مستقبل «اليونيفيل» في مهب الريح.. واشنطن تضغط وأوروبا تحذر

يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين حول مستقبل قوات حفظ السلام الدولية في لبنان، وسط مخاوف من تداعيات قد تهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وبحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، يتوقع أن يضيف هذا الخلاف جبهة جديدة إلى سلسلة الأزمات التي تعصف بالعلاقات بين واشنطن وشركائها التقليديين مثل باريس ولندن وروما.
تعود جذور الأزمة إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، التي أنشئت عام 1978 لمراقبة انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، قبل أن تتوسع مهامها عقب حرب يوليو/تموز 2006 مع حزب الله.
وقد لعبت القوة على مدى عقود، دورا في ضبط التوتر على الحدود، لكنها لم تسلم من انتقادات متبادلة بين إسرائيل وحزب الله بشأن فعاليتها وحيادها.
الموقف الأمريكي
منذ وصولها إلى البيت الأبيض، تبنت إدارة الرئيس دونالد ترامب سياسة تهدف إلى إنهاء مهمة "اليونيفيل"، معتبرة أنها قوة "باهظة الكلفة وغير فعالة"، ولا تسهم في الحد من نفوذ حزب الله.
وبعد تقليص التمويل الأمريكي، صادق وزير الخارجية ماركو روبيو الأسبوع الماضي على خطة تستهدف إنهاء عمل القوة خلال ستة أشهر، في خطوة تنسجم مع توجه أوسع للانسحاب من الالتزامات الخارجية وتقليص الإنفاق على التحالفات الدولية.
الموقف الأوروبي
في المقابل، تقود فرنسا وإيطاليا تحركا دبلوماسيا لتمديد التفويض، محذرتين من أن الانسحاب قبل استعداد الجيش اللبناني لتولي المسؤولية سيترك فراغا أمنيا خطيرا.
وتستشهد باريس بتجربة مالي، حيث أدى انسحاب قوات الأمم المتحدة المفاجئ إلى اتساع نفوذ الجماعات الإرهابية.
وبضغط أوروبي، جرى التوصل إلى صيغة أولية تنص على تمديد المهمة عاما إضافيا، يعقبه جدول زمني للانسحاب التدريجي خلال ستة أشهر، وهو مقترح لقي قبولا حذرًا من إسرائيل.
لكن واشنطن ما زالت تصر على تحديد موعد قاطع للانسحاب، فيما اكتفت المسودة الفرنسية الأخيرة بالإشارة إلى "نية مجلس الأمن العمل على انسحاب تدريجي" من دون التزام بموعد محدد.
انتقادات ومخاوف
تتبادل إسرائيل وحزب الله الاتهامات بشأن "اليونيفيل": فالحزب يعتبرها متواطئة مع تل أبيب، بينما تتهمها الأخيرة بغض الطرف عن نشاطاته العسكرية.
وقد أشار محللون إسرائيليون إلى اكتشاف أنفاق ومخازن أسلحة قرب مواقع القوة الدولية، معتبرين وجودها عائقًا أمام جهود نزع سلاح حزب الله.
في المقابل، تؤكد الأمم المتحدة أن "اليونيفيل" تواصل رصد الأسلحة غير الشرعية وإبلاغ الجيش اللبناني عنها، مشيرة إلى ضبط منصات صواريخ وقذائف هاون في الجنوب.
من جانبها، تتمسك الحكومة اللبنانية ببقاء القوة الدولية، مؤكدة أن الجيش، الذي يعاني أزمة مالية ونقصا في العتاد، وغير قادر على ضبط الحدود بمفرده.
ويحذّر خبراء عسكريون من أن انسحابا مفاجئا سيضطر الجيش إلى سحب وحدات من جبهات أخرى، مثل الحدود مع سوريا، ما قد يهدد التوازن الهش في البلاد.
من جهتها، شددت الأمم المتحدة على أهمية استمرار وجود "اليونيفيل" لضمان الاستقرار الإقليمي، فيما أكد المتحدث باسمها أندريا تيننتي أن القرار النهائي بيد مجلس الأمن، قائلا: "نحن هنا لمساعدة الأطراف على تنفيذ التفويض، وننتظر ما سيتقرر بشأن مستقبل المهمة".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز