أكبر حزب في موريتانيا يعلن دعمه لحكومة الغزواني الجديدة
محللون سياسيون يؤكدون لـ"العين الإخبارية" أن هذه المواقف المهادنة من طرف الحزب (الحاكم سابقا) للرئيس وحكومته، هي مجرد "رسالة طمأنة".
أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم سابقا) وأحد أكبر الأحزاب في موريتانيا، دعمه ومساندته اللامشروطة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وحكومة وزيره الأول إسماعيل سيديا، المشكلة من مجموعة كفاءات غير حزبية.
- موريتانيا تتخطى المحاصصة في أسبوع وإرهاب الإخوان يتخفى بالشائعات
- موريتانيا تلاحق إرهابيين تسللوا إلى البلاد لشن هجمات
موقف الحزب جاء في بيان أصدره عقب اجتماع عقدته، الجمعة، لجنة تسييره المؤقتة التي يرأسها الوزير السابق سيدي عالي محمد خونا، تناول أيضا "الوضعية العامة للحزب ومستجدات الساحة السياسية وبصفة خاصة تعيين الحكومة". وفق تعبير البيان.
بيان الحزب أثار ردود فعل في أوساط مؤيديه، حيث عبرت عن "الاستياء" من عدم تمثيله في الحكومة الجديدة بنسبة تعادل الأغلبية التي يمتلكها في البرلمان، واعتماد الغزواني ووزيره الأول على خيار حكومة الكفاءات بدل حكومة التمثيل السياسي والحزبي.
ويعد الحزب الذي أسسه الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، أبرز القوى السياسية التي ساندت الغزواني في الفوز بالرئاسة، كما يمتلك الأغلبية البرلمانية المريحة التي تحتاج إليها الحكومة الجديدة عند التصويت لمنح الثقة ببرنامجها خلال الأيام المقبلة.
ويقود الحزب حاليا لجنة تسيير مؤقتة عينها المؤتمر الأخير للحزب شهر مارس/آذار الماضي، يرأسها الوزير السابق سيدي عالي ولد محمد خونا، بعد استقالة رئيسه السابق سيدي محمد ولد محم بموجب النصوص التنظيمية للحزب.
ثقة دائمة بين الرئيس والحزب
الكاتب والقيادي في الحزب أحمد طالب ولد المعلوم، اعتبر أن الموقف الجديد للحزب يأتي في وقته المناسب، في خضم الحراك الأخير وردود الفعل على تشكيل الحكومة الجديدة.
وبيّن أن بعض ردود الفعل الأخيرة على الحكومة هي فقط تعبير عن موقف شخصي لأصحابها، في إشارة إلى استياء بعض القيادات مما يوصف بإقصاء الحزب من الحكومة.
واعتبر ولد المعلوم، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن توقيت ودلالة الموقف الجديد للحزب يعكس مباركة لأول حكومة جديدة للرئيس الغزواني، وإبداء الاستعداد لبرنامجها، في الوقت نفسه الذي يضع حدا لمواقف بعض أوساط الأغلبية المنزعجة من تشكيلة الحكومة.
الحاجة لجناح سياسي
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني صلاح محمد فاضل، رئيس تحرير صحفية "الرؤية بوست"، اعتبر أن الموقف الجديد للحزب الحاكم سابقا الذي عبر عنه بيانه الأخير لا يضع حدا لحالة التذمر والاستياء بين قادة ومؤيدي الحزب من الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن البيان يؤجل فقط هذا الامتعاض.
وأشار محمد فاضل، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن هذه المواقف المهادنة من طرف الحزب للرئيس وحكومته، كتصريحات رئيس كتلته البرلمانية محمد يحيى الخرشي، ولقائه رئيس لجنة تسييره بالغزواني هي مجرد "رسالة طمأنة" من الحزب، مستبعدا مع ذلك أن تلجأ أغلبية الحزب البرلمانية لرفض منح الثقة لبرنامج الحكومة.
وخلص الكاتب والمحلل السياسي صلاح محمد فاضل إلى التأكيد أن الرئيس ربما يسعى في المستقبل القريب لخلق جناح سياسي حزبي يؤمن له الدعم والمساندة الذاتية لحكومته، مشيرا إلى أنه في انتظار أن يتحقق ذلك ليس أمامه سوى التفاهم مع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم سابقا).
