الأسواق تترقب نتائج الأعمال.. هل تصمد «ميتا» أمام عاصفة الرسوم؟

تتجه الأنظار الأربعاء نحو شركة «ميتا»، حيث تستعد للكشف عن نتائج أرباحها والتي قد تحدد نتائج أداء قطاع التكنولوجيا بأكمله.
ووسط رهانات مرتفعة، تترقب أوساط الأعمال نتائج أعمال الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية 1.3 تريليون دولار. وتتوقع أسواق "وول ستريت" أرباحًا قوية للسهم تبلغ حوالي 5.25 دولار، بزيادة 12% عن العام الماضي الذي سجل 4.71 دولار. هذه التوقعات تأتي بعد ربع مميز تجاوزت فيه "ميتا" التوقعات بنسبة 20%، بفضل إيرادات الإعلانات القوية وتحقيق كفاءات تشغيلية أعلى.
ووفقا لتقرير موقع "ساكسو بي انفستد" فإنه رغم هذه المؤشرات المتفائلة، فإن القلق يتزايد بين المستثمرين، فالقيمة المرتفعة لأسهم "ميتا" تعني أن أي خطأ بسيط قد يؤدي إلى تراجعات حادة في السهم، كما يبرز في الأفق تهديد جيوسياسي يتمثل في الرسوم الجمركية.
مأزق الرسوم الجمركية
وأحد أكبر المخاطر التي تلوح أمام "ميتا" هو تعرضها لتداعيات الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين. ففرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية يشكل تهديداً حقيقياً لشركة تعتمد بشكل متزايد على عمالقة التجارة الإلكترونية الصينية مثل "تيمو" و"شي إن" كمعلنين رئيسيين.
وتشير تقديرات المحللين إلى أن "ميتا" قد تخسر ما يصل إلى 7 مليارات دولار من عائدات الإعلانات هذا العام وحده بسبب انخفاض الإنفاق الإعلاني من الصين. وفي العام الماضي، شكلت الإعلانات الصينية نحو 11% من إجمالي عائدات إعلانات الشركة، مما يجعل أي تراجع هنا ضربة مزدوجة للعائدات والنمو المستقبلي.
وما ستعلنه إدارة "ميتا" عن تداعيات الرسوم الجمركية سيكون بالغ الأهمية. والمستثمرون يريدون وضوحاً: هل هناك خطط بديلة لتنويع مصادر العائدات؟ هل بإمكان الشركة تعويض الخسائر من أسواق أخرى؟ إجابات واثقة قد تهدئ الأسواق، أما الغموض أو الحذر المفرط فقد يثير موجة بيعية.
التوجيه المستقبلي
وفي مناخ الغموض، يصبح التوجيه المستقبلي للشركة عاملاً محورياً. فالمستثمرين لن يراقبوا الأرقام فقط، بل سيصغون بعناية إلى نبرة حديث الإدارة وتفاصيل رؤيتها. هل ترى الإدارة طريقاً واضحاً لنمو الإيرادات رغم العواصف الاقتصادية؟ أم أنها تتوقع تباطؤاً في الأشهر المقبلة؟
وهناك بعض الأمل؛ إذ لطالما أظهرت منصة الإعلانات الخاصة بـ"ميتا"، القائمة على الأداء القابل للقياس، قدرة على الصمود في وجه تباطؤ الاقتصاد. ولكن لا شيء مضمون، وأي إشارة إلى تراجع في الطلب قد تضعف المعنويات بسرعة.
الذكاء الاصطناعي
ووسط هذه الضغوط، قد يشكل الذكاء الاصطناعي نقطة مضيئة. فقد ضخت "ميتا" استثمارات ضخمة في أدوات الإعلان المدعومة بالذكاء الاصطناعي، لاسيما عبر منصة "ريلز" للفيديوهات القصيرة. وقد ساعدها ذلك على استقطاب حصة من ميزانيات الإعلانات، خاصة مع تصاعد القيود على "تيك توك" في الولايات المتحدة.
ولكن الذكاء الاصطناعي مكلف. فمن المتوقع أن تتراوح نفقات "ميتا" الرأسمالية لعام 2025 بين 60 و65 مليار دولار. والتحدي يكمن في إقناع المستثمرين بأن هذه الاستثمارات الضخمة ستترجم إلى مكاسب ملموسة
وكما يؤكد مارك زوكربيرغ، المدير التنفيذي للشركة، فإن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ميزة إضافية بل مستقبل الشركة بأكملها. وبالتالي، فإن القدرة على تحقيق توازن بين الإنفاق الجريء والعائدات المرئية ستكون حاسمة لضمان النجاح طويل الأمد.
الانضباط المالي
وجانب آخر حاسم سيراقبه المستثمرون هو مدى التزام "ميتا" بضبط التكاليف. ورغم التحسن الملحوظ مؤخراً، فإن التكاليف الباهظة للذكاء الاصطناعي وخسائر قسم "رياليتي لابز" (المعني بالواقع الافتراضي) تثير بعض المخاوف.
وإذا تمكنت الشركة من الحفاظ على سيطرة صارمة على التكاليف مع تقديم رؤية واضحة لتجاوز تحديات الرسوم الجمركية، فقد تبقى الثقة قائمة. أما إذا انفلتت النفقات دون عائدات موازية، فقد يهتز موقفها سريعاً.
ورغم الرياح المعاكسة، لا تزال تحليلات السوق متفائلة، إذ تشير الأهداف السعرية إلى احتمال ارتفاع السهم بنحو 30% عن مستوياته الحالية. ومع ذلك، وبعد تراجعه بأكثر من 10% هذا العام وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية، تقف "ميتا" عند مفترق طرق: فهي جذابة للمستثمرين على المدى الطويل، لكنها معرضة لتقلبات عنيفة على المدى القصير.
وفي النهاية، فإن تقرير أرباح "ميتا" لن يكون مجرد استعراض للأرقام بل اختبار حقيقي للثقة. وإذا تمكنت من إثبات قدرتها على الصمود وسط هذه العواصف، فقد تخرج أقوى مما كانت عليه. والسؤال الأهم: هل تستطيع "ميتا" الصمود أمام العاصفة؟