مغاربة العالم.. ضلع رئيسي في دعم الاقتصاد والمجتمع
بلغت وتيرة عودة المغاربة المغتربين ذروتها خلال الأيام القليلة الماضية لقضاء العطلة مع عائلاتهم بعد توقف لعامين بسبب جائحة كورونا.
وتعرف هذه العودة أيضاً، تدفقاً للعملة الصعبة سواء من خلال مصروفات المهاجرين أو عبر مساعدة عائلاتهم وكذلك الاستثمار في العديد من المجالات مما يجعلها مورداً مهماً للعملة الصعبة.
في هذا الإطار، ذكر المهدي الفقير، المستشار والخبير الاقتصادي، أن المغاربة المغتربين هم صمام أمان حقيقي سواء على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيد الاجتماعي.
احتياط مهم للعملة
وأوضح الفقير لـ"العين الإخبارية" أن تحويلات مغاربة العالم مكنت المملكة من الحفاظ على مستويات جد إيجابية وصلبة من احتياطات المغرب من النقد الأجنبي.
كما أن التكافل والتضامن، يُضيف الفقير، لدى مغاربة العالم مع إخوانهم في الوطن مكنت من الحد بشكل كبير من الآثار السلبية لأزمات كوفيد- 19، مضيفا أنه شيء يُحسب لهذه الفئة من المجتمع المغربي بالخارج.
وأشار إلى أن هذا التكافل ليس ظاهرة اقتصادية وإنما هو ظاهرة أنثروبولوجية ومجتمعية تدل على تمسك مغاربة العالم بحب وطنهم.
وأوضح أن التحويلات التي وصلت إلى 10 مليارات دولار تعد جرعة حقيقية لاقتصادي المغربي، مبرزا أنها مكنت من تعزيز صلابته وصموده في ظرف دولي دقيق وعصيب جداً.
وحث الخبير الاقتصادي مغاربة العالم على المزيد من الدعم الاقتصادي ودعم بلدهم ودعم عائلاتهم، لافتا إلى ضرورة عمل السلطات المغربية على تيسير إقامة هذه الفئات في المغرب وتبسيط الإجراءات في جميع شؤونهم.
وأكد الفقير ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية بالنظر إلى قصر فترة بقائهم في المغرب.
ودعا إلى إعطاء الأولوية لاستثمارات مغاربة الخارج في وطنهم وإحداث مقاعد تمثلهم في البرلمان المغربي، بهدف نقل كل ما يتعلق بهم للحكومة المغربية بشكل واضح.
من جهته، قال محسن بنزاكور، الأستاذ الجامعي والخبير في علم النفس الاجتماعي، إن رجوع مغاربة العالم المقيمين بالخارج بمناسبة العطلة الصيفية هو شيء ممتد تاريخياً، لأن هناك ارتباط بالجيل الأول الذي غادر نحو الخارج، على أساس التمسك بالوطن والبلدي الأصلي.
موطئ قدم مغربية
وأضاف بنزاكور لـ"العين الإخبارية" أن هؤلاء المهاجرين يحرصون على وضع موطئ قدم في المغرب من خلال شراء أرض أو شقة من أجل بقاء الصلة بينهم وبين أرض الوطن.
وأوضح أن هذا يمثلا أولا ارتباطا بأرض الوطن، وثانيا ارتباطا بالأصول، وهذا بحسبه "شيء جميل" لأنه هناك من المهاجرين من حصل على جنسية بلد الهجرة ورغم هذا حافظ على العلاقة الروحية بالبلد الأصلي.
وأضاف أنه بسبب هذا، تبقى العادة كل سنة خلال فصل الصيف، "وهي علاقة حميدة" توثق الأصول، كما تؤدي إلى اكتساب عادات اجتماعية، لافتا إلى أن الإنسان بطبعه سواء كان مقيما أو مهاجرا يحس بالانتماء من خلال العادات المتكررة.
وأبرز أن هذه الاحتفاليات والعادة تعمق هذا الإحساس بالانتماء للبلد، وبالتالي يُضيف بنزاكور، يخلق تشوقا في نفسية المتلقي.
وأشار إلى أن هذا الإحساس هو ما يدفع المهاجر عند العودة إلى بلده، لتجديد العلاقة في نوع من الروحانيات داخل الأسرة، مشيرا إلى أنه في بعض المناسبات تتجدد العديد من الأعراف والاحتفالات التي ينتظرها حتى الوصول إلى هذه الفترة من العام.
كما أبرز الخبير النفسي أن المغتربين متمسكون بالأرض المغربية (التراب ورائحة أرض الوطن والماء)، حيث يأتون إلى المدن والقرى المختلفة الشيء الذي له دلالته الخاصة.
وأوضح أن هذه الأرض (حسب التصور المغربي)، أصبحت مفهوما معترفا به على المستوى اللساني الفرنسي مثلا، وهذه كلها معايير تؤكد هذه العلاقة والارتباط الاجتماعي والذي لا يكسره طول المسافات ويبقيه مستمرا رغم التحولات التي تطرأ على عدة مجتمعات.
في الإطار، يؤكد الخبير النفسي أنه من خلال جولات في عدة دول غربية لاحظ أن المغاربة متشبثون بالمغرب من خلال إحضارهم للأثاث المغربي وكؤوس الشاي والطاولة وكذا الملابس وطرق العيش وهو ما يعكس حسب المتحدث نفسه التعلق الكبير بالأرض المغربية وتراثها وثقافتها.
وكان مكتب الصرف المغربي، أفاد بأن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تجاوزت 30,56 مليار درهم حتى نهاية أبريل/ نيسان 2022، مقابل 29,03 مليار درهم في العام الماضي.
وأوضح المكتب، في نشرته الأخيرة الخاصة بالمؤشرات الشهرية للتجارة الخارجية، أن هذه التحويلات سجلت ارتفاعا بـ5,3 في المائة، أي 1,52 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.