فوائد كورونا في المغرب.. ترابط أسري وثقة بالمؤسسات الصحية
تقرير يرصد أن العلاقات العائلية كانت على رأس العلاقات التي عرفت تحسناً خلال هذه الفترة بنسبة 83.2%، تليها علاقات الصداقة بـ8% فقط.
ساهمت جائحة كورونا المستجد (كوفيد- 19) وما ترتب عليها من إجراءات صحية، في زيادة الترابط الأسري والاجتماعي في المغرب، كما عمّقت ثقة المواطنين في مؤسسات المملكة.
جاء ذلك في تقرير بعنوان "المغاربة و كوفيد 19.. التمثلات، المواقف والممارسات"، الصادر عن مؤسسة "منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية"، وتم إنجازه خلال الفترة ما بين 12 مايو/أيار و4 يونيو/حزيران الماضيين.
تحسن العلاقات
وبحسب التقرير البحثي، الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، فإن 57.9% من الذي خضعوا للدراسة تحسنت علاقتهم بالأفراد المحيطين بهم، وزادت علاقاتهم الاجتماعية.
في حين أن 7.3% فقط من العينة هم الأشخاص الذين أدى تفشي فيروس كورونا المستجد والخضوع للحجر الصحي إلى التأثير سلباً على علاقاتهم الاجتماعية، في حين لم يشعر 34.8% من أفراد العينة بأي تغييرات على علاقاتهم.
وأورد التقرير أن العلاقات العائلية كانت على رأس العلاقات التي عرفت تحسناً خلال هذه الفترة بنسبة 83.2%، تليها علاقات الصداقة بـ8% فقط ثم علاقات الجيران بـ8%.
وأكد التقرير أن الأسرة والعائلة ظلت الملجأ الأساسي لأفراد العينة، إذ أكد 73% أنهم يلجؤون إلى الأسرة والعائلة، موضحين أن 83% من العينة أكدوا زيادة قوة علاقاتهم بأفراد العائلة.
وتعيد مستشارة العلاقات الأسرية والمواكبة النفسية، نوال الهرنافي، ثبات العلاقات بين الأسر وتعزيزها إلى كون فترة الحجر الصحي كانت فرصة لقضاء وقت أطول بين أفراد العائلة الواحدة، وممارسة بعض الأنشطة المشتركة، مما شكل فرصة للتقارب بشكل أكبر.
وأوضحت الهرنافي لـ"العين الإخبارية"، أنه خلال فترة الحجر الصحي، جربت الأسر الكثير من الأنشطة التي لم تكن تمارسها من قبل بسبب الانشغال الكبير في العمل والدراسة، مؤكدة أن ذلك ساعد بشكل كبير على توطيد العلاقات بين الأفراد.
ولفتت إلى أن تزامن الحجر الصحي مع شهر رمضان، ساهم أيضاً في تعميق الأواصر الأسرية، خاصة أن الأسر بدأت تتعاون في إعداد الطعام، وتتقاسم أعمال المنزل بين أفرادها، بالإضافة إلى ممارسة الشعائر الدينية بشكل جماعي في المنازل.
وشددت على أنه ورغم كون إجراءات الحجر الصحي حالت دون صلة الرحم مع الأسرة الكبيرة، فإنها جعلت الأسرة الصغيرة تترابط بشكل أكبر، موضحة أنه "بقضاء الأزواج مدة أطول مع بعضهم ومع الأطفال، اكتشف الطرفان الكثير من الأشياء التي كانت مخبأة وراء انشغالات الحياة اليومية".
وأضافت: "فترة الحجر الصحي مر جزء كبير منها الآن، وستعود الحياة إلى روتينها الطبيعي قريباً، لكن يجب على الأزواج عدم التفريط في المكاسب الاجتماعية التي حصدوها طيلة فترة الحجر، من خلال تحديد مواعيد ثابتة يتفرغ فيها كُل أفراد الأسرة لبعضهم البعض، حتى تستمر الحياة وسط جو من الترابط والألفة".
ثقة في المؤسسات الصحية
وأشار التقرير إلى أن المملكة تأتي بعد العائلة على مستوى الجهات التي توطدت معها الروابط وعلاقات الثقة.
ولاحظ التقرير أن نسبة الثقة في قدرة المؤسسات الصحية على التعامل مع الوباء زادت بالمقارنة مع الفترة الأولى والفترة الثانية من البحث.
وقال التقرير إن 74% من المغاربة يثقون في المؤسسات الصحية لتطويق كورونا، مقابل 47% خلال الفترة الأولى من البحث.
وأرجعت مؤسسة "مصادر" البحثية ارتفاع هذه الثقة إلى التحكم في عدد المصابين، وظهور حالات شفاء، مع استقرار نسبة الوفيات في أقل من 3%.
ومن جهته، أوضح المحلل السياسي والبرلماني السابق عن حزب الاستقلال، عادل بنحمزة، أن التقرير يفصل بين مرحلتين، الأولى اتسمت بالشك والريبة، والثانية زادت فيها الثقة في المؤسسات الصحية.
وأكد بنحمزة لـ"العين الإخبارية" أن المرحلة الأولى اتسمت بهذا النوع من الشك، نظراً إلى أن "هذه الجائحة غير مسبوقة، كما أن المواطن المغربي كان يتابع انهيار المنظومات الصحية في عدد من الدول الغربية المتقدمة ماديا وعلميا".
وأشار إلى أن "المواطن المغربي في البداية كان على قناعة تامة بأنه من الأفضل عدم الضغط على النظام الصحي بالبلاد، الذي يُعاني أصلا بدون جائحة"، مستدركاً بالقول إن "تطور الأحداث، وما واكبها من تحكم نسبي في عدد الإصابات، وأيضاً قلة الوفيات ساهم لا محالة في زيادة ثقة المواطنين في المؤسسات الصحية".
وعلى صعيد آخر، دعا بنحمزة إلى استمرار هذا البحث، ليرصد ما بعد قرار الحكومة رفع الحجر الصحي، سواء في الفترة الأولى التي بدأت بتخفيف الإجراءات، أو في الفترة الثانية التي وسعت دائرة التخفيف، موضحاً أنه بعد "عملية التخفيف وإعادة فتح الاقتصاد، تم تسجيل ارتفاعاً في نسبة الحالات المسجلة".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا البحث تم إجراؤه في الفترة ما بين 12 مايو/أيار و4 يونيو/حزيران الماضيين إذ تم توزيع استمارة إلكترونية مكونة من 56 سؤالاً موجهة لعينة من 2392 فردا، 52%منهم ذكور، و 48% من الإناث، في حين أن 27% من المستجوبين إما أصيب أحد أقاربهم أو توفي بسبب كورونا.
وفي هذا الصدد، لفت عادل بنحمزة إلى أن أغلب المستجوبين ينتمون إلى المجال الحضري، مقابل ضعف على مستوى المنتمين للمجال القروي، خاصة أن المجال الأول يحظى بشكل عام بعرض صحي أفضل من الثاني.