كأس العالم 2022.. قصة قدم ويد وعقل عبروا البحر والمحيط لصناعة إنجاز المغرب
لم يكن أشد المتفاءلين في المغرب يمني نفسه بوصول المنتخب الوطني إلى أبعد من دور الـ16 في بطولة كأس العالم قطر 2022.
لكن منتخب المغرب فجر مفاجآت مدوية في مونديال قطر، بداية من دور المجموعات حتى وصوله إلى ربع النهائي.
أسود الأطلس عبرو الدور الأول ببراعة بعدما احتلوا صدارة المجموعة السادسة برصيد 7 نقاط، على حساب كرواتيا وبلجيكا وكندا.
وصول المغرب إلى دور الـ16 صاحبه تأهل منتخب إسبانيا في الجهة المقابلة، ليصبح رجال المدرب وليد الركراكي على موعد ناري مع بطل العالم في 2010.
وتواصلت المفاجآت المغربية بنجاح رفاق حكيم زياش وأشرف حكيمي، في إجبار الماتادور على التعادل السلبي طوال 4 أشواط، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح.
عابر للمحيط
المثير في قائمة منتخب المغرب أن هناك عدد من عناصر الفريق، سواء من اللاعبين أو الطاقم الفني، لم يولدوا في الأراضي المغربية.
ورغم حمل بعضهم لجنسيات أخرى، إلا أنهم اختاروا تمثيل بلدهم الأم، ليرتدوا قميص أسود الأطلس في المحفل الدولي الكبير.
البداية عند الحارس المميز ياسين بونو، المولود في مونتريال بكندا عام 1991، لأب وأم مغربيين، لكنه عبر المحيط الأطلسي عائدا للوطن في سن مبكرة، وبدأ رحلته الاحترافية في بلاده بقميص الوداد.
بعد ذلك رحل بونو إلى أوروبا، لينضم إلى رديف أتلتيكو مدريد الإسباني، لتبدأ الرحلة نحو العالمية، وبالتحديد من بوابة إشبيلية، الذي يلعب له الآن.
ولعب بونو دور البطولة في التأهل التاريخي للمغرب لدور الـ8، ليصبح أول منتخب عربي يبلغ هذا الدور في كأس العالم على الإطلاق.
ياسين بونو لم يكتف بالصمود أمام الهجوم الإسباني على مدار 120 دقيقة، بل امتد تألقه لركلات الترجيح عبر تصديه لركلتين وإغلاق مرماه في واحدة، أجبرت بابلو سارابيا على تسديد الكرة في القائم.
يد بونو ساعدت لاعبي المغرب على تسديد ركلاتهم بأريحية، رغم إهدار أحدهم، ليؤمن فوز فريقه 3-0 بركلات الترجيح.
عبرا البحر المتوسط
الظهير المميز أشرف حكيمي يعد أحد ركائز المغرب الأساسية، نظرا لقدراته العالية وخبراته في الملاعب الأوروبية، إذ يلعب حاليا ضمن صفوف باريس سان جيرمان الفرنسي.
صاحب الـ24 عاما أحد مواليد العاصمة الإسبانية "مدريد" عام 1998، وقد أمضى مسيرته الاحترافية في الملاعب الأوروبية دون أن يلعب لأي من الفرق المغربية.
ورغم قدرته على اللعب لمنتخب إسبانيا، إلا أن حكيمي انحاز لجذوره وبلد والديه المغربيين، ليقرر عبور البحر المتوسط عائدا للبلاد، لارتداء قميص الأسود لأول مرة عام 2016.
وإلى جانب تميزه الدفاعي والهجومي في الكثير من المباريات، آخرها أمام إسبانيا، إلا أن حكيمي كان له دورا أيضا في ركلات الترجيح.
وبينما كان الجميع على أعصابه من شدة التوتر لحظة تنفيذ حكيمي للركلة الأخيرة، كان الظهير المغربي أكثر هدوء وبرودة أعصاب.
لم يتأثر حكيمي بالضغط وقرر مفاجأة الحارس الإسباني أوناي سيمون بركلة على طريقة "بانينكا"، نجحت في عبور خط المرمى وإصابة الشباك، لتعلن عن تأهل مغربي تاريخي.
ولم تكن كتيبة المغرب ستحقق هذا الإنجاز العربي في المونديال بدون عقل المخطط الأول للفريق ومديره الفني وليد الركراكي.
صاحب الـ47 عاما أصبح أول مدرب عربي وأفريقي يصل إلى دور الـ8 في تاريخ كأس العالم.
لكن الركراكي أحد المغاربة المولودين أيضا خارج البلاد، وبالتحديد في فرنسا عام 1975، قبل أن يبدأ مسيرته الاحترافية كلاعب هناك، ليقضي جُل حياته في أراضي القارة العجوز.
ولم ينس الركراكي بلاده رغم مولده ونشأته في فرنسا، ليعبر البحر المتوسط عائدا إلى دياره، لتمثيل المغرب بين عامي 2001 و2009.
كما بدأ الركراكي مسيرته التدريبية مع الفتح الرباطي عام 2014، حتى وصل إلى قيادة منتخب المغرب في أغسطس/ آب الماضي.
وقاد المدرب المغربي، الفرنسي المولد، كتيبة أسود الأطلس لمفاجآت تلو أخرى في كأس العالم، جعلت الفريق صاحب أفضل دفاع في البطولة حتى الآن باستقباله هدف وحيد.