«سوق الوومن» في عدن.. ملاذ آمن لليمنيات العاملات
تمثل النساء اليمنيات أكثر الفئات المجتمعية تضرراً بالحرب الحوثية التي أتت على أحلام اليمنيين واليمنيات وضيقت عليهم أرزاقهم.
ولأنهنّ قوة اقتصادية؛ استمرت النساء اليمنيات في مقاومة ظروف الحرب، واشتغلنّ في حرفٍ ومهنٍ عديدة، كما افتتحنّ مشاريع صغيرة؛ بهدف مقاومة التداعيات المعيشية للحرب؛ وإعالة أسرهنّ.
هذه القوة الاقتصادية، كانت بحاجةٍ إلى تنظيمٍ وتوجيه، بعد أن اتخذت من الشوارع والتجمعات العامة مواقع لها لبيع منتجاتها، فكان أن بادر ناشطون مجتمعيون ومختصون في العمل الإنساني، بمدينة عدن، إلى جمع هؤلاء النسوة المُنتجات في مكانٍ واحد.
كان الهدف من مبادرةٍ كهذه، إيجاد سوقٍ يجمع النساء العاملات، ويحتضن مشاريعهنّ المُنتجة؛ لضمان استدامتها ويحفظ لهنّ مصدر دخلٍ يقدم لهنّ حياةً كريمة، في ظل أوضاعٍ اقتصادية صعبة تعيشها البلاد.
وبالفعل، تحولت المبادرة تحولت إلى واقعٍ ملموس، بعد تدشين ما أطلق عليه "سوق الوومن"، في مدينة عدن؛ ليصبح حاضنةً لرائدات الأعمال ومالكات المشاريع الصغيرة.
ضمان فرص اقتصادية للنساء
تقول منسقة سوق "الوومن" بمؤسسة "بديل" للتنمية، شفاء سعيد باحميش، إن فكرة السوق، الذي يعد أول سوقٍ نسوي منظم من نوعه بمحافظة عدن، جاءت من الواقع الذي تعيشه النساء في عدن، من خلال عملهنّ في السوق العام بمنطقة كريتر، في مديرية صيرة.
وفي تصريحٍ خاص لـ"العين الإخبارية"، تقول شفاء باحميش: "إن بعض النساء كنّ بائعاتٍ جائلاتٍ في المستشفيات والشوارع؛ نتيجة ظروف معيشية صعبة وغير آمنة، مع غياب مساحاتٍ تحفظ كرامتهنّ وتمنحهنّ فرصةً عادلةً للعمل".
وتضيف باحميش، والتي تشغل أيضًا منصب نائبة رئيس لجنة الوساطة المجتمعية في مديرية صيرة، "أن الفكرة بدأت كمبادرة مناصرة لحق المرأة في الوصول إلى الفرص الاقتصادية وصنع القرار".
مشيرةً إلى أن المبادرة تحققت على الواقع عبر نقاشاتٍ وجلسات مع شخصياتٍ من مديرية صيرة، وتنسيقٍ مع السلطة المحلية بمديرية صيرة في عدن، حتى تحولت إلى مشروعٍ متكامل.

- نور لا ينطفئ.. سواعد الإمارات تضيء مدن اليمن
- الريال اليمني في 2025.. من الانهيار القياسي إلى التعافي المفاجئ
المرأة.. شريك في التنمية
وأكدت باحميش أن إقامة "سوق الوومن" يجسد غاياتٍ سامية، أبرزها تمكين النساء اقتصاديًا، خصوصًا النساء من ذوي الدخل المحدود والمعيلات لأسرهنّ، عبر توفير مساحة عملٍ آمنة ومنظمة وتحسين ظروف عملهنّ.
وقالت "بالإضافة إلى المساهمة في خلق دخلٍ مستدام للنساء، وتعزيز دور المرأة كشريكٍ فاعلٍ في التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
وأوضحت أن السوق يسعى إلى تنظيم العمل النسوي وتحويله من دخلٍ هش إلى مصدر رزق أكثر استقرارًا؛ ويعمل على التغلب على غياب فرص العمل البديلة للنساء المعيلات في الواقع الحالي.
واعتبرت باحميش أن الأهم من كل ذلك، أن السوق يأتي استجابةً لواقعٍ موجود على الأرض واحتياجٍ حقيقي تعيشه النساء منذ سنوات.

حماية وتدريب وتأهيل
وترى منسقة السوق، أن "سوق الوومن" يوفر حمايةً للنساء العاملات من العشوائية والملاحقات اليومية والمضايقات اللاتي يتعرضنّ بشكل عام، كما يوفر مساحةً آمنةً تحفظ الكرامة وتقلل الاحتكاك والمخاطر.
باحميش لفتت إلى أن السوق يخدم النساء المُنتجات من خلال توفير "أكشاكٍ" مجهزةٍ للنساء المستفيدات، وتأهيلهنّ على برامج تدريب في ريادة الأعمال وبناء القدرات، ومتابعةٍ وتقييمٍ مستمر للأداء؛ بما يساعد النساء على تطوير مشاريعهنّ، وتحسين أساليب العرض والتسويق، وإدارة أعمالهنّ بشكلٍ أفضل وأكثر استقرارًا.

الاستمرارية والتوقعات المستقبلية
توقعت منسقة السوق، شفاء باحميش، أن يكون "سوق الوومن" نموذج يحتذى به، وتطمح لأن يتم تطويره وتوسيعه ليشمل مزيدًا من النساء، مع إمكانية تعميم التجربة على مديريات أخرى في محافظة عدن؛ ليصبح منصةً مستدامةً لدعم المشاريع النسوية.
واختتمت باحميش حديثها مع "العين الإخبارية" بالإشارة إلى أن استمرارية السوق تعتمد على عدة عوامل، أبرزها التزام المستفيدات وجديتهنّ في العمل على التطوير والتسويق لأنفسهنّ، واستمرار الشراكة مع الجهات الداعمة وإشراف السلطة المحلية، إلى جانب التقييم المستمر والتطوير المرحلي للمشروع؛ بما يضمن استدامته وتحقيق أهدافه على المدى الطويل.





