المتوسط يغلي.. العلماء يحذرون من موجة حر بحرية تاريخية

شهد البحر المتوسط خلال النصف الأول من عام 2025 ارتفاعا غير مسبوق في درجات حرارة سطح مياهه.
وسجلت موجة حر بحرية تاريخية أدت إلى وصول درجات حرارة المياه إلى مستويات قياسية، ما أثار قلق العلماء والخبراء البيئيين حول تداعيات هذه الظاهرة على المناخ والطقس في المنطقة.
ووفق البيانات والتحليلات الصادرة عن المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية طويلة المدى، كانت أعلى درجات ارتفاع الحرارة في مياه البحر المتوسط الغربي، لا سيما في مناطق بحر البليار وبحر التييراني، حيث تجاوزت درجات حرارة المياه مستوياتها المعتادة بفارق يصل إلى 5-6 درجات مئوية.
وسجلت بعض المناطق حرارة تصل إلى 29 درجة مئوية، في حين أن المتوسط العام لدرجات حرارة مياه المتوسط خلال هذا الوقت من العام هو حوالي 23 درجة مئوية.
هذا التسخين الاستثنائي للمياه يثير مخاوف من تأثيرات محتملة على الطقس خلال الأشهر المقبلة، إذ تعمل المياه الدافئة على زيادة الرطوبة في الهواء، ما يؤدي إلى رفع نقطة الندى وزيادة الطاقة الحركية اللازمة لتغذية العواصف الرعدية والأمطار الغزيرة خلال الصيف المتأخر والخريف.
وتُعرف هذه الظاهرة بموجة الحر البحرية، وهي نتيجة لأنظمة جوية مستقرة تسمى "قبة الحر"، حيث تحبس كتلة من الهواء الساخن الضغط العالي فوق منطقة واسعة لفترة طويلة، ما يمنع تبريد المياه البحرية ويسمح بتراكم الحرارة. وتعد هذه الظاهرة مسؤولة عن بعض أشد مواسم الصيف حرارة في مناطق عدة حول العالم.
وقد رُصدت موجات حر بحرية مماثلة في السنوات الماضية، لكن موجة الحر الحالية في البحر المتوسط تعد واحدة من الأكبر عالميا لهذا العام، مع تأثيرات ملموسة على البيئة البحرية ونظمها الإيكولوجية، خصوصا في المياه الضحلة.
كما سجل البحر الأسود ارتفاعا في درجات الحرارة تجاوزت المعدلات الطبيعية بمقدار 1-2 درجة مئوية، مما يزيد من مستوى الرطوبة في الهواء ويعزز فرص تكون العواصف في جنوب شرق البلقان.
تأثير موجة الحر البحرية على البيئة والبشر
ويقول خالد شاهين، أستاذ البيئة البحرية بجامعة قناة السويس للعين الإخبارية، إن "درجات حرارة المياه المرتفعة تؤثر سلبا على الحياة البحرية، حيث تتعرض الشعاب المرجانية، والأسماك، والكائنات البحرية الأخرى لضغوط حرارية تؤدي إلى تدهور النظم الإيكولوجية، كما تؤدي هذه الظاهرة إلى تغييرات في توزيع أنواع الأسماك وهجرة بعضها إلى مناطق أبرد، مما يؤثر على الصناعات السمكية المحلية والاقتصاد المرتبط بها".
ويضيف أنه "على المستوى البشري، تزيد موجات الحر البحرية من فرص حدوث فيضانات وأمطار غزيرة، مما يهدد البنية التحتية والمناطق الساحلية، ويشكل خطرا على حياة السكان، كما تؤدي الرطوبة المرتفعة المصاحبة لارتفاع درجات حرارة المياه إلى تفاقم مشاكل الصحة العامة، خاصة للأشخاص المعرضين لأمراض الجهاز التنفسي والقلب".
وينصح شاهين، بمراقبة مستمرة لدرجات حرارة مياه البحر المتوسط، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر للفيضانات والعواصف، إلى جانب تطوير خطط إدارية للطوارئ في المناطق الساحلية الأكثر عرضة للخطر، كما يوصى بتكثيف الدراسات البحثية لفهم تأثير موجات الحر البحرية على النظم البيئية والبشرية، والعمل على تعزيز قدرات التكيف مع التغيرات المناخية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA==
جزيرة ام اند امز