قطر في الساحل.. صفقات إرهابية بـ"الوساطة"
"الوساطة" الجديدة، لولد الشافعي، رجل قطر بالمنطقة، في صفقة تحرير عدد كبير من الإرهابيين، دليل إدانة جديدة لتورط الدوحة
تورط الموريتاني، المصطفى الإمام الشافعي، في صفقة التبادل بين الجماعات الإرهابية ودولة مالي، عاد بموجبها أكثر من 200 إرهابي مسلح مجددا إلى نشاطهم، ودفع فدية بـ10 ملايين يورو لتلك الجماعات الإرهابية.
وبحسب صحيفة "جون آفريك" الفرنسية فإن ولد الشافعي، الذي يوصف بـ"رجل قطر في المنطقة،" أرشد مفاوضي دولة مالي إلى القيادي بإحدى تلك الحركات الناشطة في المنطقة يدعى "الشريف ولد الطاهر" ليقوم بمهمة التواصل المباشر مع قيادة الجماعة الإرهابية لتجربته السابقة في صفقات مماثلة مع تلك الحركات.
وأظهرت صور نشرتها مواقع موريتانية احتفال حركة "نصرة الإسلام" شمال دولة مالي بالمسلحين المفرج عنه في وقت تثير فيه الصفقة استياء واسعا في بلدان المنطقة لما تمثله من امداد للحركات الإرهابية بالمال والمسلحين.
ويعرف عن الموريتاني ولد الشافعي علاقته الحميمية بقطر، حيث كان في طليعة مستقبلي أميرها تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الرواندية كيغالي، فيما كشفت صور متداولة مصافحة حميمية بين الرجلين.
واتهم تقرير للنيابة الموريتانية، منذ سنوات، ولد الإمام الشافعي بتمويل الإرهاب والتخابر لصالح الجماعات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى، وبتوفير الدعم المالي واللوجستي لها لضرب أمن واستقرار البلاد.
واعتبر مراقبون أن صور مصافحة تميم والموريتاني "ولد الشافعي"،الذي لا يحمل أي صفة رسمية في روندا، قد فضحت التدخلات التخريبية القطرية ليس ضد موريتانيا فحسب، بل في المنطقة بشكل شامل بدعمها للحركات الإرهابية والمليشيات الخارجة على القانون في الساحل.
وتعتبر "الوساطة" الجديدة، لولد الشافعي، رجل قطر بالمنطقة، في صفقة تحرير هذا العدد الكبير من الإرهابيين، دليل إدانة جديدة لتورط الدوحة في دعم الجماعات الإرهابية التي تنشط في منطقة الساحل والتي تصل أحيانا حد امدادهم مباشرة بالمال والسلاح، وفق بعض المصادر.
تشجيع للإرهاب
واعتبر ساسة ومحللون موريتانيون أن صفقة الإفراج عن الإرهابيين تمثل مكافئة للمنظمات المتطرفة تصرف "خطير" من شأنه أن تشجيع الإرهابيين على ارتكاب المزيد من عمليات الاختطاف.
النائب الموريتاني الدان ولد عثمان، اعتبر في منشور بصفحته على "الفيسبوك" أن تحرير 200 إرهابيا ودفع 10 ملايين دولار للمنظمات المتطرفة في مالي "أمر خطير من شأنه أن يفاقم الوضع الأمني في هذا البلد"
واضاف أن ذلك "يشجع هذه الجماعات على مزيد من اختطاف الرهائن والمتاجرة بهم".
وأوضح النائب ولد عثمان أن "إمداد المنظمات الإرهابية بالرجال والأموال التي تمكنهم من شراء أسلحة إضافية جرم لا يغتفر".
وانتقد الدور الفرنسي في إبرام هذه الصفقة، مطالبا مجموعة دول الساحل الخمس بتقديم احتجاج رسمي شديد اللهجة إلى فرنسا".
بدوره، اعتبر المحلل السياسي الموريتاني محمد بن ناجي في منشور بصفحته على "فيسبوك" أن "صفقة إطلاق سراح المواطنة الفرنسية تعني، إعادة 200 إرهابي إلى الميدان،و 10مليون دولار لتمويل العمليات الإرهابية".
وقال بن ناجي:"كموريتاني يقف بلده وإخوته في جيشنا الوطني الباسل على أرض المعركة ضد التطرف، لا يمكنني قبول صفقات إطلاق سراح الإرهابيين في الحدود مع بلدي ثم تمويلهم".
تحرير إرهابي موريتاني
وضعت صفقة تبادل الأسرى بين حكومة مالي والجماعات الإرهابية بالشمال، موريتانيا في إحراج شديد ـ وفق مراقبينـ لاستفادة أحد الإرهابيين المطلوبين لها من حريته في هذه الصفقة.
وأفرجت السلطات المالية،الجمعة، عن الإرهابي الموريتاني المطلوب الشيخ إبراهيم ولد حمود ضمن العشرات من عناصر الجماعات الإرهابية، مقابل تحرير زعيم المعارضة في مالي سومايلا سيسي، والرهينة الفرنسية صوفي بترونين، وإيطاليين اثنين، كانت تحتجزهم هذه الجماعات.
وولد حمود هو ناشط إرهابي موريتاني تمت إدانته سنة 2009، من قبل القضاء الموريتاني وحكم عليه بالسجن 8 سنوات نافذة بسبب المشاركة في عمليات إرهابية، قبل الإفراج عنه سنة 2010 من سجون موريتانيا رفقة 30 من زملائه، ضمن نتائج حوار أجرته السلطات حينها مع بعض العناصر الإرهابية بالسجن.
لكن ولد حمود كان العنصر الوحيد من بين تلك الدفعة المفرج عنها الذي قرر العودة إلى قواعده الإرهابية في الشمال المالي، والنكوص عن المراجعات التي تم بموجبها الإفراج عنه هو وزملاؤه، ليلتحق بعد ذلك بجماعة "أنصار الدين" بإقليم أزواد المالي ويستأنف من هناك نشاطه المسلح ضد موريتانيا.
وأوقفت وحدة من القوات الفرنسية في مالي "برخان" ولد حمود بداية 2019 خلال عملية نفذتها شمال مدينة "تمبكتو"، وتم تسليمه للقوات المالية.
صفقة تبادل مع إرهابيين
بلغ عدد المطلق سراحهم في صفقة الإفراج عن زعيم المعارضة في مالي والرهينة الفرنسية 182 سجينا، وفق مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية".
وبهذا تم الإفراج عن المعارض المالي سومايلا سيسي وموظفة الإغاثة الفرنسية صوفي بترونين، بعد بقائهما فترة طويلة في قبضة المسلحين.
أكثر من 6 أشهر في الأسر قضاها المعارض المالي و4 سنوات قضتها بترونين رفقة المسلحين في شمال مالي، وأفرج عنهم، الخميس، في "تيساليت" بمنطقة كيدال شمال مالي.
وتم احتجاز سوميلا وبترونين من قبل جماعة تسمى "نصرة الإسلام والمسلمين"، موالية لتنظيم القاعدة، ويقودها المالي "إياد أغ غالي"، وهو زعيم سابق للمتمردين الطوارق في التسعينيات، قبل أن يتحول إلى الجماعات المسلحة.
وكان الإفراج عن السياسي المالي وموظفة الإغاثة الإنسانية الفرنسية متوقعا منذ عدة أيام، بعد اتفاق تم التوصل إليه قبل عدة أسابيع بين السلطات المالية وإرهابيي جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين".
وترأست موريتانيا الدورة الحالية لتجمع بلدان الساحل الأفريقي الخمسة، التي تضم إلى جانبها كل من مالي والتشاد والنيجر وبوركينا فاسو.
وتم إنشاء التجمع الإقليمي الذي يستهدف التنسيق المشترك حول قضايا الإرهاب والأمن، في 2014، بمبادرة من رؤساء بلدان المنطقة التي تواجه تحديات أمنية وتنموية مشتركة.