المريخ يهزم القمر.. كتّاب السينما يتوجهون للكوكب الأحمر
هبوط الأمريكيين على القمر عام 1969 أنهى أسطورة جرم سماوي أثار مخيلة الإنسان على مدى قرون، وفتح آفاقا جديدة للكتاب والسينمائيين
سحب كوكب المريخ الأحمر البساط من القمر في مجال الأدب، وبعد أن كان الجرم التابع للأرض ملهم الشعراء وكتاب الخيال العلمي والمخرجين، جاء الكوكب الأحمر ليصبح مقصد رواد أدب المستقبل والخيال.
وكان هبوط الأمريكيين نيل أرمسترونغ وباز ألدرين على القمر في عام 1969 أنهى أسطورة جرم سماوي أثار مخيلة الإنسان على مدى قرون، وفتح آفاقا جديدة للكتاب والسينمائيين غير التي كانوا معتادين عليها، وتحول القمر من ملهم الشعراء إلى مقصد علماء الفلك والجيولوجيا وكتاب الخيال.
يقول عالم الفيزياء الفلكية جان-بيار لومينيه: "غذى القمر موطن الخيال لمدة قرون إلى حين استحال القمر واقعا"، وانسحب ذلك على الأدب والشعر والسينما، فمن العصور القديمة وصولا إلى أربعينيات القرن الماضي شكل القمر محور رحلات متخيلة تزخر بالمبالغات، فيمكن الوصول إلى القمر محمولين بموجة خلال عاصفة كما في كتاب "القصة الحقيقية" للوسيان دو ساموسات في القرن الثاني، أو بواسطة الندى في "التاريخ المضحك لدول وإمبراطوريات القمر" لسيرانو دو برجوراك (الحقيقي) في 1657، أو بمركب طائر في "مغامرات البارون مونشاوزن" في 1785.
أيضا كان في القمر شياطين، في "حلم" عالم الفلك الألماني يوهانيس كيبلر (1634)، وفطر عملاق في فيلم "الرحلة إلى القمر" الشاعري لميلييس في عام 1901، وسيلينتيون (اسم السكان المفترضين للقمر) لدى هربرت جورج ويلز في كتاب "ذي فيرست من إن ذي مون".
توضح ناتاشا فاس-ديريس، أستاذة الأدب في جامعة بوردو-مونتانيه، أنه "اعتبارا من الثلاثينيات والأربعينيات بدأ التقدم يتضح في صناعات الفضاء، وبدأ السفر إلى القمر يبدو محتملا، وتراجع موطن الخيال بشأن القمر". ويوضح جان-بيار اندروفون وهو مؤلف أعمال للخيال العلمي "تبين كذلك أن القمر جرم ميت، لا يمكن القيام بأشياء كثيرة عليه باستثناء التقدم العلمي".
وبات الإنسان يريد أن يذهب أبعد من ذلك، فراح المريخ لعله يجد هناك ضالة خياله التي قضى عليها سفر الإنسان الواقعي لأرض القمر، فكانت "ذي مارشن كرونيكلز" للأمريكي راي برادبوري، اعتبارا من الأربعينيات و"لايف أون مارس" أغنية ديفيد بووي الضاربة التي ألفها في نهاية الستينيات، والثلاثية حول المريخ لكيم ستانلي روبنسون، و"ذي مارشن" لريدلي سكوت في عام 2015.
سنة الدخول إلى الثقافة الشعبية
شكل تاريخ 20 يوليو/تموز 1969 خطوة عملاقة للبشرية، لكن هل شفى غليل المخيلة القمرية؟ تقول ناتاشا فاس-ديريس "بعد عام 1969 أصبح القمر من ضمن الثقافة الشعبية والقصص المصورة والمسلسلات التلفزيونية"، ذاكرة "كوزموس 99" (من 1975 إلى 1977) "وهو مسلسل فعلي طبع مخيلة الخيال العلمي".
واستمرت المغامرات مع جلودوراك (من 1975 إلى 1977) و"هو أقوى الروبوتات" وأول قصص مانجا تحول إلى رسوم متحركة، وأصبح القمر فيه معسكرا لمخلوقات الفضاء الخارجي ينبغي القضاء عليه، وفي حين توقف الحلم بالسفر إلى القمر بقي هذا الجسم الفلكي أرضا خصبة لبعض الكتاب.
ويشير جان-بيار أندريفون "بدأ الإنسان يحلم بقمر يسكنه البشر تحت قباب وفي قواعد مضغوطة.. والمثال الذي يخطر على كل ذهن هو الجزء القمري من فيلم "2001: ذي سبايس أوديسي" لستانلي كوبريك". وراح البعض الآخر يحلم بالجانب الخفي للقمر، مثل بينك فلويد مع "ذي دارك سايد أوف ذي مون" (1973) أكثر ألبومات الفرقة مبيعا.
ويوفر القمر إمكانية تخيل المستقبل، فالقمر ينفجر إثر تجارب عسكرية في "لا كومباني دي غلاس" (1980 إلى 2005) لجورج-جان أرنو وثمة دعوة للتفكير بالاستنساخ والذكاء الاصطناعي في "ذي مون" لدونكان جونز، وحول الاستعمار في "ذي مون إز ايه هارش ميستريس" للكاتب روبرت هاينلين.
ويشدد جان-بيار أندريفون "في الخيال العلمي مهما فعلنا وأينما توجهنا حتى في أبعد المجرات نركز على المشاكل الأرضية دائما، كالاختلاف والنزاع على السلطة والحرب والاستعمار". يضاف إلى هذه المواضيع التغير المناخي ونهاية الحضارة "بعدما أدركنا بجدية ما ينتظرنا" حسب ما يوضح الكاتب.
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز