محمد بن زايد في أذربيجان.. زيارة مهمة تتوج العلاقات الثنائية المتنامية
تتوج زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى أذربيجان، تلبية لدعوة رئيسها إلهام علييف، العلاقات المتنامية بين البلدين.
زيارة تحمل أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنها تعد أول زيارة خارجية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في عام 2024.
ثاني تلك الأسباب أن المباحثات المرتقبة خلال القمة التي تجمع الزعيمين خلال الزيارة تعد الثالثة خلال شهر، بعد المباحثات التي جمعتهما خلال زيارة رئيس أذربيجان للإمارات نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والمباحثات الهاتفية التي أجراها الزعيمان قبل 3 أسابيع.
لقاءات ومباحثات وزيارات متبادلة تبرز خصوصية العلاقات بين البلدين، وحرص قادتهما على تنميتها وتطويرها عبر التشاور المتواصل والتنسيق المستمر.
أيضا تحمل الزيارة أهمية خاصة لتعاون البلدين في مواجهة أكبر تحد يواجه البشرية حاليا وهو تغير المناخ، حيث استضافت الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" الذي استمر اختتم أعماله في 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والذي يعد أكبر حدث دولي حول البيئة والمناخ ، فيما ستستضيف جمهورية أذربيجان الدورة المقبلة لمؤتمر الأطراف "COP29" خلال العام الجاري.
3 مباحثات خلال شهر
ووصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة يرافقه وفد رفيع المستوى إلى العاصمة باكو، مساء الإثنين، في زيارة رسمية إلى جمهورية أذربيجان، تلبية لدعوة رئيسها إلهام علييف.
وتعد المباحثات المرتقبة بين الزعيمين هي الثالثة خلال شهر، إذ جمعتهما مباحثات هاتفية في 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اتصال هاتفي مع إلهام علييف رئيس أذربيجان علاقات البلدين وفرص تطوير التعاون إلى آفاق أرحب بما يحقق تطلعات البلدين نحو التقدم والتنمية.
واستعرض الزعيمان خلال الاتصال مستوى تطور التعاون المشترك بين دولة الإمارات وأذربيجان، خاصة في المجالات الحيوية الاقتصادية والتنموية والطاقة المتجددة وغيرها من المجالات التي تخدم التنمية المستدامة في البلدين.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وتطرق الاتصال إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28.
جاءت تلك المباحثات بعد أسبوع من لقاء جمع الزعيمين في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي خلال زيارة علييف للإمارات للمشاركة في القمة التي عقدت في مستهل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28".
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس إلهام علييف خلال اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى عدد من القضايا محل الاهتمام المشترك إقليمياً ودولياً.
كما استعرضت اللقاءات.. القضايا والفعاليات والمبادرات المطروحة خلال مؤتمر "COP28"، وأهمية المؤتمر في بناء موقف دولي جماعي فاعل لمواجهة خطر التغير المناخي وتداعياته وما يوفره من فرصة كبيرة للعالم لتعديل مسار العمل المناخي الدولي لمصلحة البشرية.
تعزيز العلاقات الدبلوماسية
وإضافة إلى قمم القادة، تشهد العلاقات بين البلدين تطورا مستمرا على مختلف الأصعدة، تجسد في الزيارات المتبادلة، واتفاقيات التعاون المتواصلة.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أجرى جيهون بيراموف وزير خارجية أذربيجان زيارة للإمارات، أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي تناولت العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز مسارات التعاون المشترك بما يدعم تطلعات البلدين التنموية، ويحقق مصالحهما المتبادلة ويعود بالخير على شعبيهما.
كما تم بحث مستجدات الأوضاع في المنطقة، والمساعي الإقليمية والدولية المبذولة لخفض التصعيد، وتعزيز الاستجابة الإنسانية للمدنيين.
وفي 20 يوليو/تموز الماضي، عقدت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية أذربيجان في أبوظبي اجتماع الدورة الأولى للجنة المشاورات القنصلية بينهما لدفع وترسيخ التعاون في جميع المجالات القنصلية المشتركة لرعاية وخدمة مواطني البلدين.
وبحث الجانبان خلال الاجتماع عدداً من الموضوعات القنصلية المشتركة بين البلدين وخطط متابعتها وتطويرها، إضافة إلى مناقشة سبل تعزيز التعاون القنصلي المشترك.
تعاون اقتصادي متزايد
العلاقات المتنامية بين البليدن انعكست إيجابا على التعاون الاقتصادي بينهما، إذ شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات وأذربيجان تصاعدا ونموا متواصلا مع تضاعف إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين بأكثر من 3 مرات على مدار الخمس سنوات الماضية.
ووصل الحجم الإجمالي للتجارة غير النفطية بين البلدين إلى 10.2 مليار درهم خلال السنوات الخمس الماضية، بنمو نسبته 270%، من 974.2 مليون درهم في عام 2018، وصولا إلى الأرقام المسجلة في عام 2022، والبالغة 3.6 مليار درهم بنمو بنسبة 46% مقارنة مع عام 2021.
وضمن أحدث اتفاقيات التعاون بين البلدين، وقعت وزارة الاستثمار الإماراتية ووزارة التنمية الرقمية والنقل في أذربيجان منتصف الشهر الماضي مذكرة تفاهم، بهدف تعزيز التعاون المشترك، لتيسير الاستثمارات في مجال البنية التحتية الرقمية، مع التركيز على رفع كفاءة وتطوير مراكز البيانات في جمهورية أذربيجان.