انسجام بين مرحلتين
الكاتب والمحلل السياسي أحمدو الشاش أكد أن نظرية الصدام ما بين الرئيس الغزواني وأغلبية الرئيس السابق ليست مطروحة، مؤكدا أن هناك حقبة جديدة لن تكون إلا بأشخاص الوطن، شيبا وشبابا، معتبرا أنه ليس من واجب النظام الحالي أن يعلن العداء والقطيعة مع نظام استبدله بطريقة سلسة ومدنية لم نألفها في السابق.
وأشار الشاش، في تدوينة بحسابه على "فيسبوك"، إلى أن النظامين السابق والحالي بشكلهما الشخصي منسجمان في توجه وطني شمولي، قد ارتسمت ملامحه واتضحت منذ 2005.
وأضاف أن الرئيس الغزواني أكد خلال إعلانه الترشح أنه ليس له موقف تحفظ على جميع الأنظمة السابقة، يأخذ بصحيح فعلها ويتجاوز هفواتها، معتبرا أن نظام الرئيس السابق لن يكون إلا من أولئك في أقل تقدير".
تلافي التصدعات
الساحة السياسية الموريتانية شهدت حالة من الاستياء في صفوف الأغلبية الداعمة للرئيس الغزواني، إزاء الحكومة الجديدة التي أعلن عنها مساء الخميس قبل الماضي.
وبمجرد الإعلان عن الحكومة الجديدة حدث نوع من التذمر في صفوف الأغلبية، على انتهاج الغزواني خيار حكومة الكفاءات بدل حكومة التمثيل السياسي لكافة الأطراف الداعمة له.
وترافقت ردود فعل الأغلبية مع ترتيبات وتحضيرات عرض برنامج الحكومة على البرلمان لنيل ثقته، خلال الأسابيع المقبلة، وفق ما ينص عليه الدستور الموريتاني.
ويرى مراقبون أنه في ظل هذه الظروف يمكن أن تواجه الحكومة الجديدة صعوبات نيل ثقة البرلمان المشكل من الأغلبية الحزبية الداعمة للرئيس، ما سيقود البلاد إلى أزمة سياسية بين الحكومة والبرلمان.
ولتبديد المخاوف عقد الغزواني سلسلة لقاءات مع سيدنا عالي محمد خونه رئيس الحزب الحاكم سابقا، الذي يمتلك أغلبية في البرلمان، والشيخ ولد بايه رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، وعدد من رموز الأغلبية.
وهدفت اللقاءات -حسب المراقبين- إلى تلافي "التصدعات" التي أحدثها تشكيل الحكومة وطمأنة الأغلبية البرلمانية على استمرار العلاقة نفسها بينها وبين مؤسسة الرئاسة.
وكانت الرئاسة الموريتانية أعلنت في 9 أغسطس/آب الجاري التشكيلة الوزارية الجديدة لحكومة الوزير الأول المكلف إسماعيل سيديا، بعد أسبوع من استلام الغزواني رئاسة البلاد فاتح أغسطس/آب الجاري.
وحسب مرسوم صادر عن الغزواني بالتشاور مع الوزير الأول، نشرته الوكالة الرسمية للأنباء، ضمت الحكومة الجديدة 25 وزيرا، غالبيتها من التكنوقراط، والشخصيات المنتمية للأغلبية السياسية الداعمة للغزواني، فيما غابت عنها المعارضة الداعمة للرئيس خلال الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة.
واحتفظ وزراء الخارجية، والتعليم العالي، والمياه، والبترول والمعادن بالحقائب نفسها في الحكومة السابقة، كما آلت حقيبة الصيد البحري إلى أحد وزراء التشكيلة السابقة، فيما استلم ملف الدفاع في الحكومة الجديدة النائب السابق لقائد أركان الجيش السابق الفريق حننا ولد سيدي، قادما من رئاسة أركان القوات المشتركة لبلدان الساحل الخمسة.
aXA6IDE4LjIyNC43My4xNTcg جزيرة ام اند امز