محمد بن زايد وتعزيز التضامن الخليجي.. جهود رائدة وآفاق واعدة
بانتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا لدولة الإمارات ينضم للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ليواصل مسيرة بلاده الرائدة بتعزيز التضامن الخليجي.
وبايع حكام دولة الإمارات، السبت 14 مايو/أيار الجاري، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا للبلاد، وقائدا لمسيرتها، خلفا لأخيه الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الجمعة الماضي.
يأتي تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات قبل أيام قليلة من حلول ذكرى مرور 41 عاما على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي 25 مايو/أيار 1981.
وتعيد ذكرى تأسيس المجلس إلى الأذهان الدور الرائد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي ترأس أول قمة لمجلس التعاون، فيما تحل ذكرى التأسيس هذا العام في ظل تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات، ليواصل المسيرة التي بدأها والده المؤسس وأكملها أخوه الراحل في تعزيز مسيرة التضامن الخليجي.
ويسود تفاؤل خليجي واسع بمستقبل مجلس التعاون وتعزيز التضامن بين دوله في الفترة القادمة في ظل إيمان القيادة الإماراتية بأهمية المحافظة على اللحمة الخليجية وتطوير العمل الخليجي المشترك بما يحقق مصلحة دول مجلس التعاون ومواطنيها، وتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.
رؤية حكيمة
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، خلال ترؤسه وفد بلاده في القمة الخليجية الأمريكية في الرياض مايو/أيار 2017، أهمية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على الساحتين الإقليمية والعالمية ودورها المؤثر في التعامل مع الملفات والقضايا المثارة في المنطقة بالتعاون والتنسيق مع حلفائها وأصدقائها في العالم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.
وأكد أن دولة الإمارات تمثل ركيزة أساسية من ركائز الحوار الخليجي-الأمريكي بالنظر إلى علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة وما تحظى به من احترام وتقدير كبيرين على الساحتين الأمريكية والعالمية، فضلا عن أنها عنصر استقرار أساسي في منطقة الشرق الأوسط.
أيضا سبق أن ترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وفد دولة الإمارات مايو/أيار 2019 في القمة الخليجية الطارئة في مكة المكرمة، التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للتشاور والتنسيق بشأن التطورات التي تشهدها المنطقة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان -بمناسبة انعقاد القمة- أن دولة الإمارات، التي انطلق منها مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال عام 1981 حريصة منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على كل ما من شأنه أن يعزز مسيرة العمل الخليجي المشترك بما يحقق الأمن والاستقرار والرفاهية والازدهار لشعوب المجلس.
قولا وفعلا
تصريحات تكاد لا تمر مناسبة إلا ويؤكدها مجددا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كان من بين أحدث تلك المناسبات قبل أيام، وذلك خلال القمة التي جمعته بعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قصر الصخير في البحرين 14 أبريل/نيسان الماضي.
وأكد الزعيمان خلال اللقاء دعـم العمل الخليجي المشـترك فـي إطار مــسيرة مجلس الــتعاون لدول الخليج العربية في كل ما من شأنه مـواجـهة مـختلف التحـديـات الـراهـنة انـطلاقـا مـن وحـدة الـتاريـخ والهـدف والمصير المشترك بما يحقق الخير والتقدم والازدهار لمواطني دول المجلس.
وشددا على أهمية وحـدة الصف العربي وتـضافر الجهود لـتحقيق الـتضامـن الـعربـي وتعزيز مـسيرة الـعمل العربي المشـترك.
ووضح ذلك جليا أيضا في المباحثات التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال زيارته لدولة الإمارات يومي 7 و8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ضمن جولته الخليجية.
وتناولت المباحثات أهمية تفعيل العمل الخليجي والعربي المشترك، وأكد الجانبان في بيان مشترك عقب الزيارة على مضامين إعلان العُلا الصادر في 5 يناير/كانون الثاني 2021، الذي نص على التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التي أقرها المجلس الأعلى في دورته "36" في ديسمبر/كانون الأول 2015 وفق جدول زمني محدد ومتابعة دقيقة، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتعزيز الدور الإقليمي لها من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات السياسية مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية وقوة وتماسك دول المجلس ووحدة الصف بين أعضائه.
