الرئيس وودرو ويلسون بولاية ثانية.
حافظ على نوافذ غرفة نومك مفتوحة!
وأثناء تلك السنوات نشرت الصحف في جميع أنحاء البلاد رسمًا كاريكاتوريًا لرجل في الأماكن العامة يحذر السكان، بعبارة:"السعال والعطس تنشر أمراض خطيرة مثل قذائف الغازات السامة"، لتربط مجددا مكافحة الإنفلونزا بقتال الحرب العالمية الأولى.
وحملت العديد من الصحف إعلانات الخدمة العامة المطبوعة بأحرف كبيرة مع نصائح مماثلة. وفي سينسيناتي، نشرت لافتة صحية على عربات الترام تناشد الجميع "حافظ على نوافذ غرفة نومك مفتوحة!".
وعلى غرار العديد من إعلانات الخدمة العامة الأخرى، أكدت اللافتة أن الاحتياطات ضد الإنفلونزا يمكن أن تمنع أيضًا انتشار الأمراض المعدية المميتة الأخرى مثل الالتهاب الرئوي والسل.
وأكدت رسائل عام 1918 أيضًا أن الإجراءات الصحية الخاصة لم تكن مهمة فقط لأنها تحافظ على سلامة الأشخاص الذين يتبعونها، لكنها تساعد في حماية من حولهم.
وسجلت الولايات المتحدة معدل وفيات بفيروس كورونا أكثر من أي دولة أخرى في العالم حيث بلغت نحو 230 ألفا و229 وفاة، بينما أصيب 8.854 مليون شخص بفيروس كورونا وتعافى 5.746 مليون شخص حتى الأحد.
ويكافح العالم من أجل السيطرة على تفشي المرض، بعد ارتفاع عدد الوفيات حول العالم، الأحد، إلى 1.157مليون شخص، وبلوغ عدد المصابين نحو 43.184 مليون شخص، بينما تعافى نحو 31.813 مليون شخص.
aXA6IDMuMTQ5LjI1My43MyA= جزيرة ام اند امز