«المثيلة».. ابتكار ثوري لتخزين البيانات الرقمية في الحمض النووي

طوّر فريق من الباحثين طريقة مبتكرة لتخزين البيانات الرقمية في الحمض النووي باستخدام عملية طبيعية تُعرف باسم "المثيلة Methylation"، مما يلغي الحاجة إلى تصنيع سلاسل جديدة من الحمض النووي.

ووفقا لدراسة نُشرت في مجلة Nature استغل الباحثون المثيلة لطباعة المعلومات مباشرة على الحمض النووي الموجود. 

• تقنية التعرف على الوجه عبر فيسبوك وإنستغرام.. ميزات ثورية في تأمين الحسابات

وتُعتبر المثيلة تفاعلا كيميائيا يُضاف فيه مجموعة ميثيل إلى الحمض النووي، وتُستخدم عادة لتنظيم نشاط الجينات. 

وعادة يتطلب تخزين البيانات في الحمض النووي تحويل المعلومات الرقمية إلى تسلسل من القواعد النووية A وC وT وG، ثم يتم تصنيع هذه السلاسل كيميائيا في المختبر عبر عملية تُعرف باسم "التخليق الجديد de novo synthesis". 

ورغم التقدم في هذه العملية فإنها تبقى بطيئة ومكلفة وعُرضة للأخطاء، مما يجعلها غير مناسبة للتخزين على نطاق واسع.

وتمكّن فريق من جامعة بكين ومؤسسات أخرى من التغلب على هذه التحديات باستخدام المثيلة لإعادة كتابة الحمض النووي الموجود بشكل طبيعي.

ويُعتبر هذا التعديل فوق الجيني وسيلة لتشغيل الجينات أو إيقافها دون تعديل الشفرة الوراثية ذاتها. 

واعتمد الباحثون على 700 قطعة من الحمض النووي كعناصر بناء فريدة في نظامهم الجديد. 

ومن خلال تجميع هذه القطع بشكل انتقائي على قالب رئيسي من الحمض النووي، تمكنوا من ترميز البيانات الرقمية، ثم تُضاف إنزيمات معينة مجموعات الميثيل في مواقع محددة لتحديد تسلسل الحمض النووي كقيم 1 و0.

وخلال تجاربهم تمكن الفريق من تخزين صور عالية الدقة واستعادتها لحيوان الباندا ورسم صيني قديم بدقة تصل إلى 97.47%.

كما حققوا سرعة كتابة بيانات تصل إلى نحو 350 بِت لكل تفاعل، متجاوزين بذلك سرعة الكتابة في "التخليق الجديد".

وتعتبر هذه الطريقة أقل تكلفة نظرا لاعتمادها على قوالب موجودة، دون الحاجة إلى تصنيع قوالب جديدة.

وعلى الرغم من أن التخزين الإلكتروني التقليدي يبقى أسرع وأقل تكلفة، فإن هذا الأسلوب الجديد يمثل تقدما كبيرا في استخدام الحمض النووي كمخزن طبيعي للبيانات.

ومع المزيد من التحسينات يمكن أن تصبح أنظمة تخزين البيانات عبر المثيلة وسيلة عملية وفعّالة ومستدامة. 

وأفاد الباحثون بأن نظام "epi-bit" الذي ابتكروه "يقدم إطارا ذا إمكانات مستقبلية لتخزين المعلومات الجزيئية باستخدام وحدات جاهزة، مما يفتح آفاقا جديدة لتقنية تخزين البيانات في الحمض النووي".