محمد بن زايد في أنغولا.. الإمارات تعزز شراكاتها مع القارة السمراء

زيارة تاريخية يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لأنغولا، تعد محطة مهمة، على طريق تعزيز الشراكات مع القارة السمراء.
وبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الأحد، «زيارة دولة» إلى أنغولا، يبحث خلالها مع الرئيس جواو مانويل غونسالفس لورينسو علاقات البلدين وفرص تعزيز التعاون والعمل المشترك لتطويرها خاصة في المجالات التنموية والاقتصادية بما يخدم مصالحهما المشتركة وتطلعاتهما تجاه تحقيق التنمية المتبادلة والازدهار لشعبيهما.
- محمد بن زايد يبدأ الأحد «زيارة دولة» إلى أنغولا
- الإمارات وأنغولا.. علاقات راسخة ومستقبل أكثر ازدهارا (فيديو)
وتعد القمة هي السادسة بين الزعيمين، بعد 5 قمم ولقاءات جمعتهما في أبوظبي منذ تولي الرئيس جواو مانويل غونسالفس لورينسو الرئاسة سبتمبر/أيلول 2017، فيما تعد المباحثات بينهما خلال الزيارة هي الثالثة خلال 3 شهور، بعد مباحثات هاتفية بينهما في 11 يوليو/تموز و8 يونيو/حزيران الماضيين.
وخلال تلك المباحثات الهاتفية، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات على مواصلة تطوير التعاون في المجالات التنموية مع دول القارة الأفريقية انطلاقاً من نهج الدولة الراسخ في بناء شراكات تنموية فاعلة وبناءة تحقق مصلحة الجميع في التقدم والازدهار.
وتجسد تلك الزيارة ترجمة جديدة على أرض الواقع لتلك التصريحات، بعد أن شهدت القارة السمراء على مدار الفترة الماضية ثمار تلك السياسة الحكيمة.
السلام والتنمية
ومع كل حراك سياسي أو دبلوماسي أو اقتصادي أو إنساني إماراتي جديد في القارة الأفريقية يستذكر الأفارقة جهود دولة الإمارات المتواصلة لدعم السلام والتنمية والاستقرار في القارة.
جهود تتواصل حاليا للدفع بحل سياسي للأزمة في السودان، سيرا على درب نجاحها في نزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، في يوليو/تموز 2018، بوساطة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وقبل أيام، عبرت دولة الإمارات وعدة دول من بينها الولايات المتحدة، عن قلقهم العميق من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، داعين الجيش وقوات الدعم السريع إلى «اتخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين» وفتح ممرات آمنة للمساعدات.
جاءت تلك الدعوة في بيان أصدره «المتحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان»، والذي يضم أيضا السعودية ومصر وسويسرا والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وقالت المجموعة في بيانها إنها «تؤكد ضرورة الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي»، بما يشمل حماية المدنيين والعاملين في المجال الإغاثي، وضمان سلامة مبانيهم وأصولهم، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عراقيل إلى جميع المحتاجين.
جهود تتواصل على مختلف الأصعدة، بوصلتها الإنسانية وهدفها الحفاظ على السودان وأهله، وإعادة الاستقرار والأمن والسلام للسودان، غير عابئة بالمحاولات العبثية لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وزمرته لمحاولة تعطيل دبلوماسيتها الإنسانية عبر محاولات إشغالها في معارك جانبية، عبر ترديد أكاذيب واتهامات زائفة بين الفينة والأخرى بزعم دعم أحد أطراف النزاع.
وعلى صعيد دعمها لأي مبادرة لدعم الاستقرار السلام في القارة السمراء، أعربت دولة الإمارات في بيان أصدرته 28 يونيو/حزيران الماضي عن ترحيبها العميق بتوقيع جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا اتفاق السلام في واشنطن، مشيدة بأنه سيعزز السلم والأمن والاستقرار في القارة الأفريقية.
وجددت الإمارات التأكيد على نهجها الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار ودعمها لأي جهد يسهم في تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في القارة.
