اجتماع على ضفاف دجلة يكتب نهاية قاسم سليماني
تفاصيل مخطط قاسم سليماني على أهداف أمريكية كان يهدف لاستفزاز واشنطن من أجل دفعها لرد عسكري يخفف الضغط عن حلفاء إيران في العراق
كشفت وكالة رويترز عن تفاصيل اجتماع عقده الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بقادة مليشيات الحشد الشعبي على ضفاف نهر دجلة قبالة السفارة الأمريكية في بغداد، وأدى إلى إقدام واشنطن على استهداف موكبه.
وقتل سليماني في الغارة التي شنتها طائرة أمريكية بدون طيار ليلة الخميس الجمعة، قرب مطار بغداد الدولي، إلى جانب أبومهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي وقيادات أخرى.
ونقلت الوكالة عن اثنين من قادة المليشيات ومصدرين أمنيين إن سليماني اجتمع مع مليشيات عراقية في فيلا على ضفاف نهر دجلة مطلة على مجمع مبنى السفارة الأمريكية ببغداد في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، حيث وجّه أبوالمهدي المهندس وقادة مليشيات آخرين لتصعيد الهجمات على أهداف أمريكية في البلاد باستخدام أسلحة إيرانية متطورة.
وأوضحت أن هذه الجلسة الاستراتيجية، التي لم يتم الإعلان عنها من قبل، جاءت في وقت اكتسبت فيه الاحتجاجات المناهضة للنفوذ الإيراني المتزايد في العراق زخما كبيرا، وضعت طهران في موضع غير مرغوب به.
واستهدفت خطط سليماني لمهاجمة القوات الأمريكية إثارة رد عسكري من شأنه إعادة توجيه الغضب المتصاعد ناحية الولايات المتحدة، حسب المصادر المطلعة على الاجتماع وساسة عراقيين ومسؤولين حكوميين مقربين من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
لكن انتهت جهود سليماني بالتسبب في الهجمات الأمريكية، الجمعة، الذي أسفرت عن مقتله والمهندس، لتمثل تصعيدا كبيرا في التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وذكرت الوكالة أن المقابلات مع المصادر الأمنية العراقية وقادة المليشيات الطائفية تقدم لمحة نادرة عن كيفية عمل سليماني داخل العراق، التي قال ذات مرة لأحد مراسلي "رويترز" أنه يعلمها تمام العلم.
وقبل أسبوعين على اجتماع أكتوبر/تشرين الأول، أمر سليماني الحرس الثوري الإيراني بنقل مزيد من الأسلحة المتطورة -مثل صواريخ كاتيوشا وصواريخ محمولة على الكتف قادرة على إسقاط مروحيات- إلى العراق عبر معبرين حدوديين، حسب قادة المليشيات والمصادر الأمنية العراقية.
وفي فيلا بغداد وجّه سليماني القادة الموجودين بالاجتماع بتشكيل مجموعة جديدة من المليشيات غير معروفة للولايات المتحدة يمكنها تنفيذ هجمات صاروخية على الأمريكيين الموجودين بالقواعد العسكرية العراقية، وأمر كتائب حزب الله بتوجيه الخطة الجديدة، حسب المصادر المطلعة على الاجتماعات.
وقال مصدر من المليشيات إن سليماني أخبرهم بأن مثل تلك المجموعة "سيكون من الصعب أن يرصدها الأمريكيون".
لكن قبل الهجمات، كان لدى مجتمع الاستخبارات الأمريكي سببا لاعتقاد أن سليماني متورط في "مرحلة متقدمة" من التخطيط لشن هجمات تستهدف الأمريكيين داخل عدة دول، من بينها العراق وسوريا ولبنان، وفقا لما قاله مسؤولون أمريكيون لـ"رويترز"، الجمعة. وقال مسؤول أمريكي بارز إن سليماني زود كتائب حزب الله بأسلحة متطورة.
وقال قائد مليشيا لرويترز إن سليماني اختار كتائب حزب الله لقيادة الهجمات على القوات الأمريكية في المنطقة، لأن لديها المقدرة على استخدام طائرات من دون طيار لاستكشاف الأهداف من أجل هجمات صواريخ كاتيوشا.
وأوضح قادة المليشيا أنه من بين الأسلحة التي أرسلها سليماني إلى المليشيات العراقية الموالية الخريف الماضي طائرة بدون طيار طورتها إيران، ويمكنها الإفلات من أجهزة الرادار، ووفقا لمسؤولين أمنيين عراقيين يراقبان تحركات المليشيات، استخدمت كتائب حزب الله طائرات بدون طيار لجمع صور جوية من المواقع التي أرسلت إليها القوات الأمريكية.
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول، قال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى إن الهجمات التي نفذتها الجماعات الموالية لإيراني على قواعد تتمركز بها قوات أمريكية في العراق كانت في ازدياد وأصبحت أكثر تعقيدا، مما يدفع جميع الأطراف نحو تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.
هذا التحذير جاء بعد يومين على الهجوم بصواريخ كاتيوشا التي استهدف قاعدة قرب مطار بغداد الدولي، الذي أسفر عن إصابة 5 من قوات مكافحة الإرهاب العراقية، وفيما لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الحادث قال مسؤول عسكري أمريكي إن التحليلات الاستخباراتية والتحليل الجنائي للصواريخ أشارت إلى مليشيات طائفية موالية لإيران، لا سيما كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق.
وفي 27 ديسمبر/كانون الأول، أطلق أكثر من 30 صاروخا على قاعدة عسكرية عراقية قرب كركوك شمالي العراق، ما أسفر عن مقتل متعاقد مدني أمريكي وإصابة 4 جنود أمريكيين وعسكريين عراقيين.