المغرب.. قبلة الهيدروجين الأخضر الجديدة
يسابق المغرب الزمن في سباق إنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ بدأ استكشاف الفرص التي يتيحها قطاع الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته منذ 2018.
ويحتل المغرب اليوم مراتب متقدمة في مجال الهيدروجين الأخضر، حيث يأتي في المرتبة الرابعة بين الدول المرشحة عالميا لإنتاج الهيدروجين، والمغرب يأتي بعد السعودية، وتليه الإمارات والجزائر ومصر، وسلطنة عمان ثم قطر.
كما تعد المملكة المغربية من أبرز 6 دول في العالم تمتلك إمكانات ضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ما يؤهلها للاستحواذ على نسبة 4 في المائة من الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وفق تقرير مجلس الطاقة العالمي.
وخطا المغرب خطوة واسعةً توجت بتركيب أول نظام تجريبي نموذجي ينتج هذا النوع من الوقود بالبلاد، حيث أعلن معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة ابن جرير السنة الماضية ، عن الانتهاء من إرساء أول نظام تجريبي نموذجي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، في إطار مشروع "Power-to-X d'Pilot".
وحسب مسؤول بالمعهد في حديث مع "العين الإخبارية، فإن هذا النظام عبارة عن محلل كهربائي بسعة 20 كيلوواط مقترن بالألواح الشمسية الكهروضوئية، والتي سيتم اختبارها تحت حمولة متغيرة من الكهرباء المتجدد، مشددا على أن مشروع "Power-to-X d'Pilot" الذي يحتضنه مركز الطاقة الخضراء لبنجرير، بتعاون مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية.
تنافس الشركات العالمية
وحاليا يستعد المغرب لاستضافة وتشغيل أول محلل كهربائي للهيدروجين في شمال أفريقيا، خاص بشركة "فيردي هيدروجين" الأمريكية، ضمن جهود المملكة للتوسع في الاستثمارات الخضراء. وأعلنت الشركة الأمريكية عزمها الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر في المملكة المغربية، من خلال توقيع اتفاقية تطوير وتشغيل مشروع لآليات التحليل الكهربائي بقدرة 2 ميغاواط، وهو المحلل الذي يعد الأول من نوعه في شمال أفريقيا.
ووفق مصادر "موقع العين الإخبارية، من المقرر أن يكتمل المشروع، الذي وقع المغرب عقده مع الشركة الأمريكية في 30 يونيو/حزيران الماضي، لتطوير وتشغيل أول محلل كهربائي للهيدروجين في شمال إفريقيا، في أوائل العام المقبل (2024).
وذكرت المصادر نفسها، أنه بتوقيع عقد المشروع الجديد، تنضم شركة "فيردي هيدروجين" الأمريكية إلى الشركات التي تستثمر في وقود الهيدروجين بالمغرب، وتتنافس للحصول على حصة من الوقود المستقبلي، وهو ما تستهدفه المملكة لتنمية الاستثمارات العالمية في هذا المجال.
كما تم التوقيع على اتفاقية هامة مع شركة بريطانية لإنتاج الهيدروجين الأخضر مع شركة بريطانية.
وجرى توقيع الاتفاقية بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (أكبر الشركات المغربية) وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية التابعة لها اتفاقية مع الشركة البريطانية "شاريوت"، وشركة "أورت للطاقة" المتخصصة في تصنيع المحللات الكهربائية.
يشار إلى أن مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تواصل تطوير استراتيجية إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ريادة دولية متسارعة
ولمزيد من المعلومات، أوضح عبد العالي الطاهري، خبير في الطاقات المتجددة والتغير المناخي، لـ "العين الإخبارية" أنه في سياق حركية المغرب الطاقية المتسارعة والمتطورة، التي دشنها مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة سنة 2009، فهو يعتزم إنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030. وقال الطاهري، إنه لإنتاج هذه الكمية يتطلب الأمر طاقة نظيفة بقدرة 16 غيغاواط، كما يتطلب رفع الإنتاج إلى 13 مليون طن في 2040 بطاقة 80 غيغاواط، فيما يمكن زيادته إلى نحو 26 مليون طن في 2050 تقريبا في حال توفير 160 غيغاواط من الطاقات المتجددة.
وذهب المتخصص في الطاقات المتجددة، أن هذه الصفقة الاستثمارية الخاصة باستضافة وتشغيل المملكة المغربية أول محلل كهربائي للهيدروجين الأخضر على مستوى شمال أفريقيا، تأتي لتعزيز هذا التوجه نحو تحقيق المغرب انتقالا طاقيا سلسا ومتطورا، وكذلك ريادة دولية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، كل ذلك يضيف في إطار الاستجابة للاحتياجات المحلية والقارية والدولية من مادة الهيدروجين الأخضر، أو ما يصطلح عليه بـ "النفط النظيف".
توجه نحو الهيدروجين لإزالة الكربون
ومن بين المناطق المغربية، أيضا التي تعد قطبا رائدا في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مدينة كلميم (جنوب البلاد).
وفي هذا السياق، أكد مصدر مسؤول من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لـ "العين الإخبارية"، أن بجهة كلميم وادنون، تتوفر على فرص الاستثمار والمؤهلات التنافسية.
وأضاف المصدر، أن توجه المغرب نحو الهيدروجين الأخضر يهدف إزالة الكربون من سلسلته الصناعية والنقل، وبعض الصناعات التي تستهلك الطاقة بشكل كبير، على اعتبار أن الهيدروجين الأخضر بات عنصرا أساسيا في هذه العملية رغم أنه مكلف ماليا.
وبحسب المسؤول، فالمملكة المغربية توجد في وضع جيد ليكون من بين منتجي الهيدروجين الأخضر في العالم. وأكدت: "لا نمتلك فقط 400 غيغاواط من الطاقة المتجددة (الطاقة الريحية والشمسية)،ة في المناطق الجنوبية، للحصول على هذا الإنتاج من الطاقة الخضراء على نطاق واسع.
برلمانيون .. الطاقات البديلة والنظيفة خيار استراتيجي
دخل البرلمان على خط إنتاج المغرب للهيدروجين الأخضر، ويسأل الحكومة عن مآل طلبات تطويره من طرف حاملي المشاريع المغاربة والأجانب، خاصة لما لهذا المنتج من فرص لتطوير جميع القطاعات والفرص الصناعية والكهرباء والنقل.
وفي هذا الصدد قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، لـ "العين الإخبارية" إنه طرح سؤالا كتابيا وجهه إلى ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، قائلا "إن خيار الطاقات البديلة والنظيفة هو خيار استراتيجي لبلادنا، لا سيما بالنظر إلى ما نشهده من أزمة المحروقات وارتفاع الفاتورة الطاقية التي تثقل كاهل بلادنا ومواطنينا،. الأمر الذي يقتضي مواصلة وتكثيف الاهتمام بإنتاج كافة أصناف الطاقات الجديدة".
وأوضح الحموني، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كان قد أصدر رأيا فيما يتعلق بتسريع الانتقال الطاقي لوضع المغرب على مسار النمو الأخضر، يحمل رقم 2020.45. وقد تضمن توصياتٍ هامة، الهدف منها خفض نسـبة التبعيـة الطاقيـة مـن 88 فـي المائـة إلـى 35 فـي المائـة بحلـول 2040، وإلـى أقـل مـن 17 فـي المائـة بحلـول 2050، ومن بين أبرز تلك التوصيات مواكبة ثورة الهيدروجين (X–to- Power) حيث تعتبر المميزات التنافسية للمغرب كبيرة في هذا المجال الواعد.
وأضاف رئيس فريق الحزب أن برنامـج الهيدروجيـن الأخضر الـذي يتعين على بلادنا تطويـره، والتموقع الجيد في مجاله، مع ما سيرافقه من تطوير لجميع القطاعـات والفرص الصناعيـة والكهربائيـة والنقـل، سـيمكن مـن تعزيـز مكانـة المغـرب طاقيا، من خلال شراكات مثمرة، وذلك وفق تصـور يؤسس لإطلاق سـوق هيدروجيـن أخضر ونظيـف، ممـا سيسـاهم في احتلال بلادنا للريادة فـي هذا المجال، لا سيما بالنظــر لتنافســية ومؤهلات المغرب فــي ميدان الطاقــات المتجــددة، وذلك لأجل تحقيق نظـام طاقـي مسـتدام.