آخر إعدام في المغرب.. قصة "الحاج ثابت" مُغتصب النساء
لم تكن "حليمة" تظن وهي تتجه لتحرير شكواها لدى الأمن، أنها ستفتح ملفاً سيبقى مُسجلاً في تاريخ المغرب.
رأس الخيط
أواخر شهر رمضان لعام 1990، ذهبت سيدة تدعى "حليمة" إلى رئيس الشرطة القضائية لأمن منطقة الحي المحمدي عين السبع، بمدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب.
وبعد استقبالها من طرف العميد "بنمغنية" وسؤالها حول الشكوى، قالت "حليمة": "لقد تمّ اغتصابي من طرف أحد الأشخاص يسمّى (حميد) وهو يعيش في إيطاليا".
عميد الشرطة لاحظ أن المشتكية تعاني من الارتباك وأنها ليست متزنة، حيث قالت: "لقد تعرّضت للاختطاف مع صديقتي، وتعرّضت للاغتصاب من قبل المختطف وكانت صديقتي تنتظرني".
أقوال "حليمة" جعلت الشك يساور عميد الشرطة، بعد أن قالت إن صديقتها لم تطلب النجدة، مضيفة: "لقد قام بتصويري.. لقد قام بتصويري". (أي تصوريها على شريط فيديو).
من هنا اتضح للعميد أن القضية تتعلق بملف فساد، وبدأ بالبحث في الملف مفترضاً أن هناك شبكة إجرامية تسجّل الأفلام الجنسية مقابل بيعها للمواقع الإباحية.
وبعد سؤالها عن مكان المنزل وإجابتها بالتأكيد، أرسل معها في الحين ذاته، أحد رجال الشرطة للتعرّف على الشخص المشتبه فيه.
مصطفى ثابت
بعد عودته من المنزل، أخبر الشرطي العميد بأن القضية لا تتعلق بـ"حميد القاطن بإيطاليا" وإنما تتعلق بمصطفى ثابت، العميد في جهاز الأمن.
سأل العميد حول صحة هويّة العميد ثابت فأكد الشرطي أن منزله معروف بالإضافة إلى سيارته التي كانت مركونة أمام المنزل والتي تتبع للخدمة.
ومن أجل التأكد من المشتبه فيه، وضع العميد "بنمغنية" أمام المشتكية مجموعة من الصور قصد التعرف على الشخصية التي تود أن تؤكد ضدها الشكاية.
وأزالت "حليمة" الشك للعميد "بنمغنية" حين وضعت أصبعها على صورة العميد "مصطفى ثابت" وتؤكد شكوكه.
وكان العميد "مصطفى ثابت" قبل التحاقه بجهاز الأمن المغربي، أستاذاً للغة العربية في مدينة بني ملال جنوب وسط المغرب، قبل أن يتقدّم للشرطة.
شكايات متعددة
وبدأ "الحاج ثابت" تصوير أفلام سرية لشخصيات سياسية بارزة في وضعيات حميمية، بعد أن يجهِّز الجو المناسب في شقته، لابتزازهم.
غير أن "العميد ثابت" لم يتوقف عند هذا الحد، حيث اغتصب العديد من النساء والفتيات القاصرات، دون مراعاة وضعياتهم سواء كانت متزوجة أو أرملة أو حامل أو عزباء.
النساء اللاتي تعرّضن للعنف الجنسي لم يبلغن عن الأمر لدى الشرطة، بسبب معرفة شخصيته وقوة سلطته وخوفاً منه.
وأطلق لقب "الحاج ثابت" عليه بعد أن أدى فريضة الحج لثلاث مرات، كما كان يحب أن ينادى عليه بلقب "الحاج".
وبعد مدة قصيرة، جاءت فتاتان تقدمان شكاية ضد "الحاج ثابت" لدى وكيل الملك (رئيس النيابة العامة) بالدار البيضاء، بسبب "التعرّض للاغتصاب وفض غشاء البكارة والتعذيب الجنسي".
فيلم إباحي
في سنة 1992، لم يتخيل أحد المغاربة القاطنين في أوروبا، وأثناء مشاهدته فيلماً إباحياً أن يرى أن بطلة الفيلم هي أخته، ليصدم بعدها، ويعود مباشرة إلى المغرب للتأكد من الأمر.
بعد وصوله إلى المغرب، عرف الشاب أن شقيقته مختطفة لدى "الحج ثابت" وأن أمه لا تستطيع أن تفعل أي شيء.
مباشرة توجّه نحو القنصلية الإيطالية بالدار البيضاء وعرض الشريط الجنسي على أحد الدبلوماسيين، الذي أخبر عبد اللطيف الفلالي، وزير الخارجية، آنذاك.
بعد مدة قصيرة، وفي فبراير/شباط 1993، اقتحمت فرقة من الدرك الملكي، شقة "الحاج ثابت" والتي وجدت أكثر من 100 شريط إباحي، واعتبرها وكيل الملك: "لسيت تسجيلات إباحية، بل هي تسجيلات رعب في تاريخ البشرية".
وتم جمع مستندات تخص كل ضحاياه، بسبب جمعه لكل المعطيات المتعلق بهن، والذي وصل عددهن إلى أكثر من 1600 امرأة، و20 فتاة قاصر.
وبعد جلسات المحاكمة، تم الحكم في مارس/آذار 1993 على "الحاج ثابت" بعقوبة الإعدام رمياً بالرصاص، والتي تمّ تنفيذها في شهر سبتمبر/أيلول من العام نفسه، ليكون آخر عقوبة إعدام يتم تنفيذها بالمغرب.
بالموازاة مع ذلك، تم الحكم عى مجموعة من المتورطين في الملف نفسه بأحكام متفاوتة.
aXA6IDE4LjExOC4xMjYuNDQg جزيرة ام اند امز