ومع كل جهد إماراتي لدعم السلام والاستقرار في القارة، يستذكر الأفارقة بامتنان وتقدير نجاح وساطة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لنزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، في يوليو/تموز 2018، الأمر الذي أسهم في إرساء علاقات استقرار في المنطقة واحترام حسن الجوار.
وانتصارا للسلام ودعما لجهود مكافحة الإرهاب، سطر شهداء الإمارات ملحمة فداء خالدة على أرض القارة السمراء، دعما للأشقاء ونصرة للحق.
وودعت الإمارات ومعها العالم الحر 4 من شهدائها من منتسبي القوات المسلحة صعدت أرواحهم إلى بارئها إثر تعرضهم لعمل إرهابي في الصومال في 10 فبراير/شباط 2024، أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، وفقا لاتفاقية ثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية الصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين.
مبادرات إنسانية وتنموية
وعلى الصعيد الإنساني تعد دولة الإمارات من أوائل الدول في تقديم الجهود الإغاثية إلى كل الدول الأفريقية الشقيقة والصديقة، إيماناً من القيادة الرشيدة بأن العالم يجب أن يتضامن ويقف صفاً واحداً تجاه القضايا الإنسانية الملحة وأن يُسخّر كل الجهود لإغاثة المحتاجين حول العالم.
وضمن أحدث تلك الجهود، أكدت الإمارات قبل أيام التزامها بالاستثمار بالمياه في أفريقيا.
جاء هذا خلال مشاركة، الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير الدولة الإماراتي، في قمة الاستثمار في المياه في أفريقيا، التي عُقدت في كيب تاون، بجنوب أفريقيا، خلال الفترة من 13 إلى 15 أغسطس/آب الجاري، نيابةً عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وقال الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان: «تعتبر دولة الإمارات إن الاستثمار في أمن المياه في أفريقيا هو استثمار في الاستقرار العالمي والازدهار والأهداف المناخية المشتركة».
وأضاف: «ونطمح من خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026 إلى جمع جميع الأطراف – من الحكومات إلى المستثمرين – حول طاولة واحدة، ليكون منصة للتوصل الى تفاهمات فعلية وتحقيق أثر ملموس».
وأكد أن «التزام دولة الإمارات بالمياه في أفريقيا يستند إلى إرث ألهمه والدنا المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي جعل من توفير المياه النظيفة والصحة العامة محوراً أساسياً في أعماله الخيرية – وهو إرث نواصل العمل به اليوم، كما يتجلى في إطلاق مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للماء في فبراير/شباط 2024 لمعالجة ندرة المياه العالمية من خلال تقنيات مبتكرة ومتقدمة».
أيضا ضمن مبادراتها الإنسانية الرائدة في أفريقيا، أعلنت مؤسسة «محمد بن زايد للأثر الإنساني» مع عدد من شركائها في 29 أبريل/نيسان الماضي عن إطلاق مبادرة «صندوق البدايات» في أفريقيا لتحسين صحة الأمهات والمواليد الجدد وتقليل نسبة الوفيات بينهم.
وستقدِّم مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، الدعم المالي الأوَّلي لـ«صندوق البدايات»، الذي سيتعاون مع عدد من الحكومات الأفريقية والمنظمات الوطنية والخبراء الدوليين المختصين لتفادي أكثر من 300,000 حالة وفاة يمكن تجنُّبها، من خلال تحسين الرعاية الصحية لنحو 34 مليون أُمٍّ وطفل في عدة دول في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2030.
ويأتي إنشاء الصندوق في إطار التزام خيري مشترك بما يقارب 600 مليون دولار يدعم صحة الأمهات والمواليد الجدد، ويُسهم في تفادي وفيات الرُّضَّع، وسيتم تخصيص 100 مليون دولار من الالتزامات الخيرية المشتركة لمبادرات تعزِّز صحة الأم والوليد.
وتقدِّم مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني دعماً مالياً بقيمة 125 مليون دولار للصندوق والمبادرات الداعمة لها.
وبالتعاون مع شركاء التنفيذ في الدول المعنية، سيعمل صندوق البدايات في 10 دول، هي إثيوبيا وغانا وكينيا ومالاوي وليسوتو ونيجيريا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وزيمبابوي، وسيواصل حشد التمويل واستثماره في مبادرات متعددة تستمر سنوات.
