الريال اليمني في 2025.. من الانهيار القياسي إلى التعافي المفاجئ
شكل العام 2025 حالة استثنائية للريال اليمني، فقد شهد تقلبات حادة ومستويات متباينة، توجت باستقرار العملة عند مستوى إيجابي لأول مرة منذ سنوات.
قبل هذا التحسن، مر الريال بانهيار غير مسبوق استمر طوال النصف الأول من العام، حيث تكبد صدمات متلاحقة أدت إلى تسجيل أسوأ انهيار للعملة المحلية في تاريخ اليمن.
بحلول منتصف يوليو/تموز 2025، بلغ الريال اليمني المتداول في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية مستوى 2900 ريال مقابل الدولار الأمريكي الواحد، مسجلا أدنى مستوى له على الإطلاق.
انعكس هذا التدهور مباشرة على الواقع المعيشي، حيث أدى التضخم المتسارع إلى تآكل القوة الشرائية لدى المواطنين. وعزا الخبراء أسباب الانهيار الرئيسة إلى سلوكيات ممنهجة لشبكات الصرافة التي سعت للتربح من فروقات أسعار الصرف، مدعومةً بمليشيات الحوثي.
ازدادت محال الصرافة في وقت تكافح فيه البنوك التقليدية للتكيف مع تداعيات الحرب، واستغلت بعض المنشآت غياب الرقابة للانخراط في مضاربات غير مشروعة.
وأكد محافظ البنك المركزي بعدن، أحمد غالب المعبقي، ضلوع مليشيات الحوثي في المضاربة بالعملة في عدن والمناطق المحررة، بهدف تخريب السوق وزعزعة استقرار الريال.
بدأ التعافي اللافت منذ أواخر يوليو/تموز، حيث ارتفعت قيمة الريال اليمني بما يزيد عن 44% بعد أشهر من التدهور الحاد. وصف خبراء اقتصاديون هذا التحسن بالمفاجئ، نتيجة تحرك البنك المركزي اليمني بعدن على عدة محاور.
شملت الإجراءات الرئيسية كبح المضاربة والتلاعب بالعملة المدعوم من الحوثيين، ووضع البنك إطارا مؤسسيا لتمويل الاستيراد، وإلزام جميع مرافق الدولة والمؤسسات الحكومية والمواطنين بالتعامل بالريال اليمني حصريًا، ووقف استخدام العملات الأجنبية الصعبة.
حظيت هذه الإصلاحات بمساندة سياسية غير مسبوقة من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية، وأشادت بها المؤسسات النقدية الدولية، ما مثل نقطة تحول حاسمة لمعالجة مكامن الضعف الهيكلية التي طالما زعزعت استقرار العملة.
في 24 يوليو/تموز 2025، أطلق البنك المركزي حملة تفتيش ميدانية لكبح المضاربة، وقرر تعليق وسحب تراخيص أكثر من 50 شركة صرافة، وهي خطوات اعتبرها المراقبون اقتصادية حاسمة لإنهاء الانهيار المستمر.
الدعم السياسي من المجلس الرئاسي شكل فارقا محوريا، حيث كانت المحاولات السابقة لوقف تدهور الريال تصطدم بمحدودية الدعم، ولم يقتصر الأمر على المتورطين في التربح الداخلي.
مع بداية العام، بدأت بوادر التحسن بعد مؤشرات خارجية. في يناير/كانون الثاني 2025، قررت وزارة الخزانة الأمريكية إعادة تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، ما دفع المؤسسات المالية اليمنية إلى الانضواء تحت سلطة الحكومة الشرعية في عدن.
أدى الخوف من العقوبات إلى نقل البنوك التجارية في صنعاء عملياتها الرئيسية إلى مناطق الحكومة الشرعية، مما عزز قدرة البنك المركزي في عدن على مراقبة التدفقات والتحويلات، ودعم استقرار الريال.
تبعت إجراءات البنك المركزي إنشاء اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات في أغسطس/آب 2025، ووضع آلية تجارية جديدة. وفق هذه الآلية، يجب على التجار تقديم طلبات استيراد السلع الأساسية عبر البنوك وشركات الصرافة، لتتم مراجعتها من قبل اللجنة، مع منع أي شحنات غير معتمدة من الدخول عبر المنافذ الجمركية، ما شكل رادعا قويا ضد التمويل غير المنظم، وفقا لمختصين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA==
جزيرة ام اند امز