رغم صواريخ الجيل الخامس.. سر بقاء المدفع على أجنحة المقاتلات
رغم التطوّر الهائل في الصواريخ بعيدة المدى والأنظمة الإلكترونية، ما يزال وجود المدفع على الطائرة المقاتلة جزءًا أصيلًا من تصميمها.
قد يبدو للبعض أن هذا السلاح التقليدي عفا عليه الزمن، إلا أن دوره لا يزال محوريًا في ميدان القتال الجوي، بحسب مجلة "ناشيونال إنترست".
كان المدفع، على مدى أكثر من 100 عام، السلاح الرئيسي للمقاتلات؛ فمن معارك الحربين العالميتين إلى كوريا وفيتنام، شكّلت المدافع العنصر الحاسم في إسقاط الطائرات. ومع دخول عصر المقاتلات الشبحية والصواريخ الموجهة وأنظمة الاستشعار الذكية، تراجع دور هذا السلاح، لكنه لم يتلاشَ.
فقد تحوّل إلى أداة احتياطية أو ضمانة قتالية يلجأ إليها الطيارون في الظروف التي تفقد فيها الصواريخ فاعليتها أو تتعطّل فيها أنظمة التوجيه.
عندما ظنّت القوات الجوية أن عصر المدافع انتهى
قبل ظهور الصواريخ الموجهة، كانت المدافع هي سيدة السماء بلا منازع، ففي الحرب العالمية الثانية، اعتمدت الطائرات بشكل كامل على المدفع لتحقيق الانتصارات. وحتى مع دخول الطائرات النفاثة الخدمة خلال حرب كوريا، ظلّت الاشتباكات القريبة القائمة على المدافع هي الفيصل.
لكن مع ظهور الصواريخ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، اعتقد المهندسون أن المدفع لم يعد له مكان. فخرجت النسخ الأولى من مقاتلة إف-4 فانتوم من دون مدفع داخلي، في خطوة اعتُبرت لاحقًا خطأً استراتيجيًا بعد أن أثبتت حرب فيتنام آنذاك أن الصواريخ قصيرة المدى، غير موثوقة، وتتأثر بالطقس، وتقيّدها قواعد اشتباك تفرض رؤية الهدف.
هذه التجربة القاسية دفعت القوات الجوية الأمريكية إلى إعادة المدافع في جميع المقاتلات اللاحقة، مثل إف-14 وإف-15 وإف-16 وإف/ إيه 18، وإعادة تدريب الطيارين على استخدامها.
هل ما زالت المدافع فعّالة اليوم؟
نظريًا، نعم. لكن دورها أصبح أقل تأثيرًا بكثير.
فالمعارك الجوية الحديثة تُحسم غالبًا بصواريخ بعيدة المدى مثل إيه آي إم–120 أمريام أو ميتيور الأوروبية أو بي إل-15 الصينية، كما أن الصواريخ الحرارية المتطورة - مثل إيه آي إم-9 إكس وأسرام وآيريس-تي قادرة على المناورة بدقة عالية تجعل الاشتباكات القريبة قصيرة للغاية، ما يقلّل فرص اللجوء إلى المدافع.
وتضيف التكنولوجيا الشبحية عاملًا جديدًا يقلّل من دور المدفع، إذ تستطيع طائرات الجيل الخامس مثل إف-22 وإف-35 كشف العدو من مسافة بعيدة، والاشتباك أولًا، ثم الانسحاب قبل أن تُرصد بصريًا، ما يجعل الاقتراب إلى مدى المدفع شبه مستحيل.
لماذا ما زال المدفع ضروريًا إذن؟
لأن المدفع هو السلاح الوحيد الذي لا يعتمد على الرادار أو أنظمة الاستشعار أو دمج البيانات أو التوجيه الحراري أو الذكاء الاصطناعي في بيئة إلكترونية معقّدة، قد تتعرّض الطائرات للتشويش، أو تتعطل حساسات التوجيه، أو تنفد الصواريخ.
عندها، يبقى المدفع هو الخيار الأخير المؤكد الذي يمكن التعويل عليه مهما كانت الظروف.
ورغم ندرة الاشتباكات القريبة في العصر الحديث، إلا أنها لا تزال تحدث، وعندها يصبح للمدفع دور مصيري.
أين يبرز دور المدافع اليوم؟
إذا كانت أهميتها في القتال الجوي قد تقلّصت، فإن المدافع لا تزال أداة فعّالة في الهجمات الأرضية، وقد استخدمتها طائرات مثل إف-16 وإف/ إيه-18 وخصوصًا إيه-10 في عمليات قصف المركبات وتدمير المواقع المحصنة واستهداف المجموعات القتالية وتنفيذ ضربات دقيقة منخفضة التكلفة.
وفي النزاعات الحديثة، أثبت المدفع أنه سلاح عملي وموثوق في مواجهة أهداف لا تستدعي استخدام صواريخ باهظة الثمن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUzIA== جزيرة ام اند امز