معز مسعود لـ"العين": "الباحث عن الحقيقة" يجسد رحلتي مع "الشك"
بوابة "العين" الإخبارية التقت معز مسعود للحديث عن برنامجه الجديد وأغنيته الأخيرة ومشاركته في إنتاج فيلم "اشتباك".
يمثل معز مسعود حالة مختلفة لا تندرج تحت وصف "الداعية"، الذي عرف به منذ سنوات، وحسب، فهو باحث في مجال الفلسفة، إضافة إلى تقديمه للعديد من البرامج الدينية والاجتماعية التي حققت نجاحاً لافتاً ، الأمر الذي جعله يستخدم (الفن) كوسيلة للتعبير.
يشارك معز في إنتاج بعض البرامج والأفلام وآخرها "اشتباك" ، الذي مثل مصر في سباق الأوسكار، وهو أيضا ملحن ومؤلف، قدم في هذا الحدث العديد من الأغاني، وشارك بالعزف والغناء فيها، في شكل غير نمطي، ليكن أحد أسباب جرعة كبيرة من الجدل والانتقاد، سواء من دعاة أو من بعض الجمهور المتابع له، والذي ينتظر برنامجه الجديد "الباحث عن الحقيقة" .
بوابة "العين" الإخبارية التقت معز مسعود الذي أكد أنه سيقدم مشروعه الذي يتضمن منهج حياة للبحث عن الحقيقة، من خلال كتب فكرية و برامج تلفزيونية بأجزاء مختلفة تحت شعار "لا توجد أسئلة ممنوعة".
وكشف معزّ الهدف من البرنامج الجديد وقال "هو عبارة عن سرد لرحلتي في البحث عن الحقيقة، وإعادة تأمل لكثير من المعتقدات بشكل معاصر" .
ولا يخجل معزّ من ذكر تجربته التي يمكن أن تلهم العديد من متابعيه "في فترة الجامعة مررت بحالة قوية من الشك الوجودي في كل شيء حتى مصادر المعرفة نفسها".
ولا يعد معز نفسه متفرداً في ذلك الأمر ، بل يعتبره شيئاً طبيعياً يجب أن نتعامل معه، في وقت بدأت فيه ظاهرة الإلحاد الجديد تنتشر في الجامعات، وأن العلوم التجريبية هي المصدر الوحيد للمعرفة وأنها قضت على صحة الاعتقاد بوجود إله، كان لا بد أن نتأمل هذه الادعاءات."
رحلة الشك
وعن سبب تأخر تقديم هذه الرحلة في برامجه الماضية، رغم أهميتها ومرور سنوات طويلة على هذا الوقت الذي يرجع إلى أواخر التسعينيات يرد "وجدت أن أغلب مشاكل الشباب آنذاك كانت في الشهوات وليست في الشبهات حول الدين، ومن هنا جاء برنامج (الطريق الصح) الذي على الرغم من ذلك لم يخل من لمحات فلسفية".
لكن الأمر لم يقتصر على برامج تلفزيونية وظل البحث مستمراً حتى التحق معز، بجامعة كامبريدج، ليدوّن ملاحظاته بعيون أكثر اتساعاً يقول" لاحظت أن الشباب بدأوا يمرون في هذا الوقت بما مررت به قبل 15 عاما، بحكم انتشار فكر تيار الإلحاد الجديد عن طريق الإنترنت، وفعل الثورات من جانب وثقافة كبت السؤال من جانب آخر، وظاهرة تسييس الدين، وتنبأت في عام 2012 باجتماع هذه المؤثرات، لذا مهّدت لمشروع الباحث عن الحقيقة في عام 2012 برنامجي (رحلة اليقين)".
لكن هل كانت الخطوة سهلة؟ يجيب مسعود: "كنت أتحسس طريقي خشية إثارة البلبلة فلم يكن ذلك هدفي، وواجهت مشكلة أنني أخاطب من هم بالداخل فكرياً، وليس من هم بالخارج فكرياً ممن لا يعتقدون بوجود إله أو بصحة الإسلام، ومع ذلك رأيت التوقيت مناسبًا لبداية الحديث عن الأسئلة الوجودية نتيجة الأسباب التي ذكرتها "
يضيف "طرحت المشروع درامياً من خلال برنامج "خطوات الشيطان 1" عن طريق شخصية "آدم" الذي قدمه الفنان الشاب محمد عادل واستكملت هذا المشوار، ببرنامج "خطوات الشيطان 2" لأخاطب الشباب بلغة يحبونها ويفهمونها وأحب أن أصل إليهم بشكل مجدد ومختلف دائماً".
ويرى معز أن "خطوات الشيطان 1" الأقرب لقلبه من برامجه، بسبب التعب الشديد والتكلفة الإنتاجية العالية التي رصدت له، مرورا بالممثلين في البرنامج الذين تحولوا إلى نجوم من بعده، معتبره علامة فارقة في مشواره.
مصالحة الدين والفن
ولكن كيف يرى معز العمل الفني؟ يجيب "الآراء حول الفن مختلف فيها، ولا أقدم أو أشجع إلا الراقي من الفن، من خلال دوري كمنتج صاحب رؤية فنية، وهو ما ظهر جلياً مثلاً في نهاية فيلم اشتباك والتي قمت بتعديلات فيها بنفسي ، وأشاد بها فريق العمل كله.
المصالحة بين الدين والفن لم تكن غريبة عن مسعود الذي قدم من قبل العديد من الأغنيات الناجحة من خلال برامجه عبر سنوات رحلته، لكن المحطة الأبرز كانت إنتاجه لفيلم اشتباك "الفيلم ضد الهستيريا، وهي رسالة إنسانية راقية رأيت أن تقديمها للعالم كله، وكانت النتيجة اختيار الفيلم ليفتتح قسم "نظرة ما" بمهرجان "كان" 2016، واختيار مصر للفيلم ليمثلها في سباق الأوسكار في عام 2017.
لكن الفن لم يتوقف مع معز عند الدراما، فقد قدم بعد فيلم "اشتباك" أغنية فلسفية عن الأسئلة الوجودية شارك في كتابتها وغنائها والعزف فيها مع المطرب أمير عيد اسمها "يا رحلة"، وحصدت ملايين المشاهدات.
وبشأن مشاركة الفنان أمير عيد عضو فرقة "كاريوكي" في الأغنية، يؤكد معز أن ذلك تم بحكم صداقته به وليس اختيارا، فهو يتعامل بتلقائية، وتناقشا سويا حتى خرجت بهذا الشكل".
وزاد معز " أحببت أن أشارك مغنيا فيها بشكل عفوي فضلا عن أن أمير محبوب لكثير من الشباب كما أنه باحث عن الحقيقة أيضا، فشعرت أن الأغنية تليق به، ووصلتني ردود فعل طيبة من الشباب والمتابعين".
مصطلح مشبوه
معز مسعود الذي يصنف كداعية منذ سنوات، يرفض وصفه بالمصطلح ذاته ويكشف السبب قائلاً: "الداعية شرف أرجوه ولا أصف به نفسي، ولكن للأسف وافق المصطلح كثيرين ممن يخلعون الأحذية في البرامج ويسبون، وأصبح مصطلحاً مشبوهًا، إما بسبب ضعف العلم الشرعي لكثير من هؤلاء الدعاة ، أو بُعد المتصفين به عن إدراك الواقع والعالمية وعن التزكية والأخلاق النبيلة، عدم مواكبة العصر والتطورات البشرية، وكذلك تربّح بعضهم من أعمالهم على نحو غير لائق، وهذه صفات لا تنطبق بأي شكل على الباحث عن الحقيقة بتجرّد، لذلك فإن الواقع قد غيّر معنى مصطلح الداعية، حتى أصبح لا يصفني ولا ما أقوم به بأي شكل من الأشكال، ولم يبق إلا استثناءات قليلة".
وتابع " كذلك فإن الشباب لا يزال يبحث عن صوت له ويأمل أن يرى محاسبة وعدالة، وهذا أمر يتجاهله الدعاة، لذا نفر الشباب منهم وابتعد عن طريقهم لبعدهم عن الواقع".
مطبات هوائية
وتطرق مسعود إلى الأوضاع الاجتماعية التي مرت على المصريين منذ ثورة يناير وقال "ما أريد أن أقوله كمواطن مصري هو أننا مررنا بأشياء كثيرة في آن واحد، وسرعة توالي الأحداث مع الشعور بالتهديد للهوية وانتشار الثقافة الأحادية المتعولمة عالمياً من خلال الإعلام والإنترنت، وكذلك تأثير السوشيال ميديا على اجتماعيات الناس، كل هذا يجعلك كأنك في طائرة تمر بمطبات هوائية مستمرة، ولذا فالحماس تراجع لدى كثيرين".
ويتمسك مسعود برسالة أراد توجيهها للجمهور ويقول "البحث عن الحقيقة بكل صورها يجب أن يكون شعار المرحلة، لا تيأسوا أبدا، وكلما أيقنتم بحقيقة ما، فعليكم التحقق بها، وكونوا أنتم بأنفسكم التغيير الذي ترجونه.