وفي اليوم نفسه، أعلنت "القابضة" -ADQ-، شركة استثمارية قابضة مقرها أبوظبي، وشركة أذربيجان للاستثمار القابضة AIH صندوق الثروة السيادية الاستراتيجي الذي يقع مقره في العاصمة الأذرية باكو، عن تأسيس مشروع مشترك يهدف إلى الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية والمصالح المشتركة، من بينها قطاعات الزراعة والتكنولوجيا والأدوية والبنية التحتية للطاقة.
وفي 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت شركة "أدنوك" وشركة النفط الحكومية بأذربيجان "سوكار" عن توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي للتطوير المحتمل لتقنيات الطاقة منخفضة الانبعاثات.
وتستند هذه الاتفاقية إلى التعاون الاستراتيجي في مجال الطاقة بين الإمارات وأذربيجان، بما في ذلك استحواذ "أدنوك" في أغسطس/آب الماضي على حصة 30% في حقل غاز "أبشيرون" في أذربيجان، وحصة "أدنوك" في شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر".
وكانت شركة "مصدر" الإماراتية أنهت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تطوير مجمع "كاراداغ" للطاقة الشمسية في أذربيجان، بقدرة 230 ميغاواط، والذي يعد الأكبر من نوعه في المنطقة وأول مشروع طاقة شمسية مستقل قائم على الاستثمار الأجنبي في أذربيجان.
مواجهة التحديات
تعاون متواصل بين البلدين في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، يعزز جهودهما المشتركة لمواجهة تداعيات تغير المناخ، أكبر تحد يواجه البشرية حاليا، خصوصا بعد أن استضافت دولة الإمارات مؤتمر الأطراف COP28، فيما ستستضيف جمهورية أذربيجان الدورة المقبلة للمؤتمر خلال العام الجاري.
وسبق أن هنأ الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مؤتمر الأطراف COP28، جمهورية أذربيجان باستضافة الدورة المقبلة لمؤتمر الأطراف “COP29” في عام 2024.
وأعرب الدكتور سلطان الجابر عن تطلعاته إلى العمل بشكل وثيق مع جمهورية أذربيجان الصديقة خلال التحضير للدورة المقبلة من مؤتمر الأطراف.
من جانبه، أعرب مختار باباييف وزير البيئة الأذربيجاني عن امتنانه للأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية ودولة الإمارات.
وأكد التزام بلاده بالتعاون الوثيق مع دولة الإمارات والبرازيل الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف الثلاثين لضمان الانتقال السلس ومواصلة الجهود المشتركة، وقال "نحن ندرك أهمية الاستجابة العالمية لتغير المناخ ومن خلال المبادرات المشتركة التي نهدف إلى تسريع التقدم نحو مستقبل مستدام".
وأكدت رئاسة COP28 عزمها على العمل لضمان تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في COP28، ومتابعته حتى COP29 وCOP30، مع وضع آليات لتتبع التقدم المحرز مقابل مستوى التنفيذ المطلوب.
وستدعم رئاسة COP28 تنفيذ اتفاقها مع البرازيل من خلال التعاون البناء مع أذربيجان الدولة المستضيفة لـCOP29 لضمان حضور الأطراف إلى COP30 بعدد من خطط العمل المناخية الطموحة التي تواكب التغيرات في هذا العقد الحاسم، بالإضافة إلى تشجيع الأطراف على تقديم مساهمات محددة وطنياً تشمل كافة القطاعات الاقتصادية، وتستند إلى الزخم الناتج عن COP28.
علاقات تاريخية
وتعزز زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محطة مهمة في طريق العلاقات التاريخية بين البلدين.
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية أذربيجان عام 1991، ومنذ ذلك الوقت تطورت العلاقات بين الدولتين بشكل كبير ومثمر في مختلف المجالات.
وبدأت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية أذربيجان في عام 1992، وحافظت على متانتها ونسقها التصاعدي، فيما شهد النشاط التجاري بين البلدين نمواً ملحوظاً خلال السنوات الخمس الماضية.
وتعززت العلاقات الثنائية أكثر بعد افتتاح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في باكو عام 2011.
في غضون سنة واحدة، أسهمت جهود السفارة الإماراتية في تعزيز العلاقات بين البلدين، حيث تم افتتاح فرع لغرفة تجارة وصناعة دبي في أذربيجان كأول فرع خارجي لها.
والآن أصبحت باكو بوابة غرفة دبي إلى دول المنطقة الأخرى، وفي الوقت نفسه تسهم غرفة دبي-فرع باكو في تسهيل وصول رجال الأعمال والشركات الأذربيجانية إلى الفرص الاقتصادية في دولة الإمارات.
كما تعززت العلاقات مع إنشاء اللجنة المشتركة المعنية بالتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني بين حكومتي البلدين، وعقدت الاجتماعات ومنتديات الأعمال، وتشارك الشركات من كلا البلدين في المعارض التي تقام في كلا البلدين.
وتتعاون دولة الإمارات وأذربيجان دائماً في إطار المنظمات الدولية المهمة مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية.