كلمة محمد بن زايد فيCOP 27.. خارطة طريق لمواجهة أكبر تحديات البشرية
خارطة طريق شاملة لمواجهة التغيرات المناخية، التي تعد أكبر تحد للبشرية حاليا، وضعها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في افتتاح أعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP27" في مدينة شرم الشيخ المصرية اليوم الإثنين.
كلمة رسم خلالها رئيس دولة الإمارات خارطة طريق لمواجهة التغيرات المناخية، تستند إلى محاور عدة أهمها ضرورة توحيد جهود المجتمع الدولي من خلال التعاون والعمل المشترك لمواجهة هذا التحدي، فنحن " لا نملك إلا أرضا واحدة من الضروري أن نوحد جهودنا لمعالجة هذا التَحدي".
وأكد من جهته رئيس دولة الإمارات التزام بلاده " بنهج مد جسور التعاون والتواصل مع المجتمع الدولي".
دعوة والتزام استبقهما بتحذير يؤكد أهمية سرعة التحرك لمواجهة هذا التحدي " فالوقت حرج لكوكبنا.. وتغير المناخ أصبح يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم."
وما بين الدعوة لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذا التحدي، والتحذير من مخاطر التراخي عن مواجهته، آثر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن يقدم إضاءة حول التجربة الإماراتية الملهمة في مواجهة التغير المناخي على الصعيدين المحلي والدولي، والتي حققت خلالها الإمارات والسبق في مجالات عدة.
تجربة نالت إشادة وثقة عبر عنها العالم في اختيار دولة الإمارات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
توحيد الجهود
وترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وفد بلاده المشارك في أعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP27".
تبرز المشاركة بهذا المستوى الرفيع اهتمام القيادة الإماراتية بتعزيز جهود المجتمع الدولي لحماية الأرض من أقوى خطر يهددها، وهو التغير المناخي.
وألقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمة هامة بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من قادة الدول ورؤسائها وحكوماتها من مختلف أنحاء العالم.
ووضع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر كلمته خارطة طريق للعالم لمواجهة التغيرات المناخية، تستند إلى محاور عدة أهمها ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لمواجهة هذا التحدي، مؤكدا أهمية الوقت لتسريع هذا التعاون.
وقال في هذا الصدد " نجتمع اليوم في وقتٍ حرجٍ لكوكبنا، فعالمنا يواجه تحديات معقدة ومن أهمها تغير المناخ الذي أصبح يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم".
وأردف :" وبما أننا لا نملك إلا أرضا واحدة من الضروري أن نوحد جهودنا لمعالجة هذا التَحدي من خلال العملِ المناخي الذي ننظر إليه كونه فرصة للابتكار وإيجاد الحلولِ وتنويع الاقتصاد ".
وحذر من أن مستقبل الأجيال القادمة يعتمد على القرارات والإجراءات والخطوات التي نتخذها اليوم.
التجربة الإماراتية
خارطة الطريق التي قدمها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للعالم لمواجهة تغير المناخ، ضمنها تجربة بلاده الرائدة في مواجهة التغير المناخي والتي تتميز بالعمق التاريخي، سيرا على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتتضمن عددا من البنود والالتزامات أبرزها.
التزام بلاده بأمن الطاقة مع خفض الانبعاثات.
تنويع الاقتصاد.
بناء القدرات في الطاقة المتجددة والنظيفة لتحفيز النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام.
إطلاق مبادرات رائدة.
وحرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تأكيد التزام دولة الإمارات بأمن الطاقة إيمانا منه بأن أمن الطاقة العالمي العمود الفقري لتمكين النمو والتطور الاقتصادي العالمي، إلا أن ذلك تضمن التزاما آخر بمواصلة خفض الانبعاثات.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان :" دولة الإمارات تعد مزوداً مسؤولاً للطاقة وستستمر في هذا الدور طالما كان العالم بحاجة إلى النفط والغاز.. وبحكم الجيولوجيا فإن النفط والغاز في دولة الإمارات هي من الأنواع الأقل كثافة كربونية في العالم وسنواصل التركيز على خفض الانبعاثات في هذا القطاع ".
ولفت إلى العمق التاريخي للتجربة الإماراتية في مواجهة تغير المناخ، قائلا :"هذا ليس بجديد.. فقد وجه الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بوقف عمليات حرق الغاز منذ عدة عقود وأرسى ركائز الاستدامة في دولة الإمارات حفاظاً على البيئة والموارد الطبيعية".
وأكد أن التزام دولة الإمارات بهذا النهج يأتي اتباعا لنهج الوالد المؤسس، قائلا "وسيراً على هذا النهج بدأنا منذ عقود العمل على تنويع اقتصادنا.. وبناء القدرات في الطاقة المتجددة والنظيفة لتحفيز النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام".
وفيما يتعلق بحرص دولة الإمارات على إطلاق مبادرات لتعزيز العمل المناخي وتحقيقها السبق والريادة في هذا الأمر، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان :"الإمارات كانت أول دولة في المنطقة تعلن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 .".
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
كما تطرق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته إلى الشراكة التي جرى إطلاقها مؤخراً بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بهدف تعزيز أمن الطاقة ودعم العمل المناخي.
وأطلقت الإمارات مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 جيجاواط إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
منافع ومكاسب
أيضا بشر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته المجتمع الدولي بمكاسب وفوائد عديدة للاستثمار في التكنولوجيا النظيفة والعمل المناخي لتحفيز الجميع على سرعة التعاون.
وأبرز في هذا الصدد المنافع والمكاسب الكثيرة التي تحققها مبادرات الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة والعمل المناخي والفرص الاقتصادية والتنموية المتزايدة التي تتيحها والتي تصبُّ في نهاية الأمر في مصلحة الأجيال القادمة من خلال تأمين مستقبل مستدام لكوكبنا .
وقال : "إن هذه المبادرات تخلق قطاعات جديدة ومهارات جديدة ووظائف جديدة وتساعد في إبقاء الأمل بتفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض ".
كوب 28.. تعهدات والتزامات
خارطة الطريق الإماراتية تضمنت أيضا العديد من التعهدات والتزامات أكدت القيادة الإماراتية الالتزام بتنفيذها خلال قمة "كوب 28" التي ستستضيفها الإمارات في " مدينة إكسبو دبي" خلال عام 2023، من شأنها تعزيز العمل المناخي وتوسيع نطاقه، وتتضمن تلم الالتزامات:
التركيز على دعم تنفيذ مخرجات المؤتمرات السابقة .
إنجاز أول تقييم عالمي للتقدم في " اتفاق باريس للمناخ ".
مشاركة واحتواء الجميع بما في ذلك التمثيل المناسب للمرأة وإشراك الشباب من جميع أنحاء العالم وحشد طاقاتهم وتحفيز شغفهم الكبير لإيجاد حلول مستدامة .
دعوة وتحذير.. المسؤولية مشتركة
وحرصا من رئيس دولة الإمارات على تحميل المسؤولية عن مواجهة تغير المناخ لجميع سكان كوب الأرض، وجه رئيس الإمارات دعوة مفتوحة إلى الجميع في العالم للتعاون في إيجاد حلول عملية تسهم في معالجة الخسائر والأضرار وخلق فرص نمو اقتصادي مستدام للبشر في كل مكان.
وحذر من أن "مخاطر تغير المناخ تستهدف الجميع دون استثناء..ومستقبل أبنائنا وأحفادنا يعتمد على الخطوات التي نتخذها اليوم ".
تجربة رائدة
تمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قبل 50 عاما.
وتتواصل تلك الجهود الرائدة في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وانطلقت تلك الجهود بعد 6 أشهر فقط من تأسيس دولة الإمارات عام 1971 من خلال مشاركة وفد رفيع المستوى في المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، ثم صدور أول قانون وطني في المنطقة يستهدف حماية البيئة في العام 1975.
ووقعت الإمارات بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتأكل طبقة الأوزون في عام 1989.
وفي مطلع تسعينيات القرن العشرين تم الاتفاق بشكل دولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي الهام وفي 1995 انضمت دولة الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي.
وبعد إطلاق واعتماد برتوكول كيوتو الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات صدقت دولة الإمارات في العام 2005 على البرتوكول كأول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط.
ويمثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل الإمارات من أجل البيئة والمناخ والذي شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
كما تم إطلاق مشروع "براكة" للطاقة النووية عام 2012 والذي ومن المتوقع مع دخول كامل المحطات الخدمة أن يوفر ما يصل إلى 25 في المائة من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
ونظراً لأهمية موضوع التغير المناخي محلياً وعالمياً، أدرجت دولة الإمارات التصدي لهذه الظاهرة كأحد أهدافها الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة.
واعتمدت دولة الإمارات باقة واسعة من التشريعات والاستراتيجيات الداعمة للعمل من أجل البيئة والمناخ، ومنها التحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر.
وفي عام 2016، قامت دولة الإمارات بتوسيع دور وزارة البيئة والمياه لتدير جميع الجوانب المتعلقة بشؤون التغير المناخي الدولية والمحلية، وأعادت تسمية الوزارة لتصبح وزارة التغير المناخي والبيئة، وتعمل هذه الوزارة على قدم وساق لتعزيز جهود دولة الإمارات في معالجة مشكلة التغير المناخي، وحماية النظم البيئية الفريدة.
وتستعرض وزارة التغير المناخي والبيئة ضمن مشاركتها في وفد دولة الإمارات لمؤتمر COP27 في مصر نموذجها الرائد بكامل خططها واستراتيجيتها ومشاريعها ومبادراتها وبرامجها وتوجهاتها لتعزيز منظومات البحث والتطوير والاعتماد على الحلول الابتكارية والتقنيات الحديثة وتعزيزها لتحول الطاقة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
وتتمتع دولة الإمارات بسجل حافل من الإنجازات في مجال العمل المناخي الفاعل والدبلوماسية المناخية والتعاون متعدد الأطراف كونها أول دولة في المنطقة توقع وتصادق على اتفاق باريس وأول دولة تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية وأول دولة تعلن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.