الإمارات وأمريكا تصيغان قواعد الذكاء الاصطناعي للمستقبل.. صفقات تاريخية
قال يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، إن النفط كان بمثابة الثروة في القرن الماضي، لكن البيانات حلت محله في القرن الجاري.
وكتب في مقال نشرته وكالة بلومبرغ تحت عنوان "مستقبل الذكاء الاصطناعي تصيغه الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة"، أن عصر الذكاء الاصطناعي قد وصل، وهو لحظة تحولية ستمس كل مجالات الحياة الحديثة والشؤون الدولية. لكنه حذر من أنها أيضا لحظة يمكن أن تفلت من بين أصابعنا، فالذكاء الاصطناعي عبارة عن تكنولوجيا يمكن أن تنتشر بسرعة لم يكن من الممكن تصورها قبل عقد من الزمن فقط، وهي بعيدة كل البعد عن ضوابط وحدود العالم المادي.
وأشار العتيبة إلى الصفقات التجارية، مثل تلك التي تم الإعلان عنها هذا الشهر بين مايكروسوفت وشركة G42 في أبوظبي، وقال إنها تعمل على زيادة السرعة التي سيتم بها نشر الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي لتحقيق الفوائد في جميع أنحاء العالم.
وأكد أن الاتفاقية التي تتضمن استثمارا بقيمة 1.5 مليار دولار من شركة البرمجيات الأمريكية العملاقة في شركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الرائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، تمثل تتويجا لشراكة استراتيجية شاملة بين الشركتين من شأنها تعزيز حلول الذكاء الاصطناعي الإقليمية وتطوير القوى العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي وتوسعة قدرات مراكز البيانات حول العالم.
التحقق من الإمكانيات والمخاطر
ولتأمين المزايا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، دعا العتيبة الحكومات إلى أن تتسابق للتحقق من إمكانات التكنولوجيا والحد من أضرارها.
وتساءل: من يتحكم في البيانات وقوة الحوسبة؟ ما هي القواعد الضرورية لخلق وصول عادل ومسؤول في كل من الأسواق الناشئة والمتقدمة؟ أين الطاقة النظيفة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات التي تعتبر العقل والعضلات للذكاء الاصطناعي؟
ولمواجهة هذه التحديات، قال العتيبة إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل مع الولايات المتحدة وشركاء آخرين لكتابة قواعد لعب جديدة لهذه التكنولوجيا المتقدمة.
وأكد أن هذا يتضمن إعادة صياغة الضوابط الحكومية، والتعاون بين القطاعين العام والخاص، وإعادة تشكيل علاقاتنا في العالم. وهذه القواعد تستند إلى مبادئ أساسية تمكن الذكاء الاصطناعي من الازدهار، في حين تضع إطارا تنظيميا لضمان استخدامه العادل والأخلاقي.
مبادئ حاكمة
وقال، أولا، يجب أن يكون هناك المزيد من التعاون بين الحكومات. وفي حالة دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، فبينما نطرح وجهات نظر مختلفة، لدينا توافق أساسي في رؤيتنا للذكاء الاصطناعي. كما نتفق على أن عصر الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أكثر إنصافا.
وأضاف: "يجب تضييق الفجوة الرقمية ومنح البلدان المزيد من السيطرة على بياناتها من الأولويات الرئيسية. وكجزء من هذا، تتعهد دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز مكانتها كمصدر مفضل لـ"الحوسبة" التي يمكن الوصول إليها - وهو القوة الحسابية والسرعة اللازمة لمعالجة كميات هائلة من البيانات - والنموذج مفتوح المصدر والدعم المالي لدول الجنوب العالمي. ونحن نعمل أيضا مع الولايات المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية ثنائية للاستخدام الأخلاقي والعادل للذكاء الاصطناعي.
وسيتضمن هذا الإطار المشترك بين الحكومتين معايير لحماية البيانات والأمن والموثوقية بالإضافة إلى دعم البحوث المشتركة بين القطاعين العام والخاص والتعليم والتمويل. كما أنه سيخلق أساسًا لمزيد من التعاون التجاري.
وأضاف: "ثانياً، سيتطلب عصر الذكاء الاصطناعي كميات كبيرة من الطاقة لمعالجة البيانات وإدارة تدفقها، وهنا يجب ألا نتنازل عن أولويات المناخ في سبيل التقدم التكنولوجي.
وأوضح: "يقدم التعاون بين حكومة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة نموذجاً من خلال تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة منخفضة الكربون لتشغيل مراكز البيانات المتعطشة للطاقة. ويتم تشغيل البنية التحتية الرقمية لدولة الإمارات بواسطة بعض أكبر المصفوفات الشمسية في العالم وأقلها تكلفة، وبرنامج متوسع للطاقة النووية المدنية، وشبكة كهربائية مصممة خصيصًا لهذا الغرض وخالية من الاختناقات".
وقال السفير يوسف العتيبة: أصبحت شركة الطاقة المتجددة الوطنية "مصدر" واحدة من أكبر المستثمرين العالميين في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأكثر من 40 دولة.
وأوضح: "ثالثا، ينبغي نشر هذه التكنولوجيا الجديدة بطريقة تعود بالنفع على المجتمع. وهذا يعني تطبيق فوائد الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والمناخ. وفي هذا، يجب أن تضمن السياسة العالمية وصول القوى المتوسطة والجنوب العالمي".
وقال، أخيرا، سوف يتطلب تحقيق هذا التحول رأس مال على نطاق يتطلب التعاون بين القطاعين العام والخاص. وستخصص دولة الإمارات العربية المتحدة مئات المليارات من الدولارات لهذه المهمة.
وأضاف السفير يوسف العتيبة: "قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة الدعم المالي لكل من شركات التكنولوجيا القائمة والشركات الناشئة الواعدة، والعديد منها في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، قامت مبادلة، وهي أحد صناديق الثروة السيادية الرائدة في الإمارات، باستثمار لمدة 17 عامًا في شركة GlobalFoundries ومقرها نيويورك، مما ساعد على إعادة تنشيط صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة مع تطوير الخبرة الإماراتية في هذا القطاع".
وأوضح: "تعاونت شركة G42 مع شركة Cerebras Systems في كاليفورنيا لبناء أكبر كمبيوتر فائق السرعة في العالم للتدريب على الذكاء الاصطناعي".
قطاع متقدم
وقال السفير يوسف العتيبة إن قطاع الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات يعد من بين القطاعات الأكثر تقدمًا في العالم.
وأضاف: "قمنا بتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم في عام 2017؛ كما أنشأنا أول جامعة متخصصة في أبحاث الذكاء الاصطناعي في عام 2020؛ وأطلقنا Falcon، وهو نموذج لغة كبير مفتوح المصدر وهو من بين الأعلى تقييمًا في العام الماضي، وضاعفت الإمارات القوى العاملة متعددة الجنسيات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي 4 مرات على مدى السنوات الثلاث الماضية".
واختتم العتيبة مقاله بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي سيكون بمثابة شريان الحياة للمجتمعات المستقبلية. فتأثيراته العميقة تعمل على قلب القواعد القديمة للعبة بسرعة – وستكون الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة شريكتين في طليعة تقنيات الحوسبة المتقدمة. وكتب: "ولكننا نحتاج إلى أن تجلس الحكومات في مختلف أنحاء العالم معنا على الطاولة إذا أردنا تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي الهائلة لتحقيق الخير. ولضمان مكانة البيانات في العصر الجديد، يجب علينا أن نتكاتف لتعزيز الفوائد الأخلاقية والمنصفة للذكاء الاصطناعي للجميع."
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA== جزيرة ام اند امز