ويأتي إطلاق الصندوق، بعد نحو أسبوعين، من توقيع وكالة الإمارات للمساعدات الدولية وحكومة تشاد اتفاقية بناء مستشفى الشيخة فاطمة بنت مبارك ومركز غسيل الكِلى في أنجمينا عاصمة تشاد.
وقبيل توقيع الاتفاقية بنحو شهر، افتتحت دولة الإمارات مستشفى مادهول الميداني بولاية شمال بحر الغزال في جنوب السودان في 7 مارس/آذار الماضي، ليكون ثالث مستشفى ميداني تقيمه الإمارات لخدمة اللاجئين السودانيين في دول الجوار، بعد مستشفيي أم جراس وأبشي في تشاد.
وجاء افتتاح مستشفى مادهول الميداني، بعد شهرين من إرسال دولة الإمارات 25 سيارة إسعاف ومعدات ومستلزمات صحية متنوعة إلى جمهورية أنغولا.
تأتي هذه المساعدات الطبية ضمن حزمة المبادرة الإماراتية العالمية التي أعلن عنها سابقاً الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير الدولة الإماراتي، بدعم قطاع الصحة في أفريقيا بقيمة 220 مليون دولار أمريكي، وذلك ضمن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"؛ إذ تركز المبادرة على تطوير الخدمات الصحية في قارة أفريقيا وبناء أنظمة صحية مستدامة تتمتع بمرونة أكبر لمواجهة التحديات المناخية.
عطاءٌ يأتي في إطار استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً"، دون تمييز جغرافي أو عرقي أو ديني.
وضمن تلك الاستراتيجية، سيرت دولة الإمارات على مدار الفترة الماضية جسورا إنسانية عديدة لإغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية والمناخية التي شهدتها العديد من دول العالم خصوصا في القارة الأفريقية.
شراكات اقتصادية
وجنبا إلى جنب مع مساعداتها الإنسانية، تحرص الإمارات وقيادتها على دعم ومساندة الشعوب الأفريقية في سعيها لتحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
وضمن تلك الجهود، عقدت دولة الإمارات عدة شراكات اقتصادية مع دول القارة كان أحدثها توقيع شراكة اقتصادية شاملة مع الكونغو في 9 أبريل/نيسان الماضي.
وقبيل توقيع الاتفاقية بنحو شهر، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وفوستان آرشانج تواديرا رئيس أفريقيا الوسطى في 6 مارس/آذار الماضي توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين والتي تهدف إلى تعزيز التجارة البينية وفرص الاستثمار خاصة في القطاعات الرئيسة.
وما بين توقيع الاتفاقيتين، دخلت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعتها الإمارات مع موريشيوس العام الماضي حيز التنفيذ في 2 أبريل/نيسان الماضي.
أيضا، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والدكتور ويليام ساموي روتو رئيس كينيا في 14 يناير/كانون الثاني الماضي توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين بجانب تحسين إمكانية الوصول إلى الأسواق في منطقتي الشرق الأوسط وشرق أفريقيا.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بهذه المناسبة إن الاتفاقية تؤكد التزام دولة الإمارات بتعزيز الروابط الاقتصادية وتوسيع شراكاتها التنموية مع القارة الأفريقية التي تعد شريكاً تنموياً مهماً إضافة إلى إيجاد فرص جديدة للتعاون بين البلدين.
وتُعد تلك الاتفاقيات خطوة مهمة ضمن استراتيجية دولة الإمارات لتنويع شراكاتها الاقتصادية العالمية.
وأكد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التجارة الخارجية في تصريحات له في فبراير/شباط الماضي أن الإمارات حريصة على توطيد علاقاتها مع أفريقيا.
وأشار إلى أنها ضخت استثمارات إجمالية تبلغ 110 مليارات دولار في قطاعات واعدة، ترجمةً لنهجها الثابت في بناء الشراكات التنموية طويلة المدى، وهو ما تسعى إلى تحقيقه اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تواصل إبرامها مع دول القارة، باعتبار هذه الشراكات محركاً مهماً للنمو.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز