"كائن لا تحتمل خفته".. وداعاً ميلان كونديرا (بروفايل)
توفي الكاتب الفرنسي التشيكي ميلان كونديرا، الأربعاء، عن عمر يناهز 94 عامًا، وفقًا للتلفزيون التشيكي العام.
كونديرا كان كاتبًا وفيلسوفًا فرنسيًا من أصل تشيكي، ولد في عام 1929 لأب وأم تشيكيين. والده كان عالمًا في الموسيقى ورئيسًا لجامعة جانكيك للآداب والموسيقى في برونو.
تعلم كونديرا العزف على البيانو من والده، ودرس السينما والآداب وعلم الموسيقى.
وفي عام 1952، تخرج من الجامعة وعمل أستاذًا مساعدًا ومحاضرًا في كلية السينما في أكاديمية براغ للفنون التمثيلية. خلال فترة دراسته، نشر قصائد ومقالات ومسرحيات، وانضم إلى قسم التحرير في العديد من المجلات الأدبية.
انضم كونديرا إلى الحزب الشيوعي في عام 1948، وتعرض للاستبعاد منه وجان ترافولكا في عام 1950 بسبب ملاحظات عن ميول فردية، وعاد إلى الحزب في عام 1956، قبل أن يتم فصله مرة أخرى في عام 1970.
نشر كونديرا أول دواوينه الشعرية في عام 1953، ولكنه لم يحظ بالاهتمام الكافي، ولم يصبح كاتبًا مشهورًا إلا بعد نشر مجموعته القصصية الأولى "غراميات مضحكة" في عام 1963.
ربيع براغ
فقد كونديرا وظيفته عام 1968 بسبب دخول الاتحاد السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا في أعقاب غزو حلف وارسو لتشيكوسلوفاكيا، والمعروف رسميًا بعملية الدانوب، وهو عملية غزو مشتركة لتشيكوسلوفاكيا من طرف 5 دولٍ تابعة لحلف وارسو – الاتحاد السوفياتي وبولندا وبلغاريا وألمانيا الشرقية والمجر– في الليلة الواقعة بين العشرين والحادي والعشرين من شهر أغسطس عام 1968.
قبل الغزو انخرط كونديرا في ربيع براغ وهو مرحلة من تاريخ الجمهورية الاشتراكية التشيكوسلوفاكية، حاول خلالها الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي أن ينهج اتجاها إصلاحيا وأقرب للديمقراطية.
وعندما منعت كتبه من التداول لمدة 5 سنوات، اضطر للهجرة إلى فرنسا في عام 1975، وعمل أستاذا مساعدا في جامعة رين ببريتانيا.
حصل على الجنسية الفرنسية في عام 1981 بعد تقدمه بطلب لذلك إثر إسقاط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه عام 1978، بسبب كتابه "الضحك والنسيان"، لكنه حصل على جنسية التشيك مرة أخرى مؤخرًا.
وفي هذه الظروف، كتب كونديرا أحد أشهر رواياته "كائن لا تحتمل خفته"، التي جعلت منه كاتبًا عالميًا مشهورًا بفضل تأملاته الفلسفية التي تندرج تحت فكرة العودة الأبدية لنيتشه. وفي عام 1995، قرر كونديرا جعل الفرنسية لسانه الأدبي عندما نشر روايته "البطء".
ويعتبر كونديرا من بين أشهر الكتاب الفرنسيين في القرن العشرين، حيث تُرجمت رواياته إلى العديد من اللغات وحظيت بشعبية واسعة.
تهمة تطارده
مؤخرًا، طاردت كونديرا تهمة التعاون مع جهاز المخابرات الشيوعي في بلاده قبل أكثر من 70 عامًا. وبالرغم من مرور فترة طويلة على إطلاق هذه التهمة من قبل مجلة "Respekt" الأسبوعية التشيكية في عام 2008، فإنها لم تُنسَ ولا يزال لها صدى في الوسط الثقافي والإعلامي.
وعلى الرغم من نفي الكاتب لهذه الاتهامات، وحملة التضامن المحلية والدولية التي تنفيها عنه، فإن المجلة أشارت إلى أن الكاتب التشيكي قام بتسليم وشاية لأحد مواطني بلده الذين جندتهم الأجهزة الغربية للتجسس.
روايات كونديرا
تميزت أعمال كونديرا بالتأملات الفلسفية والرؤى الأدبية العميقة، حيث استخدم أساليب السرد الجريء والمفاجئ والمتقن في رواياته.
كتب كونديرا روايته الشهيرة "كائن لا تحتمل خفته"، التي جعلت منه كاتباً عالمياً معروفاً لما فيها من تأملات فلسفية، تنضوي في خانة فكرة العود الأبدي لنيتشة.
ترك كونديرا إرثًا أدبيًا هائلًا وكان مرشحًا لجائزة نوبل في الأدب عدة مرات. وبعد وفاته، تلقى العديد من الكتاب والمثقفين والجماهير التعازي في رحيله وأشادوا بإرثه الأدبي الذي سيظل حاضرًا في الأدب العالمي.
aXA6IDMuMTUuMjExLjcxIA== جزيرة ام اند امز