عيد العرش بالمغرب.. حينما أعلنت المملكة الحسم مع الانفصال
عاشت المملكة المغربية بقيادة العاهل المغربي عاماً عنوانه الحسم مع الانفصال في قضية الصحراء، سواء على المستوى الدبلوماسي أو التنموي.
وعرفت قضية الصحراء المغربية تحولا استراتيجياً خلال العام الماضي.
بدأ هذا التحول منذ تأمين الجيش المغربي معبر الكركرات الحدودي بعد قطعه من طرف مُسلحين تابعين لجبهة البوليساريو، واستمر مع الانتصارات الدبلوماسية المتوالية، وعلى رأسها فتح عدد من القنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
تدخل سلمي
في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2020، قامت عناصر من الجيش المغربي، تحت مراقبة عناصر بعثة الأمم المتحدة في المنطقة المعروفة باسم "المينورسو"، بتدخل سلمي لإنهاء تواجد عناصر مسلحة تابعة لجبهة البوليساريو، عمدت إلى إغلاق المعبر في وجه الحركة التجارية والمدنية.
وقالت الخارجية المغربية، في بيان صدر آنذاك: "أمام الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لمليشيات البوليساريو في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية، قرر المغرب التحرك في احترام تام للسلطات المخولة له".
وقبل التدخل العسكري للمغرب، ظهر سائقو شاحنات مغربية في مجموعة من مقاطع الفيديو وهم يتحدثون عن سرقة بضائعهم وبقائهم عالقين منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2020 وسط الصحراء.
وبعد تحرك الجيش المغربي لتأمين تدفق السلع والأفراد على مستوى معبر الكركرات الحُدودي بين المغرب وموريتانيا، قامت مليشيا البوليساريو بسحب عناصرها التي كانت مُرابطة بالمكان منذ أسابيع.
وقامت العناصر التابعة للبوليساريو، وقبل فرارها بإضرام النار في الخيام التي كانوا يعتصمون بداخلها، وذلك بعد لحظات من وصول أفراد الجيش المغربي الذين انتقلوا إلى المكان بغرض تأمين حركة التنقل في النقطة الحدودية.
وكان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قد شدد على رفض المملكة "القاطع للممارسات المرفوضة؛ لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة".
وشدد على أن المغرب "سيظل، كما كان دائما، متشبثا بالمنطق والحكمة بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية".
التنمية كلمة السر
تعرف الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية بدينامية تنموية قوية، خاصة على مستوى مدينة العُيون، جوهرة الصحراء المغربية.
وتعمل المملكة المغربية، بقيادة العاهل الملك محمد السادس، على تعزيز البنيات التحتية في مختلف مدن الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وعلى سبيل المثال، تزخر مدينة العيون بنحو 216 مشروعاً تنموياً، بغلاف مالي يُناهز الـ 5 مليارات دولار أمريكي، وحسب بيانات حصلت عليها "العين الإخبارية" فإن هذه المشاريع تشمل مُختلف مجالات التنمية، من زراعة وصناعة وتجارة، بالإضافة إلى مشاريع هامة على مستوى البنيات التحتية.
كما تزخر مدينة الداخلة المغربية بمُقومات سياحية مثالية، وبنية اقتصادية تُشجع على الاستثمار، كونها أحد الأقطاب الدبلوماسية للمغرب بالإضافة إلى مدينة العيون.
وعلى صعيد آخر، وفي أعقاب تحريرها من عناصر البوليساريو التي كانت تقف في وجه حركة السير الاقتصادية والاجتماعية، أطلقت المملكة ثورة تنموية مكثفة في المنطقة.
وفي المقابل، وإلى جانب باقي المناطق التي شهدت ثورات تنموية، تأتي المنطقة التي تضم معبر الكركرات الرابط بين المغرب وموريتانيا، لتستفيد بدورها من مشاريع واعدة لتحسين بنيتها التحتية والاقتصادية.
وتعتزم المملكة المغربية إنشاء منطقتين للصناعة واللوجيستيك بالمنطقة الحدودية، إذ سيمتد المشروع الواعد على مساحة تُقدر بثلاثين هكتاراً، موزعة بالتساوي على منطقتين، الأولى لوجيستية، والثانية تجارية وصناعية، رصدت لهما استثمارات بحوالي 60 مليون درهم مغربي (1 دولار أمريكي = 8.89 درهم مغربي).
من جهة أخرى، وبتعليمات من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وضع مسؤولون محليون حجر الأساس لبناء مسجد ضخم في القرية الحدودية، والذي سيكون جاهزاً خلال 12 شهراً، إذ تُشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، ويُنتظر أن يُكلف غلافاً ماليا يُناهز 8.8 مليون درهم (نحو مليون دولار).
وسيمتد هذا المشروع على مساحة قدرها 3767 متراً مُربعاً، والذي يضم قاعتين للصلاة، واحدة للرجال وأخرى مُخصصة للنساء، بالإضافة إلى قاعات مُتعددة موجهة للوضوء، بالإضافة إلى مئذنة وسكن للإمام. والذي يُؤكد حرص المملكة على تمكين المؤمنين من أداء واجباتهم الدينية في ظروف جيدة.
حراك دبلوماسي
وبالموازاة مع الثورة التنموية الكبيرة التي تقودها المملكة المغربية بقيادة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الأقاليم الجنوبية، تشهد المنطقة حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق، مع فتح 24 دولة قنصلياتها بكل من الداخلة والعيون.
وفي هذا الصدد، كانت الإمارات العربية المتحدة من الدول السباقة لفتح قُنصلية لها بمدينة العيون، لتكون بذلك أول دولة خليجية وعربية تفتح قنصليتها بالمنطقة، في خطوة تعزز الترابط الكبير بين البلدين وقياداتهما.
وكان آخر القنصليات المفتوحة بالمنطقة، قنصلية دولة مالاوي بمدينة العيون، والتي بافتتاحها يرتفع عدد التمثيليات الدبلوماسية في الأقاليم الجنوبية للمغرب إلى 24 قنصلية، موزعة بين مدينتي العيون والداخلة.
كما كان الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، نقطة أخرى تعزز الطرح المغربي في هذا النزاع المفتعل، بالإضافة إلى تدشينها بناية قنصليتها بمدينة الداخلة جنوب البلاد.