هل تحكم ميركل ألمانيا لولاية خامسة بسبب "كورونا"؟
نجحت إدارة ميركل لأزمة كورونا، في القفز بمعدلات تأييد الاتحاد المسيحي إلى 40%، وحافظت على صدارة السياسيين الأكثر شعبية في البلاد.
كان خطاب المستشارة أنجيلا ميركل أمام البرلمان الألماني منتصف الشهر الماضي، كاشفا ومعبرا عن المرحلة بامتياز، وأظهر التقدير للاختلافات والانتماءات السياسية التي تحظى به المرأة الحديدية.
بجانب أن نجاحها في قيادة البلاد خلال بحر "كورونا" المتلاطم الأمواج، فتح الباب بقوة أمام مسألة بقاء ميركل في السلطة لولاية خامسة عقب نهاية فترتها الحالية في خريف 2021.
ورغم تجاوز المستشارة الوقت المحدد لذلك الخطاب والمقدر بساعة واحدة، وتحويلها الخطاب والرد على أسئلة النواب إلى ما يشبه العزف المنفرد، سجلت محاضر البرلمان كم غير معهود من التصفيق والبهجة، ووصلات متكررة من التقدير تارة من كتلة الاتحاد المسيحي "يمين وسط" الذي تنحدر منه ميركل، وتارة أخرى من كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط"، الشريك في الائتلاف الحاكم.
بل أن كتل أحزاب المعارضة؛ اليسار والديمقراطي الحر "يمين وسط" والخضر "يسار" عبرت عن الكثير من التقدير للمستشارة خلال الخطاب، بسبب إدارتها الناجحة لأزمة "كورونا" المستجد، ونجاحها في العبور بالبلاد دون اغلاق كامل، أو انهيار للنظام الصحي، وبنسب وفاة أقل من المعدل العالمي، وفق تقرير للإذاعة الألمانية "دويتشه فيله".
وبالأرقام، نجحت إدارة ميركل لأزمة كورونا، في القفز بمعدلات تأييد الاتحاد المسيحي إلى 40%، مقارنة بـ24% قبل الأزمة مباشرة، وحافظت المستشارة على صدارة السياسيين الأكثر شعبية في البلاد بمعدلات تأييد تقترب من الـ70%، وفق استطلاع أجراه معهد (كانتار).
هذه النجاحات، فتحت الباب بقوة أمام مسألة بقاء ميركل في السلطة لولاية خامسة عقب نهاية فترتها الحالية في خريف 2021، وركزت الجدل السياسي في ألمانيا حول التمديد للمرأة الحديدية، بحسب صحيفة دي فيلت الألمانية.
بقاء ميركل
وما أضفى المزيد من الجدية على هذا الجدل، اطلاق وزير الداخلية الحالي، هورست زيهوفر، تصريحات كشفت عن تعاطي النخبة الحاكمة مع اقتراح بقاء ميركل في السلطة.
وقال زيهوفر في تصريحات لصحيفة بيلد الألمانية في مايو الماضي "لا أستطيع انكار أني سمعت الفكرة (ترشح ميركل لولاية خامسة) كثيرا في الآونة الأخيرة".
ولم يتوقف الوزير عن الثناء على "العمل الجماعي الممتاز" و"القيادة الاستراتيجية" لميركل خلال أزمة "كورونا" المستجد الأخيرة.
والأحد الماضي، أبدى ماركوس زودر، رئيس حكومة ولاية بافاريا والمعروف بانتقاداته الكبيرة لميركل، انفتاحا على سيناريو بقاء ميركل في السلطة لولاية خامسة، حيث قال في تصريحات صحفية "المستشارة تقود بلادنا عبر هذه الأزمة بشكل جيدا للغاية، وكل شيء آخر هي التي تقرره لنفسها".
وأضاف السياسي المحافظ أن "الأزمة أظهرت من يثق به الألمان في الأوقات الصعبة، وهذه مسؤولية كبيرة"، وتوقع زودر أن يتم حسم مسألة مرشح الاتحاد المسيحي للمستشارية مطلع العام المقبل.
وكانت ميركل قررت في خطوة مفاجئة في أكتوبر 2018 الاستقالة من رئاسة الحزب الحاكم، وعدم الترشح لولاية خامسة، والاكتفاء بولايتها الحالية.
ووفق "دويتشه فيله"، تحظى ميركل بدعم كبير داخل الاتحاد المسيحي بعد فترة من التذبذب السياسي، والمشاكل الصحية، بعد نجاحها في إدارة أزمة "كورونا" بشكل جيد للغاية.
وفي هذا الإطار، قال ماركو واندرويتز، عضو البرلمان عن الاتحاد المسيحي لـ"دويتشه فيله": "تتمتع المستشارة بمستوى متميز واحترام كبير على المستويين الدولي والوطني".
وأضاف "قادت المستشارة البلاد في الأزمة الحالية بحرفية عالية، واستطاعت النجاة بها من واحدة من أسوأ الأزمات التي مرت بها ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".
فيما قال هيربرت هارته، عضو البرلمان عن الاتحاد المسيحي في تصريحات صحفية مؤخرا "لا اعتقد أن ميركل ستكون متاحة لولاية خامسة"، مضيفا "لقد اتخذت المستشارة قرارا نهائيا في 2018 حيال هذا الموضوع، وواحد من أهم مميزاتها هو التزامها الشديد بكلمتها".
رأس مرفوع
ونقلت دويتشه فيله عن برلماني بارز آخر فضل عدم ذكر اسمه، قوله "بعد الولاية الحالية، وإدارتها الأزمات بشكل جيد، ستغادر ميركل على الأرجح الساحة السياسية برأس مرفوع".
وقال فريدريش ميرتز، السياسي البارز بالاتحاد المسيحي في مقابلة مع صحيفة "نويه زوريشر" السويسرية الناطقة بالألمانية، مؤخرا: "انطلاقا من معرفتي الجيدة بالجهات الفاعلة وآرائها في هذا الموضوع، أتوقع أن الاتحاد المسيحي سيدفع بمرشح آخر (غير ميركل) لمنصب المستشار في الانتخابات المقبلة".
بدوره، حسم الخبير الألماني هوجو مولر في مقال في مجلة فوكس الألمانية، أمر ترشح ميركل لولاية خامسة، وقال "تراجع ميركل عن قرارها السابق بالانسحاب من الحياة السياسية غير وارد اطلاقا".
وتابع "ليس معروفا عن المستشارة تراجعها عن قرار اتخذته مهما كانت الضغوط".
كانت ميركل نفسها قالت في تصريحات صحفية في مايو 2019 "كما قلت وقت انسحابي من رئاسة الحزب (أواخر 2018): أنا لست متاحة لأي منصب سياسي جديد"، ما يعني أن رئاستها للحكومة الحالية ستكون نهاية عهدها بالسياسة.
وتعتبر الولاية الحالية الأصعب على الإطلاق منذ صعود ميركل للسلطة في 2005، حيث تعرضت لسلسلة من الأزمات الصحية والصعوبات السياسية.
وخلال 2019، تعرضت ميركل للارتجاف 3 مرات متتالية أمام عدسات الكاميرات، ما أجبرها على حضور استقبالات عامة جالسة على مقعد، وهي السيدة التي لم تظهر أي لحظات ضعف طوال وجودها في السلطة.
كما تعرض الائتلاف الحاكم الذي تقوده ميركل المنحدرة من الاتحاد المسيحي، بمشاركة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلى هزات سياسية عنيفة خلال العامين الماضيين، في ضوء الخلافات بين طرفيه حول عدة قضايا؛ أبرزها قضايا المناخ والرقمنة وميزانية الدفاع والحد الأدنى للأجور.
ولا تتمتع ميركل بشعبية كبيرة بين الألمان فقط، حيث تحظى السيدة المعروفة بحبها للموسيقى الكلاسيكية ومواظبتها على حضور حفلات الأوبرا، بحب واحترام الجاليات العربية في ألمانيا، وأطلق عليها السوريون "ماما ميركل".
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuMTY5IA== جزيرة ام اند امز