المغرب وإسرائيل.. محطات وازنة تشيد مسارا واعدا من العلاقات
العلاقات المغربية الإسرائيلية تأخذ منحنى تصاعدياً عبر محطات متسارعة تُشيد مسارا واعدا من التعاون الدبلوماسي القوي بين البلدين.
وتمضي العلاقات المغربية الإسرائيلية في منحنى تطور متسارع، ابتداء من توقيع الاتفاق الثلاثي نهاية العام الماضي، مروراً بافتتاح الخط الجوي المباشر بين البلدين، ووصولاً إلى الافتتاح الرسمي لمكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، واستشرافاً لعلاقات أكثر متانة برفع التمثيلية الدبلوماسية لتصل إلى فتح قنصليات.
الله يبارك في عمر سيدي
في الثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، حل مئير بن شبات، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، السابق، وجاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، بالعاصمة المغربية الرباط على رأس وفدين رفيعين، إسرائيلي وأمريكي.
مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حين لقائه بالعاهل المغربي الملك محمد السادس، انحنى ثلاثا أمامه، وحياه كأي مغربي وفي لقيادة بلده، قائلا: "الله يبارك في عمر سيدي".
لم يكن المشهد عادياً حيث تجاوز البروتوكول الرسمي والتقاليد الدبلوماسية، ليرقى إلى لقاء بين أب وابنه، ليصبح عنواناً بارزاً لصفحة ناصعة في التاريخ، كُتبت بمداد من السلام وصلة الرحم.
وخلال هذه الزيارة التاريخية، وقع المغرب ودولة إسرائيل، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقاً ثلاثياً، يتم بموجبه استئناف العلاقات الثنائية بين البلدين، وفتح خط جوي مباشر، بالإضافة إلى اتفاقيات ثنائية أخرى متعددة المجالات.
لقاء قريب
وفي رسالة وجهها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، عبر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، عن أمله في لقاء قريب يجمعه بالملك محمد السادس.
وعبر هرتسوغ، في رسالة حملها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى نظيره المغربي ناصر بوريطة، قصد تبليغها للملك محمد السادس، عن تقديره لقرار الملك بإقامة علاقات دبلوماسية وسلمية وودية كاملة بين المغرب وإسرائيل".
وأكد التزامه بتعميق قوة العلاقة بين البلدين، مُتمنيا اتساعها وازدهارها بمرور الوقت.
ونوه بالعلاقات الطويلة والتاريخية للبلدين، مُقدراً التزام العائلة الملكية في المغرب بضمان سلامة وأمن اليهود المستقرين فيها على مر السنين.
كما أعرب الرئيس الإسرائيلي عن تقديره للتعاون الواسع والناجح بين البلدين على العديد من المستويات، سواء الدبلوماسية والأمن والشؤون الاقتصادية والثقافة والسياحة والطب والزراعة.
وأضاف: "نأمل في مواصلة الجهود لتعزيز وتوسيع هذا التعاون خلال السنوات القادمة بما يعود بالفائدة على بلدينا".
مكتبا اتصال وخطوط مباشرة
وفي فبراير/شباط المنصرم، تبادل البلدان رئيسي مكتبي الاتصال، إذ عينت المملكة المغربية الدبلوماسي عبد الرحيم بيوض، الذي سبق أن كان مستشارا في السفارة المغربية في واشنطن بالتسعينيات، حيث كان مكلفا بالعلاقات مع الكونجرس والشؤون القنصلية.
بيوض عمل بعد ذلك في ديوان وزير الخارجية، قبل أن ينتقل إلى لندن لافتتاح القنصلية العامة بها، ومنها انتقل إلى نيويورك لشغل منصب قنصل عام، ثم عين قنصلا عاما في أمستردام، قبل أن يعين من جديد قنصلا عاما في لندن.
في المقابل، عينت دولة إسرائيل السفير ديفيد غوفرين، رئيساً لمكتب الاتصال في المغرب، وهو كان سفيراً سابقا في القاهرة.
كما تولى في تسعينيات القرن الماضي منصب السكرتير الأول في السفارة الإسرائيلية لدى مصر، وهو حائز على شهادة الدكتوراه في فلسفة وتاريخ الشرق الأوسط من جامعة إسرائيل.
وشغل المسؤول الإسرائيلي مناصب عدة تخص شؤون الشرق الأوسط، حيث شغل مؤخراً منصب رئيس قسم شمال أفريقيا والأردن التابع لوزارة خارجية إسرائيل، كما أنه عمل في السفارة الإسرائيلية بنيويورك.
ونهاية الشهر الماضي، وصلت أول طائرة سياحية قادمة من إسرائيل، والتي اعتبرت شارة انطلاقة للخط الجوي المباشر بين البلدين.
وحظيت الطائرة الإسرائيلية التي حطت بمطار مراكش المنارة، باستقبال حافل من لدن المغاربة سواء المسلمين أو اليهود.
وتعتبر "إسرإير" أول شركة طيران إسرائيلية تقوم بتشغيل رحلات تجارية إلى المغرب، إذ أعلنت في وقت سابق أنها ستسير رحلات جوية من تل أبيب إلى مراكش الشهر الجاري، عبر رحلات تستغرق ست ساعات، وستكون خمس مرات في الأسبوع.
ومع الإقبال الكبير الذي شهدته هذه الرحلات المباشرة، من المنتظر أن تربط الخطوط الجديدة التي تُسيرها كل من الخطوط الملكية المغربية والعربية للطيران والمزمع إطلاقها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كُلا من مدن مراكش والدار البيضاء بإسرائيل.
زيارة تاريخية
وتكلل مسار العلاقة الوثيقة بين البلدين، بالزيارة التاريخية لوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب في اليومين الأخيرين، وهي الزيارة التي شكلت دفعة قوية لتسريع المسار الإيجابي للعلاقات بين البلدين.
ووقع وزيرا خارجية البلدين، ثلاث اتفاقيات تهم مجالات السياسة والثقافة والسياحة بالإضافة إلى الشباب.
ووقع الطرفان مذكرة تفاهم لإحداث آلية للتشاور السياسي بين البلدين، والتي تهدف إلى المساهمة في تعميق وتقوية العلاقات المتعددة الأوجه والتعاون بين البلديــن.
كما وقع الوزيران اتفاقا خاصا بالتعاون في مجال الثقافة والرياضة والشباب بين حكومتي المغرب وإسرائيل، أما الاتفاق الثالث، فيركز على تعزيز الخدمات الجوية بين البلدين.
وكان ختام الزيارة بإعلان الوزير الإسرائيلي يائير لابيد عن اتفاقه مع نظيره المغربي على الرفع من تمثيلية البلدين الدبلوماسية وتطويرها لترقى إلى فتح سفارتين خلال الشهرين المقبلين، وعدم الاكتفاء بمكتبي الاتصال الموجودين حالياً.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuNjkg
جزيرة ام اند امز