خفض الإنجاب.. مصر نموذج مبشر لاستنساخ تجربة الصين لزيادة الاستثمارات
إنجاب عدد أقل من الأطفال يمثل بالنسبة لكثير من البلدان طريق الخروج من معضلة الديون وارتفاع معدلات الفقر وفقا لخبير اقتصادي بارز
غالبا ما تواجه البلدان النامية ومنها مصر التي تسعى إلى اتباع نموذج النمو الناجح المدفوع بالاستثمارات الذي رسمته الصين، مشكلة ارتفاع تكاليف الاقتراض المحلية التي تجعل بناء البنية التحتية باهظ الثمن.
وهذا ربما يدفع الدول إلى الاقتراض بسعر أرخص من الخارج، ما يجعلها عرضة لأزمة ديون إذا تم سحب هذه الأموال فجأة، أو بدلاً من ذلك، تظل غارقة في الفقر، وبالنسبة لكثير من البلدان، فإن الطريق للخروج من هذه المعضلة هو ببساطة إنجاب عدد أقل من الأطفال.
وبشكل عام، "الأشخاص الذين لديهم الكثير من الأطفال لا يدخرون المال"، وفقا لتحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية يستند إلى أطروحة تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين ببنك الاستثمار المتخصص في الأسواق الناشئة، "رينيسانس كابيتال".
روبرتسون قال إن "أكثر من نصف الزيادة في مدخرات الأسر الصينية منذ السبعينيات يمكن أن تعزى إلى سياسة الطفل الواحد".
وقال إنه نتيجة لذلك، كان هناك "ارتباط كبير بشكل مدهش بين معدلات الخصوبة والودائع المصرفية في الناتج المحلي الإجمالي -وهي علاقة قائمة في التسعينيات وكذلك اليوم- وعبر العديد من البلدان".
ووجد تحليل أجرته "رينيسانس كابيتال" ارتباطا بنسبة 53% بين معدل الخصوبة في البلد، ويقاس بعدد الأطفال لكل امرأة، ونسبة الودائع المصرفية إلى الناتج المحلي الإجمالي، كما هو موضح في الرسم البياني الأول.
تشبه هذه النتيجة بشكل لافت للنظر تلك التي توصلت إليها ورقة عمل لصندوق النقد الدولي نُشرت في ديسمبر/كانون الأول، وجدت أن "التحولات الديموجرافية وحدها في الصين تمثل نصف الزيادة في مدخرات الأسر، ما يوحي بأنها كانت المحرك الأهم"، حيث ارتفع معدل الادخار من 5% في الثمانينيات إلى 23% اليوم، وبمقدار 15 نقطة مئوية أعلى من المتوسط العالمي.
وتساوي ودائع البنوك الصينية 210% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 33% في كينيا، وهي بلد سوقي نموذجي في هذا الصدد.
في الواقع، ذهبت ورقة عمل بنك إنجلترا لعام 2018 إلى أبعد من ذلك، وخلصت إلى أن التغير السكاني يمكن أن يفسر ثلاثة أرباع الانخفاض البالغ 210 نقاط أساس في أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة منذ أوائل الثمانينيات.
وأضاف روبرتسون: "الحقيقة المؤسفة هي أن الدول ذات معدلات الخصوبة المرتفعة لديها أدنى حصة من الحسابات المصرفية، وأعلى معدلات الفائدة الحقيقية، وأقل معدلات الاستثمار، لذلك يصعب عليها بشكل خاص أن تبدأ عملية التطوير".
وبالنسبة للعديد من الدول الناشئة، كانت الرسالة إيجابية، حيث يشير تحليل "رينيسانس كابيتال" إلى أن أكبر قفزة في الودائع المصرفية تحدث عندما ينخفض معدل الخصوبة إلى ثلاثة.
على هذا النحو، أوضح روبرتسون أن ثمة مجالا لـ"زيادة كبيرة في الودائع المصرفية في بلدان مثل الأرجنتين والمكسيك ورومانيا وأوكرانيا، بينما ينبغي أن نتوقع أن نشهد انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع نسبة القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي في المغرب والأردن وفيتنام، ومجالا لتحول كبير نحو الإقراض العالي للقطاع الخاص في مصر".
وربما تشهد مصر، إلى جانب غانا وكينيا وباكستان، مضاعفة الودائع المصرفية إلى 60% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي على مدار العشرين عامًا المقبلة، على افتراض أن معدلات الخصوبة تستمر في الانخفاض بنحو 0.4 نقطة في العقد، كما حدث في السنوات العشر الماضية، ويحتمل أن يؤدي إلى أكثر من نصف أسعار الفائدة الحقيقية.
وتابع روبرتسون: "نتيجة لذلك، قد تصبح هذه البلدان في العقد أو العقدين المقبلين أقل اعتمادًا على التمويل الخارجي، أو تكون قادرة على الحفاظ على نمو مرتفع للغاية حيث يتم إضافة القروض التي تعمل بالوقود المحلي إلى التمويل الخارجي".
وزاد: "تبدو مصر بالفعل في وضع جيد لتمويل استثماراتها الخاصة، عندما يتوقف انخفاض الاقتراض الحكومي عن مزاحمة القطاع الخاص".
ورجح أن البلدان ذات معدلات المواليد المرتفعة، مثل إثيوبيا وساحل العاج ورواندا والسنغال وتنزانيا، لن تشهد زيادة كبيرة في الودائع المصرفية، لكن النمو المتواضع بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 30% "مقبول" خلال نفس الفترة الزمنية، التي ستكون "مفيدة ولكن ليست لعبة تغيير".
يشير هذا التحليل إلى أنه ينبغي على المستثمرين توخي الحذر من نيجيريا وأنجولا، وهما من أكبر ثلاثة اقتصادات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تبلغ معدلات الخصوبة فيها خمسة أو أكثر، وفقًا للأمم المتحدة.
واختتم روبرتسون: "بالنسبة لأنجولا ونيجيريا، سوف يستغرق الأمر 20 عامًا قبل أن تنخفض معدلات الخصوبة إلى أربعة، لذلك حتى ذلك الحين يجب ألا نتوقع زيادة كبيرة في حصة الودائع المصرفية".
aXA6IDE4LjE5MS42Mi42OCA=
جزيرة ام اند امز