طي صفحة الخلاف مع قطر
ظهر ذلك جليا أيضا في حرص دولة الإمارات على طي صفحة الخلاف مع قطر.
والتزاما منها بتنفيذ ما تم في إعلان "العلا" خلال القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في محافظة العلا شمال غرب السعودية 5 يناير/كانون الثاني 2021، وثقة بالدور القيادي الحكيم للسعودية ودعما للجهود الدبلوماسية التي تبذلها في تعزيز وحدة وتماسك مجلس التعاون الخليجي، بادرت دولة الإمارات بطي صفحة الخلاف مع قطر.
وأجرى الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني الإماراتي، زيارة إلى قطر في 26 أغسطس/آب الماضي، هي الأولى من نوعها لمسؤول إماراتي رفيع منذ بدء الأزمة مع قطر، كما أنها الأولى من نوعها بعد اتفاق "العلا".
هذه الزيارة، أكدت خلالها دولة الإمارات أنها تمد أيادي السلام والتسامح لطي صفحة الخلافات، حرصا على إعادة العلاقات الأخوية إلى سابق عهدها من جانب، وتحقيق التضامن الخليجي، ونزع فتيل أي توترات بالمنطقة.
رسائل إماراتية صادقة، سرعان ما بادلتها قطر، برسائل مماثلة، الأمر الذي يمثل حرص قيادتي البلدين على العلاقات بينهما.
واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ بأبوظبي 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر، حيث جرى بحث العلاقات الأخوية وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح البلدين.
ومع تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات عادت العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، حيث كان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في مقدمة المهنئين للشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة انتخابه رئيسا لدولة الإمارات.
أيضا أجرى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، زيارة إلى دولة الإمارات، الأحد، قدم فيها التعازي إلى أخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
قمم وإنجازات
ووظفت دولة الإمارات إمكانياتها ودبلوماسيتها وإنجازاتها لصالح تعزيز مسيرة التعاون الخليجي، إيمانا منها بما يربط بين شعوب دول الخليج من روابط تاريخية قوية ومصير مشترك، وأن وحدة مجلس التعاون الخليجي وتضامنه أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الطموحات المستقبلية في ازدهار ورخاء شعوب الدول الأعضاء.
ومنذ أول قمة خليجية عقدت بدعوة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، في أبوظبي مايو/أيار 1981، وتم خلالها الاتفاق رسميا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحتى القمة الـ42 التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تقوم دولة الإمارات بجهود استثنائية للحفاظ على مجلس التعاون وتعزيز مسيرة التضامن الخليجي.
وأسهمت دولة الإمارات في تعزيز الأخوة الخليجية، ليس فقط عبر القمم الخليجية التي استضافتها والتي كانت محطات فارقة في تاريخ دول الخليج، بما نتج عنها من قرارات لصالح دعم الأمن والازدهار والاستقرار في المنطقة وتحقيق الرفاهية لشعوبها، وإنما من خلال كل إنجاز تحققه على أي صعيد.
ظهر ذلك جليا خلال استضافة دولة الإمارات لـ"إكسبو 2020 دبي" الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم، والتي وظفته دولة الإمارات ليكون نافذة دبلوماسية وثقافية واقتصادية مفتوحة لتعزيز التعاون الثنائي مع مختلف دول العالم بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص.
وخلال الحدث الذي استمر على مدار 6 شهور وانتهى نهاية مارس/آذار الماضي، حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على زيارة جميع أجنحة دول مجلس التعاون الخليجي، في رسالة تؤكد حرص دولة الإمارات وقادتها على تعزيز التضامن الخليجي والترابط والأخوة بين دوله.
مستقبل واعد
إنجازات عديدة ترى دولة الإمارات وجوب استثمارها عبر الاتجاه لزيادة التعاون بين دول المنطقة وتحقيق التكاتف بينها بما يصب في تحقيق الازدهار والاستقرار ومواجهة التحديات.
تعاون يتوقع تزايده خلال الفترة القادمة بما يفضي إلى تعزيز الازدهار والاستقرار وتوطيد العلاقات الخليجية والعربية، وتعزيز التكاتف بين دول المنطقة وأضحى حتميا لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة والعالم.