كلوديا شينباوم.. يسارية «روضت» ترامب وكسبت احترام الجميع

برزت كلوديا شينباوم، أول رئيسة للمكسيك، كشخصية سياسية قادرة على المناورة بذكاء بين الضغوط الأمريكية ومصالح بلادها.
وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، نجحت شينباوم منذ توليها السلطة في الحفاظ على توازن دقيق في التعامل مع ترامب، حيث جمعت بين الحزم والمرونة، مما أكسبها احترام الداخل وإشادة المراقبين.
ونظرًا لكون الحدود الأمريكية المكسيكية، وما يمر عبرها من تجارة ومخدرات ومهاجرين، أحد محاور إدارة ترامب، تتعرض المكسيك لضغط هائل. ورغم تقديم شينباوم بعض التنازلات، فإنها نجحت في كسب إعجاب ترامب ونالت ثناءً داخليًا، حيث تصل نسب تأييدها إلى 80 في المائة.
ويقول كارلوس بيريز ريكارت، أستاذ العلوم السياسية: "شينباوم حافظت على هدوئها، وتمكنت من الصمود والتعامل مع ترامب، لكن المكسيك تواجه وضعًا طارئًا مع الولايات المتحدة، وسيتعين عليها لعب هذه اللعبة طوال السنوات الأربع المقبلة."
وتساءل الكثيرون عن كيفية تعامل شينباوم، وهي عالمة مناخ سابقة، مع الرئيس الأمريكي، لكن سرعان ما تطورت العلاقة بين الاثنين، حيث وصفها ترامب بأنها "امرأة رائعة"، رغم استمراره في الادعاء بأن "المكسيك تُدار فعليًا من قبل عصابات المخدرات".
عندما أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع البضائع المكسيكية، متذرعًا بفشل المكسيك في وقف تدفق المهاجرين والفنتانيل إلى الولايات المتحدة، عرضت شينباوم التفاوض، لكنها تجنبت أي إيماءات خضوع، مثل رحلة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى مارالاغو، أو المواجهة المباشرة، مثلما فعل الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي هاجم ترامب علنًا عبر منصة "إكس".
كما أبدت شينباوم استعدادًا لتعزيز مكافحة الفنتانيل، حيث سجلت قوات الأمن المكسيكية أكبر عملية ضبط للمخدرات بعد أيام فقط من إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية. كما أكدت أن المكسيك تبذل بالفعل جهودًا كبيرة لمنع تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
مناورات ذكية أمام ترامب
في الوقت نفسه، اختارت معارك استراتيجية تسمح لها بإظهار القوة أمام جمهورها المحلي دون التصادم المباشر مع ترامب، منها على سبيل المثال أنها هددت برفع دعوى قضائية ضد "غوغل" بعد أن رضخت الشركة لترامب وغيرت تسمية "المياه الدولية في خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا" على خرائطها.
ووسعت نطاق الدعاوى القانونية ضد مصنعي الأسلحة الأمريكيين، الذين يزوّدون السوق المكسيكية بأغلب الأسلحة المستخدمة في الجرائم.
وقلبت خطاب ترامب ضده، مؤكدة أن المكسيك لن تتسامح مع أي "غزو" لسيادتها الوطنية من قبل القوات الأمريكية.
وواجهت شينباوم أول اختبار حقيقي لها في وقت سابق من هذا الشهر، حيث كان موعد تنفيذ تهديد ترامب بالرسوم الجمركية يقترب.
وكانت مكسيكو سيتي تستعد للإعلان عن إجراءات انتقامية، لكن محادثات اللحظة الأخيرة خففت التوتر، حيث وافق ترامب على تأجيل تنفيذ الرسوم لمدة شهر مقابل نشر 10,000 جندي مكسيكي إضافي على الحدود.
لكن من غير الواضح كيف يمكن لهذه القوات تقليل تدفق الفنتانيل، وهو مخدر قوي يتم تهريبه بكميات صغيرة نسبيًا، وغالبًا ما يدخله مواطنون أمريكيون عبر الموانئ الرسمية.