"محسن أحمد".. قصة شاب يمني لم تستقر حياته إلا بالحب (خاص)
"البحث عما يناسبني".. شكلت هذه العبارة شخصية محسن أحمد حسين، وهو شاب من ذوي الهمم لم يتجاوز عُمره 28 عامًا.
قضى محسن معظم حياته هو ووالديه في البحث والتنقيب عما يتلاءم مع إعاقته، لكنه بعد بحث مضن وجد ضالته في الحب، الذي منحه الاستقرار وأوقف مسيرة الترحال التي أوهنت تفاصيل حياته.
ينتمي محسن لفئة الصم والبكم، فمنذ أن جاء إلى هذه الدنيا لا يقوى على السمع، ما فرض على والديه البحث عن مدرسة تساعده على تجاوز هذا العائق، أو إيجاد مدرسة تلائم حالته.
هذه التطلعات وقف أمامها الوضع المعيشي كحجر عثرة، فلم يستطع الوالدان عرض ابنهما على الأطباء، واضطرا إلى الاكتفاء بإلحاقه بمدرسةٍ حكومية "لا تراعي خصوصية ذوي الهمم من الصم والبكم"، بحسب رواية محسن لـ"العين الإخبارية".
تلك الظروف أثرت على محسن سلبا، فلم يقو على استيعاب شرح المعلمين غير المتخصصين في التعامل مع أمثال هذه الحالات، ليقرر والداه البحث مرة أخرى عن مدرسة خاصة بفئة الصم والبكم، ووجدا واحدة قد تأسست لتوها.
ويقول محسن: "في هذه المدرسة أحسست أني لست وحيدا.. تأقلمت مع أقراني من الطلاب المتشاركين معي بنفس الإعاقة، حتى أصبحت الدراسة متيسرة وسهلة، وكانت المعلومة تصلني عبر لغة الإشارة".
رحلة بحث جديدة
تفوق محسن في الثانوية العامة بامتياز، وقرر أن يكمل تعليمه الجامعي، غير أن مدينة عدن لم تكن تحتوي على جامعة تقدم خدماتها التعليمية لفئة الصم والبكم، فقرر بدء مرحلة بحث جديدة، والرحيل إلى جامعة صنعاء للدراسة هناك.
في صنعاء، أكمل محسن البكالوريوس رغم معاناته في مرحلة دراسته بسبب الغربة عن الأهل والظروف المادية، لكن عزيمته كانت أقوى ومنحته دفعة حتى تخرج في كلية التربية الخاصة قسم علوم الحاسوب.
البحث عن الذات
يواصل محسن سرد قصته، قائلا: "عدت إلى مدينتي عدن، وعملت كمدرس متطوع في إحدى المدارس الحكومية لتعليم الصم والبكم في المراحل الابتدائية".
وتابع: "استمريت كمعلم متطوع لأكثر من 8 سنوات، دون اعتماد أي وظيفة رسمية لي، رغم أني قدمت ملفي لجميع الجهات الحكومية على أمل أن أحصل على وظيفة أعتاش منها".
البحث عن الحب
عندما بلغ عامه الـ27، قرر محسن البحث عن شريكة لحياته المليئة بالكفاح والرغبة في الاستقرار، ولحسن القدر وفقه الله - بحسب وصفه - لزوجة شاركته بعضا من إعاقته.
يقول: ”وفقني الله بزوجة تستطيع السمع عبر سماعة الأذن، تقدمت لخطبتها من أهلها فكانوا نعم المرحبين والميسرين، فتم الزواج بتسهيل من الله، وكانت لي نعم الشريكة ونعم الزوجة الطيبة والصالحة".
واستشهد محسن بالآية القرآنية: (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)، ليشير إلى طبيعة سير الحياة والتعامل بينه وبين زوجته، وهو تعامل قائم على الحب والرحمة، بحسب إشارته.
وأردف: "كل شيء من الله.. الحب والتفاهم والألفة، الحمد لله عشنا عامنا الأول من الزواج ورزقنا الله بنتا كانت لنا الدنيا بأكملها، نسأل الله أن يعيننا على تربيتها وأن تستمر حياتنا على السعادة، وأن يصلحنا ويصلح بلادنا".
وفي ختام حديثه مع ”العين الإخبارية”، دعا محسن المجتمع إلى أن يراعوا الله في فئة الصم والبكم، وأن يكون لها نصيب في المشاركة بمجالات الحياة بشكل طبيعي، حتى تعيش بكرامة.
aXA6IDE4LjE4OC45MS4yMjMg جزيرة ام اند امز