ميسي وسكالوني.. ثنائية أنهت كوابيس الكرة الأرجنتينية
أنهى منتخب الأرجنتين لعنة كأس العالم بعد انتظار 36 عاما، بحصد لقب مونديال 2022 على حساب فرنسا.
وكانت الأرجنتين قد نجحت في اقتناص نجمتها الثالثة بعد التغلب على فرنسا في نهائي كأس العالم 2022، وذلك بعد الاحتكام لركلات الترجيح والفوز بنتيجة 4-2، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 3-3.
ودخل المدير الفني ليونيل سكالوني التاريخ بعد أن أعاد للأرجنتين لقبها الغائب منذ عام 1986، حيث أن مسيرته التدريبية كانت قرارًا مجازفًا من الاتحاد الأرجنتيني بحد ذاته، ومليئًا بالصراع والانتقادات، وبالعقبات التي لم يكن سكالوني ليتجاوزها لولا وجود ليونيل ميسي.
رجل بلا خبرة
لإدراك قيمة الإنجاز الأرجنتيني، علينا أن نعود قليلًا إلى الخلف، وتحديدًا ما بعد احباط الأرجنتين بالخروج من دور الـ16 في كأس العالم 2018، وتحديدًا أمام فرنسا التي تُوجت باللقب في النهاية.
لعبت الأرجنتين كأس العالم السابقة تحت قيادة فنية لخورخي سامباولي، والذي عاونه سكالوني.
لم يكن سكالوني ذو خبرة كبيرة في مجال التدريب، حيث بالكاد اعتزل لعب كرة القدم بعد محطة أخيرة مع نادي اتالانتا الإيطالي في 2015، لينضم في 2016 إلى سامباولي في القيادة الفنية لنادي إشبيلية الإسباني، ومنه إلى منتخب الأرجنتين.
بعد مأساة 2018، تمت التضحية بسامباولي، مع الاحتفاظ بخدمات سكالوني وبمعاونة بابلو إيمار، وكان من المفترض أن تكون المهمة بشكل مؤقت.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، قرر الاتحاد الأرجنتيني الإبقاء على سكالوني حتى يونيو 2019، وذلك بنهاية "كوبا أمريكا" في ذلك العام، وهو القرار الذي لاقى معارضة كبيرة داخل الأرجنتين، والمبرر أن سكالوني الذي كان بالغًا من العمر 40 عامًا آنذاك يُعتبر مديرًا فنيًا قليل الخبرة، وأنه لن يكون الحل لأزمات الأرجنتين التي عانت من الكثير من الاحباطات في السنوات القليلة السابقة.
ولكن بختام "كوبا أمريكا"، تغيرت قناعات الأرجنتينيين. حصد الفريق المركز الثالث في البطولة بعد أداء مقنع، وكانت البطولة بمثابة مرحلة انتقالية لتجديد ثقة لاعبي الفريق بأنفسهم.
زملاء ملاعب
مع بداية تولي سكالوني للمهمة بعد الخروج من كأس العالم 2018، زادت التكهنات حول مستقبل ليونيل ميسي مع المنتخب الأرجنتيني.
قائد الأرجنتين كان قد أعلن اعتزاله الدولي في 2017 بعد خسارة كوبا أمريكا، قبل أن يتم اثناءه عن قراره، وهو الأمر الذي توقعت الجماهير تكراره في 2018.
في بدايات ميسي كلاعب دولي، تزامل قائد الأرجنتين الحالي مع ليونيل سكالوني في كأس العالم 2006، لذا فلديهما تاريخ سابق كلاعبين دوليين زميلين، ومن هنا كان سر التعامل الخاص الذي حظى به ميسي.
يقول سكالوني في حوار سابق لـ ESPN: "علمنا أن ميسي يفكر في إنهاء مسيرته الدولية. فقمنا بإجراء مكالمة. أخبرته: مرحبًا، أنا ليونيل سكالوني، ومعي بابلو إيمار.. نريدك أن تكون معنا خلال الفترة المقبلة".
بابلو إيمار كان بمثابة طوق نجاة لمسيرة ميسي الدولية، فهو بطل طفولة ميسي، والذي أجابهما بأنه سيظل ملتزمًا بواجبه الوطني وسيعاود الاتصال بهما.
قرر سكالوني منح راحة لميسي من اللعب الدولي لفترة، وكان الهدف هو تكوين منتخب يستطيع أن يكون واثقًا في حظوظه بدون ميسي، حيث كانت تلك هي الأزمة الكبرى في منتخب الأرجنتين. بدون ميسي، لا نستطيع.
عاد ميسي تدريجيًا لمنظومة سكالوني في الأرجنتين، ومع الأداء المميز الذي ظهر عليه الفريق في "كوبا أمريكا 2019"، بدأ الإيمان بإمكانية أن يحقق ميسي إنجازًا دوليًا قبل أن تنتهي مسيرته.
يكفينا شرف المحاولة
بعد التتويج بكأس العالم، كشف ليونيل سكالوني عن محادثة خاصة دارت بينه وبين قائد المنتخب ليونيل ميسي.
وتعود المحادثة إلى نوفمبر من العام الماضي في سان خوان الأرجنتينية، بعد أن انتهت مباراة في تصفيات كأس العالم أمام الغريم البرازيلي بالتعادل السلبي.
ويعترف سكالوني بأنه كان يشعر بتخوف شديد بألّا تسير الأمور على ما يرام، وأن وقتها سيكون الاحباط شديدًا للغاية، وهو ما كشفه لميسي في محادثاتهما.
قبل أن يعود ميسي إلى باريس، قال لسكالوني: "سنستمر في المحاولة لأنه من المُحتمل أن تسير الأمور على ما يرام. وإن لم يحدث، فقد حاولنا على الأقل".
ويعترف سكالوني أن عبارات ميسي منحته دفعة هامة في توقيت صعب.
ويمكن ملاحظة العلاقة المميزة التي تجمع الثنائي من خلال الصور المؤثرة التي تجمعهما في أعقاب الفوز في كل مباراة خلال كأس العالم 2022.
وبدا سكالوني متأثرًا للغاية في أعقاب العديد من المباريات، فهو بالكاد مدير فني يخوض تجربته الأولى كرجل أول، وكان مطالبًا بأن يجد حلولًا لانتكاسات متتالية للمنتخب الأرجنتيني، عجز عن إيقافها مديرين فنيين متمرسين، ولم يكن ينجح في ذلك لولا التحول الذي حدث في شخصية ميسي على صعيد المشاركات الدولية.
سكالوني، الذي جاء بغرض أن يكون مديرًا فنيًا مؤقتًا، والذي لاقى اعتراضات عديدة لقلة الخبرة، منح الأرجنتين لقبها الأول من كوبا أمريكا منذ 1993، وأنهى صبر الأرجنتينيين على كأس العالم الغائبة منذ 1986، وتفوق على إيطاليا في الـ "فيناليسما" التي تجمع بطل أمريكا الجنوبية مع بطل أوروبا، ليكتب تاريخًا شخصيًا له، وليساهم في حسم أحقية ميسي بأن يكون اللاعب الأفضل في التاريخ.